قمة أستانا: لا حماية للإرهاب
حميدي العبدالله
كثير من التوقعات عشية انعقاد قمة أستانا في تركيا التي جمعت رؤساء روسيا وإيران وتركيا ذهبت إلى القول إنّ مكان انعقاد القمة وتوقيتها يدفعان إلى أن يكون الهدف الرئيسي لهذه القمة حماية إرهابيّي إدلب من العملية العسكرية التي نفذ الجيش السوري مرحلتين من مراحلها، الأولى كانت عند تحرير قلعة المضيق – كفر نبودة، وهذه المناطق كانت معاقل أساسية للإرهابيّين في ريف حماة الشمالي، والمرحلة الثانية عندما حرّر الجيش العربي السوري مناطق مورك واللطامنة وخان شيخون والهبيط وعدداً غير قليل من البلدات والقرى من ريفي حماة وإدلب، ووجه ضربة قوية للإرهاب، ولا تزال تردّدات زلزالها مستمرّة من خلال تبادل الجماعات الإرهابية الاتهام بالخيانة.
وفعلاً أوحت تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عشية انعقاد القمة، أنّ المسألة الأساسية على جدول أعمال القمة هي وقف العملية العسكرية بذريعة خوف أنقرة من تداعياتها لا سيما نزوح آلاف السوريين إلى داخل تركيا.
وفي ردّ مسبق وقبل انعقاد القمة بادرت سورية وبدعم وتفاهم مع روسيا إلى سحب ذريعة أردوغان بشأن النزوح المزعوم المحتمل جراء العمليات العسكرية في إدلب، فقرّرت فتح معبرين لتسهيل انتقال سكان إدلب إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة السورية بدلاً من النزوح إلى تركيا، أيّ نزعت الذريعة الأساسية التي كان يمكن أن تشكل حجة أردوغان القوية في القمة لتبرير طلبه وقف العملية العسكرية ضدّ الإرهابيين، فإذا كانت الخشية من أن تؤدّي هذه العملية إلى نزوح السوريين إلى تركيا، فإنّ الدولة السورية اتخذت كافة الترتيبات وبضمانة روسية لانتقال النازحين من إدلب إلى مناطق إدلب المحرّرة من الإرهاب. وكانت هذه أول ضربة أجهضت ما كان يسعى إليه أردوغان من وراء عقد القمة واستضافتها في تركيا.
أما بالنسبة لحماية الإرهابيين فإنّ مواقف شركاء الرئيس التركي في القمة كانت في غاية الوضوح بأن لا تهاون ولا هدنة مع الإرهاب، وهي مواقف دائمة وثابتة بالنسبة لإيران وروسيا وكانت حاضرة في جميع البيانات التي صدرت عن كلّ القمم التي عقدتها دول أستانا، حيث كان حرص دائم وواضح على أنّ وقف إطلاق النار لا يشمل الجماعات الإرهابية وطالما أنّ المساحة الأكبر من محافظة إدلب، تحت سيطرة الجماعات الإرهابية، وتحديداً جبهة النصرة، وهي سيطرة صريحة وغير مموّهة، فلا وقف لإطلاق النار مع هذه الجماعات.
هذا الموقف أعاد التأكيد عليه الرئيس الروسي في القمة بحضور الرئيس التركي، حيث قال حرفياً «ينبغي أن نقوم بتحركات إضافية لاستئصال خطر الإرهاب في إدلب». القيام بتحركات إضافية يعني تصعيد المعركة العسكرية ضدّ الإرهاب وليس وقفها أو الحدّ منها كما كان يطالب الرئيس التركي. وأضاف «روسيا ستواصل تقديم الدعم للجيش السوري في عملية القضاء على الإرهاب في إدلب».
وأمام وضوح مواقف شركاء أردوغان في القمة، لا سيما الموقف الروسي، لم يعد أمام الرئيس التركي من خيار سوى الإقرار بأنّ القمة اتفقت على عدم استهداف المدنيين وحماية النقاط التركية، وأصلاً هذه أمور محسومة بالأساس بالنسبة للدولة السورية وروسيا والدليل مصير نقطة المراقبة التركية في مورك، أما المدنيين فسورية الدولة والجيش أحرص عليهم من أيّ جهة ثانية بما في ذلك تركيا التي تطارد النازحين في شوارع مدنها وتسعى إلى إعادتهم بالقوة إلى مناطق سيطرة الإرهابيين.