الطريق نحوَ الفناء!

الحصار الذي نعاني منه في أيامنا هذه، أبعد ما يكون عن الحصار الاقتصادي والعسكري، لأنّه ببساطة يخاطب الجانب النفسي ويمتص ضوءه..

بنفس طويل أطول من صرخة حَلق الأيام الطاعنة في التيه وبأصابع لا تعرف الطريق إلى الموت يجابه سكان هذا الكوكب الكوارث المتتالية التي تنهال عليه بفعل البشر أم بفعل الحجر لا أحد يعترف ولكنّ الأذيّة واحدة!

يمكننا أن نتخيل غرفاً يجتمع فيها رجال ببزات سوداء ولا ملامح تميزهم، خليط من العرق الأبيض والأسمر والأصفر والأسود، بينما تحيط بهم شاشات ضخمة تبث مباشرة ما يحدث في أرجاء العالم، من حروب وقتل وصراعات وكراهية. العالم بالنسبة لهم ليس سوى شركة خاصة، يحكمونه بما يتناسب مع أرباحهم بوصفهم المالكين، أمّا هذا الكوكب، فليذهب إلى الجحيم بكل ما فيه، طالما لا يقترب من الغرف التي يجلسون فيها!

غابات الأمازون تحترق بكثافة مرعبة، وحيوانات هذه الغابة أتلف الخوف قلوبها. مشاهد على الشاشات لمجموعة من نمور وفهود الأمازون تلتف على بعضها البعض والخوف ينهكها. ناهيك عن حيوانات متنوّعة تنظر بحزن مهيب إلى الغابات المحترقة والأشجار التي أصبحت فحماً، هل تتخيّلون ما الذي يمكن أن يحلّ بها بعد احتراق موطنها! راقبوا الصور التي ملأت الميديا العالمية، والتي عرضت القرود والطيور وأنواع كثيرة لساكني الغابة.

رئة العالم في طريقها نحو الفناء! يبدو أنّ كوكب الأرض برمته في طريقه نحو الفناء وليس فقط غابات الأمازون. الاحتباس الحراري الذي يتصاعد عاماً بعد عام. الصراعات السياسية والاقتصادية واستعراض القوة واختراع المزيد من الأسلحة والتبجح بالقوى العسكرية جميعها مؤشرات تؤكد أنّ الفناء بات قريباً لكوبنا الجميل!

كأنما يجلس هناك على حافة الجبل حفّار قبور لا يترك الفرصة دون أن يشفي غليله ويستميت في الدعاء لسكان الأرض بالإبادة!

هناك إعلان عن نوع جديد من الهواتف الذكيّة، يقول الإعلان الذي كتب باللغة الإنجليزية بما معناه «كن مواطناً من مواطني العالم» طبعاً. أليس بالجدير ذكره أن يخصص إعلان ويكتب عليه بالخط العريض «هذا كوكبك حافظ عليه»! ماذا سنفعل بالهواتف الذكيّة إن لم يكن لنا كوكب يحتوينا ونحتويه!

كوكبنا الذي كانت تكسوه حلّة خضراء تتيه بسحرها. أشجار من كافة الأصناف أضفت على الأرض طابعاً سندسياً بهياً، ها هو اليوم يكتسيه السواد سواء أكان مقصوداً أم غير مقصود، يسلك طريق الفناء دون رادع يردعه عن فعل.

صباح برجس العلي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى