الهواجس الإسرائيلية من استهداف منشآت «أرامكو» السعودية
د. مصطفى يوسف اللداوي
أصيب الإسرائيليون بصدمةٍ كبيرةٍ نتيجة استهداف المنشآت النفطية السعودية، وأصابهم الذهول لدقة الإصابة وحجم الضرر الناشئ عنها، وانتابهم فزعٌ شديدٌ بسبب عجز بطاريات صواريخ باتريوت التي يفتخر بقدرتها الأميركيون، ويملك الإسرائيليون الكثير منها، ويعتمدون عليها إلى جانب صواريخ «السهم» الإسرائيلية الصنع المتعددة الأجيال في حماية أجوائهم، وصدّ الهجمات عنهم، ومنع الصواريخ المعادية من استهدافهم والوصول إلى أهدافها في عمق كيانهم، الأمر الذي تسبّب لهم بقلقٍ شديدٍ وخوفٍ أكبر، بدا واضحاً على وجوه مستوطنيهم وفي تصريحات قادة جيشهم وكبار مسؤوليهم، حيث شكلت هذه الحادثة وفق تصوّراتهم، نموذجاً مصغراً لما سيكون عليه الوضع في حال اندلعت حرب متعدّدة الجبهات معهم.
إثر الهجوم دعت قيادة أركان جيش العدو إلى عقد جلساتٍ عاجلةٍ للخبراء والمختصين في مجال الدفاع الجوي، للوقوف على طبيعة الهجوم وطريقته، ودراسة تفاصيله الدقيقة، ومعرفة الجهة التي انطلقت منها المسيَّرات الحربية، والمسافات التي قطعتها، والمسارات التي اتبعتها، وغير ذلك مما يساعدهم في دراسة مدى إمكانية التصدّي لهجومٍ مشابهٍ، أو إحباطه في مكانه أو في طريقه إلى أهدافه وقبل وصوله إليها. فالخوف الحقيقي من تكرار هذا السيناريو على أهدافٍ داخل كيانهم قد أفزع قادتهم، ودفع رئاسة الأركان وكبار الضباط إلى ضرورة التأني والحذر خوفاً من تسخين المنطقة ودفعها إلى الحرب، التي قد تكون شاملة، وستكون هي في القلب منها هدفاً لكلّ خصومها في الشمال والجنوب وبعيداً عن الحدود.
نبّه الهجومُ على منشآت أرامكو النفطية الإسرائيليين إلى طبيعة الحرب المقبلة، وإلى الأسلحة الجديدة التي ستدخل فيها، وإلى بنك الأهداف التي يمكن الوصول إليها، وتأكد لديهم ما كانوا يخشونه من أن جزءاً كبيراً من سلاح الحرب المقبلة، سيكون إلى جانب الصواريخ الدقيقة المسيَّراتُ الحربيةُ الحديثةُ، التي يمكن التحكم في مساراتها، وتغيير اتجاهاتها، وبرمجة وتحديد أهدافها، فضلاً عن أنها تتبع مساراتٍ مختلفة، وتطير على ارتفاعاتٍ منخفضةٍ جداً، تجعل من إمكانية اكتشافها مهمة صعبةً، يلزمها تقنية جديدة غير الرادارات الحديثة، وربما ستضطرهم الطائرات الصغيرة المسيَّرة آلياً، إلى العودة إلى الرقابة البشرية القديمة، والاعتماد على الجمهور في ملاحظة ما تلتقطه عيونهم، وما يثير الريبة في نفوسهم.
يشكو الإسرائيليون من أنّ قبّتهم الفولاذية ومنظومة صواريخهم المضادّة قد فشلت في التصدي لرشقات صواريخ المقاومة في الجنوب، فضلاً عن أنها كبّدتهم خسائر مالية فادحة، فكلما انطلقت صافرات الإنذار اشتغلت منظمة الصواريخ عبثاً دون فائدة، وأطلقت صواريخها التي تنفجر في السماء دون أهدافٍ تصيبها، وها هي المسيَّرات الجديدة تزيد في أعبائهم، وتعقد مسؤولياتهم، وتجعل إمكانية التصدي لها شبه مستحيلة، خاصةً أنّ المنطقة «الإسرائيلية» المستهدفة غنية بالأهداف، وزاخرة بالمواقع الاستراتيجية والمصانع والمعامل والمخازن التي يتسبّب استهدافها بحدوث انفجاراتٍ ضخمة وخسائر كبيرة جداً.
صحيحٌ أنّ طريقة الهجوم ووسيلته، ودقته ونتيجته، قد أقلقت الإسرائيليين وأفزعتهم، لكنهم من جانبٍ آخر فرحوا به وسعدوا بنتيجته، ورقصوا له في ما بينهم نشوةً وطرباً، إذ إنه وحرب اليمن استنزافٌ لمقدرات الأمة، وحرفٌ لها عن أهدافها الحقيقية، وانشغالٌ لها عن المعركة الأساس معهم، فهم دوماً يفرحون لمصائبنا، ويخططون للقضاء علينا، ويؤجّجون نار الحرب والفتنة بيننا، وإنْ بدوا أنهم يوادّون السعودية، ويحزنون لما أصابها ويواسونها، ويستعدون لمساعدتها وتقديم العون لها، إلا أنّ حقيقتهم الخبيثة تنبئنا أنهم سعداء بما أصاب أمتنا، وفرحون بما حلّ بها وساد فيها، وهم على استعدادٍ دائمٍ لتقديم الخبرات والمساعدات ليدوم الصراع، وتطول الملهاة، ويتجذر الخلاف بين أبناء أمتنا.
فيا ليت قومي يعلمون أنّ الخير في ترك اليمن لأبنائها، والتوقف عن قصفهم والاعتداء عليهم، وتمكينهم من استعادة دولتهم وبناء مستقبلهم، وتأمين عيشهم وتحسين حياتهم. فهم بأنفسهم أقدر على تسوية مشاكلهم والخروج من أزماتهم، وهم يدركون أنهم أبناء وطنٍ واحدٍ، وينتمون إلى أمةٍ واحدة، تجمعهم وتوحّدهم، وتمكنهم من العيش المشترك والسلام الدائم، فهم أهل الحكمة اليمانية الرشيدة، وأبناء البلاد الكريمة السعيدة، يستحقون الحياة الآمنة والمستقبل الواعد، وهم على موعدٍ معنا مع النصر الأكيد إن شاء الله، ضمن ثلة وعد الحق الصادقة، في معركتنا الفاصلة مع عدو أمتنا الخبيث اللدود.