الأسعد لـ «البناء»: جرائم العميل عامر الفاخوري مستمرة ولم تسقط بمرور الزمن وما تتمّ محاكمته اليوم هو مفهوم العمالة وليس فقط الوقائع الجرمية المتمادية
رمزي عبد الخالق
أكد وكيل الأسرى المحرّرين من السجون والمعتقلات الصهيونية المحامي معن الأسعد أنّ ما حدث في المحكمة العسكرية يوم الثلاثاء الفائت لم يكن مفاجئاً، حيث ما ان وصلنا حتى رأينا العميل عامر الياس الفاخوري مُساقاً إلى قاضية التحقيق الرئيسة نجاة أبو شقرا، وقد وقف ووجهه إلى الحائط وهو ينتظر دوره بكلّ وقاحة. وعندما استجوبَته القاضية كان معه محام لبناني لكنه قال إنه لا يريد المحامي اللبناني بل يريد محاميته الأميركية.
وفي حديث لـ «البناء» قال المحامي الأسعد: المفاجأة كانت بقدوم وفد من السفارة الأميركية قوامه أربعة أشخاص دخل اثنان منهم ليستأذنا الرئيسة نجاة أبو شقرا بدخول المحامية الأميركية ومعها أحد المستشارين، وبالطبع كان لنا موقف في هذا الموضوع وأكدنا أننا لا نسمح أبداً بدخول الأميركيين لأسباب عدة، لأنّ الأمر يتعلق بسيادة الدولة، وفي الوقت نفسه لا يملك هؤلاء التراخيص والوثائق اللازمة من نقابة المحامين في بيروت. وقد استمهل العميل الفاخوري لكي يُسمَح لمحاميته الأميركية بالحضور ما يعني أنّ على هذه المحامية أن تتقدّم بطلب إلى نقيب المحامين وهو الذي يقرّر السماح أو عدم السماح لها بالحضور مع العميل، خصوصاً أن ليس هناك ورقة تفاهم بين لبنان والولايات المتحدة في هذا المجال، وبالتالي يجب أن تكون المعاملة بالمثل.
وتابع الأسعد: بالنسبة إليّ فقد توجّست من هذا الأمر ولم أستطع أن أتحدّث بخصوص هذا الموضوع بشكل مباشر أمام المحكمة العسكرية لعدم إثارة الرأي العام، خاصة في ظلّ الاحتقان الكبير والغضب الكامن في نفوس الأسرى وعائلاتهم، وكذلك عائلات الشهداء، وقد أخبرتهم بأنّ الأمور تسير بشكل جيد وتمّ إصدار مذكرة توقيف في حقّ العميل كما توقّعت. لكنني أريد من خلالكم أن أطرح الأسئلة التالية: ما نفع حضور محامية أميركية مع العميل، فالقانون الأميركي أنجلوساكسوني ويختلف كلياً عن القانون الفرنسي المعتمد في لبنان، أكان على صعيد أصول المحاكمات أو من حيث الإجراءات، وعندما يتمّ توقيف شخص معيّن في بلد ما يُطلب منه أن يوكل محامياً من البلد الذي أوقف فيه، ولذلك أنا أعتبر أنّ توكيل محامية أميركية لتدافع عن هذا الجزار هو بمثابة رفع للمواجهة السياسية والدبلوماسية مع لبنان، وهي مواجهة قائمة أصلاً وتتزايد يوماً بعد يوم، سواء بالعقوبات أو بالمحكمة الدولية أو بالأساطيل… كلّ هذا لا يهمّ طبعاً، والواضح بالنسبة لنا أنهم إذا كانوا يستطيعون مواجهتنا في القانون فأهلاً بهم وبدلاً من أن نواجه الوكيل نواجه الأصيل.
لن يحصل خير…
لذلك في هذا الموضوع لن يحصل خيراً. أنا اضطررت أن أهدّئ الأسرى وعائلاتهم وعائلات الشهداء بكلامي أمام الإعلام، ولكن صدرت مذكرة التوقيف وحتى الآن لم يظهر أيّ تطوُّر، لكن الواضح أنّ الأميركي ذاهب نحو التصعيد في هذا الملف. الموعد المقبل لجلسة الاستجواب ستحدّده القاضية أبو شقرا وسنتبلغه خلال يوم أو يومين، حتى من دون وجود المحامية الأميركية للعميل الفاخوري.
ما كسبناه في هذا الموضوع أنّ الإخبارات التي تقدّمنا بها للنيابة العامة التمييزية قد وصلت إلى المحكمة العسكرية، وقد تمّ توقيف العميل الفاخوري استناداً إلى توقيفه الأوّلي. كان هناك من يظنّ أنّ توقيفه تمّ بموجب مذكرة توقيف، لكنّ الحقيقة أنّ توقيفه جاء بناء لإشارة المدّعي العام، وقد صدرت مذكرة التوقيف ولم يعد في الإمكان تركه إلا بإخلاء سبيل، وهذا إجراء يأخذ وقتاً.
وقال الأسعد: الإخبار قدّمتُه باسم تسع أسرى محرّرين، بصفتهم أسرى محرّرين وبصفتهم مواطنين لبنانيين، أما بالنسبة إلى المُخبَر عنهم فإنني لم أحصرهم بالعميل الجزّار عامر الفاخوري بل إنّ ورقة 303 التي سُحبت وسُرّبت تضمّنت 49 اسماً لعملاء آخرين وقد وضعتهم جميعاً كمُخبَر عنهم، لأنّ هؤلاء الأشخاص هم عملاء تمّ «تنظيف» سجلاتهم وانخرطوا بيننا في المجتمع اللبناني، رغم أنّهم مرتكبو جرائم، وهذا ما اعتمدناه في الإخبار.
وفي الوقت نفسه، فقد أضفت على العملاء الخمسين الذين ادّعينا عليهم… المدّعى عليه 51 كلّ من تواصل وتعامل مع العدو «الإسرائيلي»، المدّعى عليه 52 كلّ لبناني استحصل على هوية أو إقامة من العدو، المدّعى عليه 53 كلّ لبناني كان يُقيم ولا يزال في فلسطين المحتلة، المدّعى عليه 54 مجهول وكلّ من يظهره التحقيق متدخلاً فاعلاً وشريكاً أو محرّضاً. الخمسون الظاهرون والباقون تعمّدت أنّ أذكرهم قطعاً للطريق على كلّ من ينادي بعودة العملاء إلى لبنان تحت ذريعة أنهم «مُبعدون قسراً»… وهذا أمر لا يجوز على الإطلاق.
أما بالنسبة إلى موضوع الإخبار فهو: الجرائم، القتل عمداً، الخطف، حجز الحرية، الخيانة، الانضمام إلى صفوف العدو «الإسرائيلي» والتجسُّس لمصلحته، دخول كيان العدو والاستحصال على جنسية منه، تجنيد اللبنانيين لمصلحة العدو الصهيوني، سلخ جزء من الأرض اللبنانية، النيل من هيبة الدولة ومن الشعور القومي، الإرهاب، والانتساب لجمعيات الأشرار المنصوص عنها في قانون الإرهاب الصادر في 11/1/1958.
وتابع الأسعد: ذكرت في الوقائع أنّ المُشار إليهم في الإخبار هم مواطنون لبنانيون انضووا في جيش العدو واستخباراته وبعضهم تبوأ مناصب حسّاسة وترقّى فيها، مثل العميل الفاخوري، الذي تدرّج صعوداً حتى وصل إلى رتبة نقيب في جيش العدو الصهيوني، وغيره منضوون ولا يزالون يحملون جنسيات كيان العدو، ومن يحمل جنسية معينة من دولة ما يكون ولاؤه لها، فهل يمكن أن أطالب بشخص يحمل جنسية ما تسمّى دولة «إسرائيل» ويكون ولاؤه للبنان؟ ذكرنا في الإخبار المقدّم كلّ هذه الأمور وذكرنا أيضاً وقائع حدثت لمعتقلي سجن الخيام والجرائم التي شاهدها بأمّ العين كثير من المحرّرين وأهالي الشهداء والمواطنون، ووصلنا إلى مرحلة الادّعاء على جميع المذكورين في الإخبار، كمُخبَر عنهم.
لا يمكن تسليم العميل
بالعودة إلى الشق القانوني، قال الأسعد: أول ما بدأت به على هذا الصعيد هو عدم جواز تسليم العميل المجرم عامر الياس الفاخوري إلى أيّ بلد أجنبي بذريعة «استرداده»، ووجوب محاكمته وفق القانون اللبناني سنداً إلى المادتين 15 و 32 من قانون العقوبات الذي يقول إنه مواطن لبناني ارتكب جرماً ما ويجب محاكمته في لبنان، أو أنه ارتكب الجرم على الأراضي اللبنانية، ما يعني وجوب محاكمته أمام القضاء اللبناني، مهما كانت الجنسية التي يحملها، بمعنى حتى ولو كان العميل الفاخوري يحمل الجنسية الأميركية أو غيرها فلا يمكن استرداده أو تسليمه لأنّ ذلك يعني انتقاصاً بل تخلياً عن سيادة لبنان. ومن هنا فإنّنا وجدنا أنّ التوقيت مشبوه وكذلك تحرك الخارجية الأميركية وسفارتها في لبنان، وقد شهدنا وصول محامين من الولايات المتحدة وتحرك فريق طبّي وفريق قانوني وديبلوماسي، بالتزامن مع وصول الأسطول الأميركي الخامس، ونحن نذكّر بهذه المناسبة بوصول الأسطول الأميركي السادس إلى لبنان في الماضي وكيف تمّ دحره. لذلك لا تخيفنا أساطيلهم، ونقول إنّ أيّ شخص في لبنان، أكان من السلطة السياسية أو القضائية، يقبل بتسليمه فإنّ ذلك يعني أنّ هذا الشخص متواطئ مع هذا العميل بما يمثله ومن خلفه، ويعني أيضاً التنازل عن سيادة لبنان كلياً وتسليم قراره للأميركي… ونحن نتحدث هنا قضائياً وسياسياً وعقائدياً بعد أن سلّموا إلى الأميركي القرار الاقتصادي والمالي، وهذا ما لا يمكن أن نقبل به إطلاقاً.
الوقائع الجرمية كثيرة ودامغة
وأردف الأسعد: لذلك انتقلنا وقلنا إنه بالنسبة إلى العميل الفاخوري هناك جرائم قد ارتُكبت من قبله لا تزال سارية ولا ينطبق عليها مرور الزمن، أولها جريمة خطف وحجز حرية الأسير علي عبدالله حمزة منذ العام 1985، وعندما كان الأسير حمزة داخل زنزانته لم يكن العميل عامر الفاخوري قد رُقّي بعد إلى رتبة جزّار بل كان لا يزال برتبة جلاد، وقد سحب المجرم الفاخوري الأسير حمزة من زنزانته وقام بتعذيبه في ساحة معتقل الخيام ثم صلبه على السارية. ولذلك فإنّ ابنة العميل الفاخوري عندما توجّهت بنداء إلى رب العالمين وإلى السيد المسيح نذكّرها بما حصل للأسير حمزة الذي مشى طريق الجلجلة ثم صلبه والدها العميل المجرم كما فعل اليهود بالسيد المسيح. وقبل أن يلفظ الأسير حمزة أنفاسه الأخيرة أنزلوه عن السارية ووضعه العميل فاخوري في سيارته وأخذه إلى مكان مجهول، ثم جاء في اليوم التالي ليقول إنه مات، وحتى يومنا هذا لم يتمّ تسليم جثمانه إلى عائلته ولا إلى الصليب الأحمر ولا أقرّ بمكان دفنه، ما يعني أنه لا يزال حتى الآن معتقلاً ومحجوزاً أيّ أنّ جريمة الخطف لا تزال مستمرة، وهذا جرم يجب أن يُعاقَب عليه أشدّ العقاب.
أما الجرم الثاني للعميل المجرم وهو جرم متمادٍ، فهو جرم انتسابه إلى جيش العدو وتدرّجه بعد ذلك إلى رتبة نقيب ما يعني استمراره في خدمة جيش العدو وفي تقاضي مستحقاته المادية وحوافزه المتصلة بذلك حتى تاريخه، ما يعني أنّ الجرم مستمرّ.
الجرم الثالث هو انتسابه إلى أجهزة الاستخبارات الصهيونية، ابتداء من انتسابه إلى جهاز 504 وانتقالاً إلى انتسابه حتى الآن إلى الموساد كما هو معروف، فالجرم إذن مستمر.
الجرم الأخطر مما أسلفنا فهو التدخُّل في قتل لبنانيين والاعتداء على سيادة لبنان براً وبحراً وجواً من قبل العدو الصهيوني الذي لا يزال حتى الآن يتلقّى المعلومات الحسّاسة والإحداثيات اللوجستية والجغرافية والديموغرافية من هذا العميل المجرم كونه شغل منصباً رفيعاً وحسّاساً داخل ما سُمّي آنذاك «الشريط المحتلّ». وبالتالي فإنّ كثيراً من الاعتداءات الصهيونية على لبنان لم تكن لتتمّ لولا تدخُّله الأصلي وليس التبعي، إذن هو متدخّل أصلي، والنصّ القانوني اللبناني يقول: «يُعاقب بعقوبة الفاعل كلّ متدخّل أصلي لأنّ الجرم لم يكن ليتمّ لولاه». إذن اعتداء صهيوني تمّ على لبنان من قبل العدو واستخباراته يُعتبر العميل الفاخوري شريكاً ومتدخلاً فيها. طبعاً الجريمة الأخيرة المتمادية هي جريمة اكتسابه لما تُسمّى الجنسية من كيان العدو الصهيوني واستمراره في حملها، وهنا اعتبرنا أنّ مرور الزمن لا يسري على العقوبة الصادرة بحقه. هناك أناس يخطئون ويظنّون أنّ هذا العميل تمّت محاكمته على جرائمه التي ارتكبها من قتل وتعذيب وخيانة وعمالة وغيرها من الجرائم التي ذكرناها آنفاً، لكن في الحقيقة فإنّ ذلك لم يحصل بل إنّ المحكمة العسكرية الدائمة أصدرت في حقه حكماً غيابياً عام 1998 بجرم «الاتصال» بالعدو الصهيوني فقط… هذا الحكم سقط بمرور الزمن. إذن هذا العميل لم تتمّ محاكمته على الجرائم التي ارتكبها، وهنا تقول المادة 162 من قانون العقوبات أنّ مرور الزمن لا يسري على العقوبات والتدابير الاحترازية المانعة للحقوق أو المانعة للإقامة والمصادرة العينية أيّ حتى لو مرّ الزمن على عقوبة السجن فإنّ التدابير الوقائية والاحترازية مثل الإبعاد أو إسقاط الحقوق المدنية بعدم الاقتراع أو الترشُّح أو غيرها فهذه كلها لا تسقط بمرور الزمن.
وإذ أبدى المحامي الأسعد أسفه لأنّ البعض يحاول تجاوز كلّ الوقائع الآنفة الذكر، والذهاب للقول إنّ تلك الارتكابات والجرائم طواها الزمن، شدّد على أنّ ما تتمّ محاكمته حالياً هو مفهوم العمالة في حدّ ذاته، طبعاً إضافة إلى الوقائع الجرمية الثابتة.
ليس هناك «مبعدون قسراً»
وأشار إلى أنه متأكد من أنّ مضمون زيارة العميل الفاخوري ليس وحده المشبوه، بل توقيت الزيارة أيضاً مشبوه، وهناك من يحاول أن يُصوِّر للبنانيين بأنّ هناك عميلاً جيداً وعميلاً سيئاً، العميل السيّئ وهو هذا المجرم الجزّار ولن نسامحه، أما العميل الجيد وفق ما يريدون فهو من يصوِّرونه لنا على أنه مسكين تمّ تجنيده في صفوف ما سُمّي بـ «جيش لبنان الجنوبي» بصفة حارس أو طباخ أو أيّ شيء آخر، بالإضافة إلى التسمية التي باتت معروفة «المبعدون قسراً» إلى فلسطين المحتلة، ونحن نسأل من أبعدهم ولماذا؟ وطالما هم مبعدون قسراً عن بلدهم كيف ارتضوا أن يحملوا الجنسية «الإسرائيلية»، وعلى سبيل المثال فإنّ ابنة سعد حداد وهي «مبعدة قسراً» وفق ما يروِّجونه، تتفاخر بأنها اخترعت وقوداً جديداً للصواريخ «الإسرائيلية» ونتيجة لذلك أصبح سلاح جو العدو الصهيوني يستطيع إصابة الأهداف البعيدة بدقة بفضل «عبقريتها»، وقد تمّ بث تقرير على قناة «أل بي سي» عن هذا الموضوع منذ أيام. ورغم كلّ ذلك هناك فريق سياسي يرفع شعار إعادة 5000 آلاف ممّن يسمّيهم «مبعدين» استناداً إلى مفاهيم دينية أو «وطنية» لإعطاء مبرّرات لعودة هؤلاء. وهنا أريد أنّ أسأل هل سيعود هؤلاء ويبقون محتفظين بجنسية كيان العدو؟ أليس هذا تطبيعاً مع العدو وتنفيذاً مباشراً لـ «صفقة القرن»؟ ما يحصل الآن هو تطبيق لـ «صفقة القرن» بشكل مباشر وأنا مسؤول عن كلامي حين أقول إنّ السلطة السياسية قد نجحت حتى الآن في أن تنضمّ إلى محور هذه الصفقة وهي قاب قوسين أو أدنى من تنفيذ الشروط الثلاثة الأساسية لهذه الصفقة وهي: التطبيع مع العدو الصهيوني، تسليم سلاح المقاومة، توطين الفلسطينيين أو حلّ مشكلتهم.
خطوات مشبوهة لمصلحة «صفقة القرن»
وفي سياق الحديث عن توطين اللاجئين الفلسطينيين، فإنّ قرار وزير العمل المشبوه المتعلق بإجازات عمل خاصة بهؤلاء اللاجئين والهدف من ذلك هو رفع صفة اللاجئ عن الفلسطيني وتحويله إلى مواطن لبناني من فئة أدنى، فمن يريد من اللاجئين الفلسطينيين الهجرة يفتحون لهم الأبواب كما يحدث حالياً مع أكثر من سفارة، ومن لا يريد فهو يبقى لكنه يخسر ميزات القرار 194 أيّ حق العودة والتعويض، والأخطر من ذلك كله أنه تصبح لديه شرعية بالوجود أو الإقامة شبه الدائمة، بعد أن صارت لديه إقامة وإجازة عمل، وهذه الإجازة هي أساس الإقامة، واللافت أنّ الفريق السياسي الذي يمثله وزير العمل والذي يرفع شعار ما يُسمّى حقوق العمال اللبنانيين والحفاظ على الحقوق الإنسانية للعمال اللبنانيين الذي هو شعار برّاق ولا يستطيع أحد منّا أن يكون ضدّه، هذا الفريق نفسه يرفع في الوقت عينه شعار منع عودة النازحين السوريين إلى سورية تحت ذرائع «إنسانية» وبحجة الخوف على حياتهم، وكلّ ذلك على حساب مصلحة لبنان. وهنا أريد أن أسأل من هو الأخطر على الوضع الاقتصادي والتوازن الديمغرافي في لبنان النازح السوري أم اللاجئ الفلسطيني؟
إنّ الفريق السياسي لوزير العمل ينفذ مخطّطاً أجنبياً مشبوهاً لمصلحة «صفقة القرن» وهو للأسف ينجح في ذلك.
وأوضح الأسعد أنّ المرحلة الثانية من «صفقة القرن» هي نزع سلاح المقاومة بشكل مباشر أو غير مباشر، فإنني أذكّر بأنّ مجلس النواب اللبناني أقرّ قوانين معجلة في 24/11/2015، وبالذات المواد 42 و 43 و 44 ومن ثم 53 ، وبموجب هذه القوانين أصبح هناك تصريح عن ناقلي الأموال بين لبنان والخارج، وعن ضرائب الشركات بين لبنان والخارج، وإقرار قانون مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال، ومن ثم بموجب المادة 53 انضمام لبنان إلى معاهدة نيويورك لمكافحة الإرهاب وتبييض الأموال الموقعة عام 1999 والتي دخلت حيّز التنفيذ منذ العام 2001. بموجب كلّ هذه القوانين صار الأميركي هو من يحدّد من هو الإرهابي ومن هو حمامة السلام. ومع احترامي لأصدقائنا النواب والحقوقيين فإنني أسألهم كيف يُقدمون على إقرار قوانين كهذه وهم العارفون أنّ المعاهدة الدولية تعلو على الدستور وهي مُلزمة وفي حال خالف مضمون المعاهدة لمادة معينة من الدستور تعتبر هذه المادة باطلة؟
بالإضافة إلى ذلك كله، أقرّ مجلس النواب اللبناني في 25/11/2018 قانون منع نقل وحيازة وتجارة الأسلحة وحصرها بالشرعية، ما يعني بشكل أو بآخر أنه لم يعد هناك سلاح شرعي إلا سلاح الدولة اللبنانية. وبذلك تتبخّر معادلة الجيش والشعب والمقاومة من البيان الوزاري، وتأكيداً على ذلك، ففي الجلسة التي عقدت بتاريخ 25/11/2018 وقف النائب علي عمّار وقال ما حرفيته: «إنه يوم مشؤوم، هذا بيع لدماء الشهداء»، ثم انسحب من الجلسة لأنه كان يدرك تماماً ما يجري.
ننتقل إلى الأصوات الداخلية التي تمثل امتداداً للخط الأميركي الصهيوني ومنهم النائب السابق وليد جنبلاط الذي قال بعدم لبنانية مزارع شبعا، وهناك من يتحدثون عما يُسمّى بـ «الاستراتيجية الدفاعية» وتقوم نظريتهم على جعل سلاح المقاومة ضمن ما يُسمّى «أنصار الجيش»، وهذا الجزء الثاني من الموضوع وإذا كان هناك من يريد جعل سلاح المقاومة جزءاً من المنظومة الشرعية للدولة فإنّه يريد القضاء عليه.
أما المرحلة الثالثة فتتمثل بالاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة غير المفهومة على لبنان والتي لا يفهم أحد ما هي استراتيجيتها وأهدافها غير استجرار المواقف، وقد سمعنا من قال إنّ هناك تضامناً لبنانياً كاملاً ضدّ «إسرائيل» وهذا الكلام غير دقيق، وما حصل أنّ هناك من كان يقول إنّ «إسرائيل» خرقت القرار 1701 ما يعني أنّ على لبنان الالتزام بالقرار المذكور، رغم أننا نعلم أنه اتفاق ذلّ واتفاق 17 أيار لا يساوي سطرين منه وهو تطبيع مع العدو الصهيوني وهدفه بشكل أساسي نزع سلاح المقاومة.