نتنياهو إنضبَّ… لكنه بقي على «إجر ونص»
محمود هزيمة
يستطيع بنيامين نتنياهو أن يعلن الحرب على لبنان ساعة يشاء متسلحاً بإدارة أميركية تسير معه على الأشواك لنيل مبتغاه، مع مواقف عربية تجاهر العداء للمقاومة ومستعدة هي الأخرى لدفع ما يتوجب من فاتورة الكراهية لإيران.
يقف بيبي اليوم عاجزاً عن الحركة كمن أدخل نفسه في وكر دبابيرٍ غير مرئي باحثاً عن مخرجٍ يقيه اللسعات القاتلة، فإنْ ضرب وقتل هاجمته بقية الدبابير، وإنْ ابتلع ما جرى تورّم جسده وخسر الانتخابات في كيانه الغاصب، ولن يستطيع تجنّب المحاسبة المنتظرة على خلفية ملفات الفساد التي تطاله وزوجته.
انتهاء المستقبل السياسي لنتنياهو هي مسألة حتمية، بدليل أنّ الخطوة المتسرّعة في إرسال المسيّرات إلى الضاحية والحشد الشعبي العراقي وقتل عنصرين من حزب الله في سورية هو نتيجة القفز الأهوج لنقل المعركة المتشعّبة من الداخل الإسرائيلي إلى خارج الحدود ودفعه ثمناً لا يُقاس بما دفعه سلفه أولمرت بعد حرب تموز.
كرّس نتنياهو من حيث لا يدري الخطوط الحمراء مع محور المقاومة، خصوصاً الجبهة اللبنانية، أما التهديدات التي أطلقت فما هي إلا حلاوة روح حيث إنّ المسؤولين اللبنانيين اتخذوا موقفاً موحداً ضدّ ما قامت به إسرائيل في الضاحية الجنوبية، وهو أمرٌ نادر الحدوث بتلك القوة، وبالتالي أعطى دفعاً للمقاومة ورفداً لإنجازاتها المغيّبة عمداً من قبل بعض الأطراف اللبنانية، وتكريس معادلة جديدة تعتمد على المحاسبة تجاه أيّ اعتداء في المستقبل.
لقد كان ردّ المقاومة درساً قاسياً في مفاهيم عدة، سياسية وعسكرية ومخابراتية وأخلاقية وتنسيقية… وإذا ابتعدنا عن المبالغة نستطيع القول إنّ هذا الردّ وبهذه الحرفية وهذا الهدوء والتأني والتنسيق بين المقاومين في أوْج استنفار أجهزة العدو كافة يغلق الباب على احتمال مقارنة أيّ عمل عسكري قادم للمقاومة بما جرى في حرب تموز العام 2006.
يومها كانت المقاومة في موقع الدفاع عن النفس، أما اليوم فهي في موقع الجهوزية التامة والهجوم ليس عبر الخط الأزرق فحسب بل خلف خطوط العدو، وهو ما ثبتته المشاهد التي بثها الإعلام الحربي في المقاومة.
نتنياهو اليوم يلعب بالنار التي لم يتبقّ له سواها لعله يبعد شبح السجن عنه، لذا سيبقى واقفاً على إجر ونص حتى إغلاق صناديق الاقتراع في كيانه الغاصب.