«مثل الظلّ الذي يرحل» رواية جديدة لأنطونيو مولينا عن مقتل مارتن لوثر كينغ
تصدر قريباً رواية الكاتب الإسباني أنطونيو مونيوث مولينا الجديدة «مثل الظل الذي يرحل» وتتناول موت مارتن لوثر كينغ وحياة قاتله جيمس إرل راي.
يقول مولينا أوبيدا، 1956 إنه طالما لا يكتب في الصحراء ولا داخل ثلاجة فالحياة تأكل أرضه السردية مثل البكتيريا وتفرض نفسها أكثر في رواياته، وروايته الجديدة أصابتها عدوى فيروس حياته نفسها، فهي قصة اغتيال مارتن لوثر وقاتله، لكن لأجلها احتاج إلى الغوص التوراتي بقوانينه كافة، وقام برحلة إلى ممفيس وأخرى إلى لشبونة، وأمضى ساعات على الإنترنت.
ميزة أن تكون صاحب سيرة أدبية عريضة جداً ومؤثرة مثل سيرة مونيوث مولينا 30 سنة من الكتابة و25 كتاباً وأن تكون لك علامة بحضورك المعتاد في الصحافة، هي أنك لا تحتاج إلى شرح النبرة الرتيبة والمنطق الذي يطبعه الكاتب على كل ما يقوله، من بساطة ووضوح يتكلم بهما، وبصيرة هادئة.
في ما يأتي حوار صحيفة «إلكولتورال» الإسبانيّة مع مولينا:
متى ولماذا بدأت تحدس أن حياة لوثر كينغ، خاصةً حادثة مقتله، ستكون مادة روايتك الجديدة؟
– غالباً ما أبهرتني حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، إذ لها علاقة كبيرة بقناعاتي السياسية الخاصة، وبفكرتي عن كيف يتغيّر العالم وذلك كلّه، لكن منذ خمس سنوات، وبعد قراءتي كتاباً حول اغتيال كينغ، اصطدمت فجأة بمقطع يحكي فيه المؤلف أن راي، القاتل، عاش عشرة أيام في لشبونة. فاجأني كثيراً، وأثار عاطفتي هذا الاتصال الغريب بلشبونة، وكتبت مقالاً عن ذلك، خاصةً من أين تأتي الكتب، فمنذ البداية فكرت في أن ثمة قصة جيدة تسكن هناك. رأيت مرور 26 عاماً ، ورأيت فجأة قوس الحياة، وليس الحياة فحسب بل أيضاً قوساً إبداعياً أدبياً، فقبل 26 عاماً كتبت «الشتاء في لشبونة»، الرواية التي غيرت حياتي. وبدأت الدائرة في الاتغلاق، وبدأت الأفكار تتقاطع، ورأيت بوضوح أنني يجب أن أكتب «مثل الظل الذي يرحل»، فالروايات عادةً لا تخرج من فكرة واحدة. دائماً ثمة نوع من انصهار العلامات يتقاطع».
ثمة فصل في الرواية ما قبل الأخير ، لم يخطط له الكاتب حتى زار ممفيس. فصل مكتوب، بحسب المؤلف، من وجهة نظر لوثر كينغ ليغوص ما أمكن في وعيه، بالإضافة إلى الاستماع إلى خطابه، وليفعل ذلك اضطر إلى التركيز في الكتاب المقدس. يوضح مولينا: «لا يمكن فصل عالم لوثر عن الكتاب المقدس، فالحقوق المدنية متشربة من اللغة التوراتية، بالمجازات التوراتية والأشياء المرئية من خلال الفيلتر السردي بالتوراة. في خطابه الأخير، قبل اغتياله بأيام، يتحدث عن خطبة الجبل وما يفعله في الحقيقة هو الاتكاء على سفر التثنية، عندما يتحدث الله لموسى عن الأرض المقدسة التي لم يعرفها البتة. وفي النهاية، كنت أحدس أنني يجب أن أعثر على عنوان يخرج من التوراة، ولدى قراءتي للمزامير، وهي أمر هائل، اصطدمت بهذه العبارة:»أيامي مثل ظل يرحل ومثل عشب جف»، وعرفت أنني عثرت على العنوان. بعد الانتهاء من قراءة «مثل ظل يرحل» سنعرف كل شيء تقريباً عن القاتل راي. سنعرف أن رائحته مزيل عرق وفوّاح، وأنه ينام كثيراً، وأنه يقرأ الجرائد يومياً وأسبوعية «نيوزويك»، بالإضافة إلى كثير من الكتب، أنه كان نسّاءً، وكتب أكثر من 400 خطاب من السجن لا تزال محفوظة في أرشيف جامعة بوسطن، وأنه كتب أثناء سجنه سيرتين ذاتيتين. كل التعايش مع القاتل أثار في الكاتب رغبة التعرف إليه أكثر، بما في ذلك كيف يفكر وبما يحلم.
لكن هل غيرت شعورك حياله؟ هل استوعبته وغفرت له؟
ـ كلا، ليس علينا أن نبذل جهداً لرؤية الناس من وجهة نظرهم، وبفضل التوثيق نعرف أنه كان شخصاً ذا حياة مرعبة منذ مولده. يقال إن استيعاب كل شيء يعني مغفرة كل شيء. لكن لا أعتقد أنني لم أغفر له، فهو ارتكب خطيئة العنصرية الأصلية التي تبدو لي فظيعة. كان راي ينتمي إلى مجموعة هائلة تسمى في أميركا بـ»القمامة البيضاء»، وهي مجموعة من البؤساء البيض الذين يكرّسون حياتهم للتعالي على الزنوج.