مصر وعودة التظاهرات.. غضب شعبي متصاعد وتيران وصنافير أحد الأسباب

مع تصاعد حدة الاحتجاجات الشعبية في مصر رفعت السلطات المصرية من وتيرة عنفها ضدّ المتظاهرين وقامت باعتقال المئات منهم استباقاً لدعوة المشاركة في احتجاجات اليوم.

وطلبت وزارة الداخلية المصرية من المواطنين «الالتزام بالنظام العام والقانون»، وذلك عشية المظاهرات الحاشدة المرتقبة اليوم، والمطالبة برحيل الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وقالت الداخلية في بيان مقتضب، إنها «ستتصدّى لأيّ محاولة لزعزعة الاستقرار والسلم الاجتماعي بكل حزم وحسم».

فيما يستعد المصريون للخروج في مظاهرات حاشدة اليوم للمطالبة برحيل السيسي، وحث الممثل والمقاول محمد علي مواطني بلاده على «الخروج اليوم في كل المحافظات»، داعياً رجال الأمن والجيش لـ»تجنب مواجهة الشعب».

وقبيل يوم من التظاهرات المرتقبة، دشن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عدة وسوم معارضة تطالب برحيل السيسي، فيما رد مؤيدوه بوسوم مضادة.

ومن أبرز الوسوم التي تم تدشينها صباح أول أمس وسجلت الأعلى تداولاً في مصر، وسم «إنت انتهيت يا سيسي» و»جمعة الغضب» للدعوة إلى المليونية المرتقبة اليوم، والتي دعا إليها رجل الأعمال محمد علي وأيده فيها عدد كبير من السياسيين المعارضين للنظام.

شارك الحقوقيون أيضاً بالتفاعل عبر تلك الوسوم، حيث وجه الحقوقي هيثم أبو خليل رسائل إلى ضباط الشرطة والجيش، مطالباً إياهم فيها بـ»الانحياز إلى رغبات الشعب، وعدم المشاركة في عمليات الاعتقال والقتل أو الهجوم على المتظاهرين».

كذلك أشار النشطاء إلى تغريدة منظمة العفو الدولية حول الأوضاع في مصر والتظاهرات اليوم، والتي جاء فيها: «يجب على العالم ألا يقف مكتوف الأيدي. الرئيس السيسي يسخر من حقوق المصريين في الاحتجاج السلمي وحرية التعبير. يتعين على السلطات المصرية إطلاق سراح جميع المعتقلين على الفور والسماح بمزيد من الاحتجاجات اليوم للمضي قدماً».

كما أعاد النشطاء تداول تفاصيل ما كشفه الفنان والمقاول محمد علي حول القصور الرئاسية وتكلفة بنائها، بالإضافة إلى مقاطع مسجلة من مظاهرات الجمعة الماضي، في محافظات مصر التي خرجت للدعوة إلى المشاركة في مليونية الغد.

في المقابل، يستعد أنصار السيسي لتنظيم مظاهرة مؤيدة للسيسي في ميدان رابعة العدوية، الذي غيرت السلطات اسمه إلى ميدان «هشام بركات»، النائب العام السابق المغتال.

كما دشن مؤيدو السيسي وسوماً مضادة، من بينها وسم حمل شتيمة بحق المقاول محمد علي، إضافة لوسوم أخرى من قبيل «هنسيب الشارع للداخلية»، و»تحيا مصر السيسي».

وتأتي الاحتجاجات في موجتها الجديدة استجابة لدعوة المقاول والممثل المصري، محمد علي، الذي اتهم الرئيس السيسي، ومقربين منه في المؤسسة العسكرية بـ»الفساد وإهدار المال العام».

وذكر محمد علي في عدة مقاطع مصورة، بأنه «شاهد على عملية فساد بحكم عمله كمقاول مصري أسندت المؤسسة العسكرية لشركته مهمة بناء مشروعات معمارية، من ضمنها قصور رئاسية».

وتمكن متظاهرون مصريون، من دخول ميدان التحرير، الجمعة الماضية في الـ20 من أيلول، مرددين شعارات مندّدة بالرئيس المصري ومطالبة برحيله، قبل أن تتمكن قوات الأمن من تفريقهم.

وأطلقت قوات الأمن المصرية الغاز المسيل للدموع لتفريق مظاهرة في ميدان عبد المنعم رياض، المتاخم لميدان التحرير بوسط القاهرة. كما ألقت الأجهزة الأمنية القبض على العشرات من المتظاهرين. وامتدت المظاهرات لعدة محافظات، منها الإسكندرية والسويس ودمياط والمحلة الكبرى، وردد المتظاهرون هتافات منها «ارحل» و «الشعب يريد إسقاط النظام».

على صعيد حقوقي، دعت منظمة «هيومن رايتس ووتش» المعنية بحقوق الإنسان السلطات المصرية إلى «حماية حق التظاهر السلمي، وفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، والإفراج الفوري عمّن اعتقلوا لمجرد ممارسة حقوقهم».

بدوره قال جمال عيد من الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إن منظمته ومنظمتين أخريين – المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمفوضية المصرية للحقوق والحريات- قامت معاً بتوثيق أكثر من 1100 حالة اعتقال.

وكشفت منظمات حقوقية مصرية ودولية عن «تصاعد حملة الاعتقالات خلال اليومين الماضين طالت نشطاء وأكاديميين»، وذلك على ما يبدو استباقاً لتظاهرات دعا لها ناشطون اليوم.

ويقول محامو الدفاع إن «بضع مئات من المقبوض عليهم يجري التحقيق معهم في اتهامات منها استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لنشر أخبار كاذبة وتقويض الأمن القومي والانضمام لجماعة محظورة والتظاهر بدون تصريح».

وفي وقت سابق، اعتقلت أجهزة الأمن المصرية،، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، بعد ساعات من اعتقال المتحدث السابق باسم الفريق سامي عنان، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حازم حسني.

وفي آخر تغريدة له على حسابه بموقع «تويتر»، كتب نافعة، الثلاثاء الماضي ، قائلاً: «يستطيع السيسي تجنيب مصر سيناريو الفوضى إذا تعهد بعدم الترشح في انتخابات 2024، واعتبر ولايته الرئاسية الحالية مرحلة انتقالية لإعادة ترتيب البيت الداخلي، وقام بتشكيل حكومة جديدة مزودة بسلطات واسعة ومكلفة بإيجاد مخرج من الأزمة المتصاعدة. تلك نصيحتي لوجه الله والوطن، فهل يتجاوب معها؟».

وفي أول تعليق للرئيس المصري على التظاهرات التي حدثت بمصر يوم الجمعة الماضي، وذلك على هامش لقاء جمعه بعدد من الشخصيات العامة في المجتمع الأميركي، قال السيسي إن «الوعي لدى الرأي العام في مصر تحسن بشكل كبير، وهناك دول تسخر قنواتها على مدار الساعة لبث الأكاذيب والشائعات ونقل صورة غير حقيقية عن مصر»، مؤكداً أن «هذه الدول فشلت في حشد الناس للتظاهر».

وأكد السيسي، أن «الشعب المصري الذي تحمل برنامج الإصلاح الاقتصادي القاسي لبناء مستقبله، لا يمكن أن يقبل بعودة الإسلام السياسي مرة أخرى لتدمير هويته، وأي حديث للتصالح مع الإسلام السياسي يرفضه الشعب المصري» بحسب ماجاء في تصريح السيسي.

أما ثروت نافع، وهو مؤسس الحركة الليبرالية المصرية وعضو لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس الشورى السابق، فقد ذكر إن «الغضب موجود منذ ثورة 25 يناير، وكان مكتوما مند وصول السيسي إلى المشهد».

ويضيف ثروت أن «حالة الفساد المستشري والفقر المتزايد والقمع المتصاعد والتفريط في جزيرتي تيران وصنافير والتساهل بحصة مصر في مياه النيل، كانت كلها عوامل تنذر أن لحظة الانفجار قادمة، وانطلقت الشرارة مع ظهور شخص من داخل منظومة الفساد ليفضح فساد أركان الدولة، فخرجت الناس بعفوية استجابة لخطابه العفوي».

ويرى ثروت أن «المصريين تجاوزوا حاجز الخوف وتجرأوا على دخول الميادين الرئيسية في عدة مدن، بالرغم من أن دعوة التظاهر كانت بالأساس أمام المنازل، مما يدل على حجم الغضب الذي يعتري المصريين».

ولقد عبر السيسي بسلام من احتجاجات سابقة شهدتها مصر عندما وضعها في خانة الأخوان المسلمين، فهل سيتمكن السيسي هذه المرة من تحويل موجة الاحتجاجات الجديدة وربطها بالأخوان من جديد؟.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى