دراسة صهيونيّة: المملكة نمرٌ من ورقٍ وإيران وجّهت رسائل صارِمة للدولة العبريّة

رأى مركز أبحاث الأمن القوميّ «الإسرائيليّ»، التابع لجامعة تل أبيب، في ورقةٍ بحثيّةٍ جديدة نشرها على موقعه الالكترونيّ، أنّ هجوم 14 أيلول على منشآت النفط السعودية، التي تُعتبر إحداها، «بقيق»، من أكبر المنشآت من نوعها في العالم، هو الضربة الأخطر لمنشآت النفط في الخليج منذ حرب الخليج الأولى، من ناحية حجم الضرر والأهمية الاقتصادية لها، مُشيرًا إلى أنّ الحديث يجري عن تقليص مؤقت يقدر بـ 5.7 مليون برميل يوميًا، أيْ حوالي 50 في المئة من قدرة الإنتاج في السعودية، على حدّ تعبير الدراسة.

وتابعت الدراسة أنّ «تقارير في وسائل الإعلام الأميركيّة، تستند إلى مصادر رسميّةٍ في واشنطن قالت إنّ الهجوم نُفِّذ مباشرةً من أراضي إيران، وتضمن إطلاق 12 صاروخ كروز وأكثر من 20 طائرة بدون طيار، نجحت في ضرب الأهداف بدقّةٍ».

وتابعت الدراسة قائلةً إنّ «التهديد الإيرانيّ بضرب تزويد النفط العالميّ كردٍّ على العقوبات المفروضة عليها، وفي هذا التوقيت الحساس الذي يحاول فيه الرئيس الفرنسيّ الحصول على موافقةٍ أميركيةٍ على تعويضٍ جزئيٍّ لإيران، يحظى بأهميةٍ ويُدلِّل على تصميم إيران على تجسيد قوتها على إحداث الضرر حتى بثمن المخاطرة بتدهور الأمور، ولكن قد يقدر النظام الإيرانيّ أنّ السعوديين والإدارة الأميركيّة لن يُسارِعوا في جرّ المنطقة إلى حربٍ عسكريّةٍ واسعةٍ»، على حدّ تعبير الدراسة.

وشدّدّت الدراسة على أنّ «الاستعداد الإيرانيّ هذه المرة أكبر، ويعكس في المقام الأول الثمن الذي تستعدّ لدفعه من أجل محاولة إنقاذ نفسها من العقوبات الأميركيّة، وبالأساس من الضرب الثقيل الواقع على قدراتها لتصدير النفط، ولو بكمياتٍ محدودةٍ، ولكن يوجد في خطواتها أيضًا ما من شأنه أنْ يُشكِّل إعطاء إشارات غير مباشرة لإسرائيل التي تتفاخر بهجماتها في سوريّة والعراق، بخصوص قدرات إيران العسكرية في الرد، ليس بالتحديد من أراضيها، بل بواسطة وسائل قتاليّةٍ متطورّةٍ».

وقالت الدراسة أيضاً: «السعوديون غارقون منذ سنوات عدة في معركةٍ معقدةٍ في اليمن، تحوّلت مؤخراً إلى معركةٍ أصعب على ضوء تصعيد هجمات الحوثيين الناجحة على أهداف في السعودية، والانسحاب العسكريّ للإمارات من اليمن، هذا إلى جانب الضرر الذي أصاب صورة العربية السعودية سواء كـ نمر من ورق ، أوْ كعاملٍ من عوامل الكارثة الإنسانية في اليمن».

وأشارت الدراسة إلى أنّ «تردد السعودية حتى الآن بتوجيه إصبع الاتهام لإيران، يمكن أنْ يدلل على زيادة في مخاوف وتدهور أعلى، وأنّ هناك شكوكاً بخصوص نيات الرئيس ترامب فيما يتعلق بدرجة استعداده لتنفيذ عملية عسكرية ضد إيران، وتحديدًا التعهد بالدفاع عن السعودية، وبموازاة ذلك، السعوديون يؤكّدون من خلال إظهار ضعفهم أنّ الهجوم يُشكِّل ضربةً شديدةً لأمن الطاقة العالميّة الذي يقتضي عملاً دوليًا مصممًا للدفاع عن منشآتهم النفطية».

ولفتت الدراسة إلى أنّه «من ناحية واشنطن، فإنّ الرئيس ترامب هو الآن في فخ، فهدف استئناف المفاوضات مع إيران على اتفاقٍ جديدٍ وإمكانية اللقاء بينه وبين الرئيس الإيراني، بموازاة الامتناع عن الانجرار إلى خطواتٍ عسكريةٍ كانت وما زالت المصالح الرائدة. في المقابل، فإنّ هجومًا على أهداف النفط يشكل إضرارًا بالمصالح الجوهريّة للولايات المتحدة عندما يُعلِن الرئيس الأميركيّ بأنّه أمر بدراسة فتح مخزونات النفط الاستراتيجيّة، والإدارة تفهم أنّ الصعود درجة يعني العملية الأخيرة، وكذلك حقيقة أنّ مقاربة الرئيس ترامب المترددة لردٍّ عسكريٍّ على الخطوات الإيرانيّة هي حثٌ طهران على رفع نسبة المخاطرة».

ورأت الدراسة أيضاً أنّ «مهاجمة دقيقة لأهداف في السعودية تعتبر تظاهرةً إيرانيّةً لقدراتها العملية، والأكثر من ذلك هي تُجسِّد تصميمها على إثبات أنّها تنوي تنفيذ تهديداتها بإلحاق أضرارٍ كبيرةٍ بسوق النفط طالما استمرّ الضغط عليها، مُضيفةً في الوقت عينه أنّ إيران أثبتت تفوقها غير المتوازن في الخليج وهشاشة خصمها الإقليميّ الرئيسيّ بصورةٍ تزعزع الجبهة العربيّة أمامها، وتؤدّي إلى إضرارٍ آخر في مستوى ثقة دول الخليج بالدعامة الأمنيّة الأميركيّة».

وقالت الدراسة إنّه «حتى لو لم يؤدِّ الردّ الأميركيّ في الوقت الحالي على هجوم السعودية إلى اندلاعٍ شاملٍ بالضرورة، فيه ما من شأنه أنْ يُعيق جهود التوصل إلى تهدئةٍ، ويُسرِّع خطوات إيرانية أخرى ضد أهدافٍ في الخليج، وتآكل آخر لالتزامها بالاتفاق في السياق النوويّ».

واختتمت الدراسة: «من ناحية إسرائيل، رغم الاختلاف في طبيعة الساحات، ففي خطوات إيران رسالة غيرُ مباشرةٍ وواضحةٍ بخصوص قدراتها العسكرية المتطوّرة، تلك القدرات التي يُمكِنها استخدامها أيضًا من خارج أراضيها، إزّاء استمرار الهجمات الإسرائيليّة في سورية والعراق، وكذلك إشارة إلى حالة حدوث تدهورٍ عسكريٍّ بين إسرائيل وحزب الله في لبنان»، على حدّ تعبير الدراسة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى