هدوء نسبي في الأسواق بعد تدابير المصرف المركزي… بانتظار خطوات أشدّ ثباتاً الحريري يغمز من منشور النيويورك تايمز : الحملات لن تثنيني عن مواقفي
كتب المحرّر السياسيّ
تحت تأثير الأوضاع الاقتصادية الضاغطة يخرج الناس إلى الشوارع. وهذا بديهي، لكن ما قالته مصادر متابعة للسياسات الأميركية القائمة على العقوبات والتحكم بالتدفقات المالية في النظام المصرفي الدولي، يرفضون توصيف التحركات الشعبية بالعمل لحساب الأجندة الأميركية، لكنهم يرفضون التعامل معها بسذاجة كمجرد تعبير عفوي. فالتوقيت المتزامن للتحرّكات التي تشهدها شوارع بيروت والقاهرة وبغداد، وتوسّع مدى محركاتها من الاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية الصعبة إلى جعل ملفات الفساد في مستويات المسؤولية في الدولة، وصولاً لرفع شعار الشعب يريد تغيير النظام، الذي قاد تجارب مرّة عرفتها المنطقة مع الربيع العربي وأدّت إلى كوارث لا تزال تجرجر أذيالها، ما يدعو وفقاً للمصادر المتابعة إلى الربط بين تصعيد حملات الضغط بتوقيت يكون قد نضج فيه المبادرون لتنظيم دعوات الاحتجاج. ومن خلف الستار قد تم تحضير الإجراءات التي تتكفل بتفجير الشارع، كحال غياب الدولار من أسواق بيروت، ويكفي السؤال عما إذا كان الحل الذي تمكّن من تهدئة السوق اليوم قد غيّب لأسبوع إفساحاً للمجال أمام تحريك الشارع. وبالتالي باكتمال عناصر المشهد يتم تحديد التوقيت وساعة الصفر، والهدف ليس لإسقاط حكومات ولا تغيير أنظمة، يعلم الأميركي أنها أمور فوق طاقته في توازنات المنطقة الجديدة، بل تأمين حالة سيولة شعبية وسياسية ومنصة رسائل وضغوط قابلة للتحكم والسيطرة. وتعتبر المصادر أن ساحات لبنان والعراق معنيّة بها لجهة ضبط إيقاع التفاوض المقبل مع تراجع مشروع الحرب وإصابته إصابات بالغة في جولات المواجهة السابقة، أما مصر فالرسائل تهدف لضبط إيقاع انفتاحها على مشاريع التسويات وفقاً للأجندة الأميركية وحساباتها.
في بيروت هدوء نسبي للشارع مع هدوء نسبي للأسواق، التي تراجع فيها دولار الصرافين من 1630 إلى 1530 مقترباً من دولار مصرف لبنان كثيراً، بعدما أعلن مصرف لبنان التعميم الذي نشرت البناء قبل أيام مضمون الإجراءات الخاصة بالاعتمادات المخصّصة للاستيراد التي ينص عليها، وبقي الانتظار لما ستقرره الحكومة بصدد تسعير فواتير الخلوي والمولدات والبنزين ومنع دولرتها تخفيفاً للضغط على طلب الدولار عند الصرافين، حيث يقوم مئات آلاف اللبنانيين بشراء ما يقارب النصف مليار دولار شهرياً لتسديدها.
رئيس الحكومة سعد الحريري الذي شغلت المعلومات التي نشرتها صحيفة النيويورك تايمز بصيغة فضائحيّة تستهدف سلوكه المالي والشخصي، غمز من التقرير بصورة غير مباشرة متحدثاً عن الحملات التي تستهدفه والتي لن تثنيه عن مواصلة مهامه والتمسك بمواقفه، بينما كان الشارع منشغلاً بأسئلة من نوع، إذا كان المنشور غير صحيح، فلماذا لا يبادر مكتبه بهدوء للإعلان عن تكليف مكتب محاماة دولي بمقاضاة الصحيفة بتهمة نشر وتلفيق أخبار كاذبة بنيّة التشهير والإساءة، ولا حاجة للنفي والتوضيح عندها بينما كثرت التكهنات حول ما إذا كان أمر النشر وتوقيته مجرد عمل صحافي لملف مفتوح إعلامياً وقضائياً في جنوب أفريقيا ولا يمكن تجاهله، ولا تجاهل جاذبيته الفضائحيّة للقراء، أم هو عمل سياسيّ مغطى بحسابات مخابراتية تهدّد بالمزيد من الفضائح كأوراق ضغط يتعرّض الحريري لها بهدف التأثير على موقفه من التسوية السياسية التي يتولى رئاسة الحكومة بموجبها وفقاً لشراكة تربطه بالتيار الوطني الحر ويشترك فيها حزب الله.
سارع الرئيس سعد الحريري أمس، إلى الردّ بطريقة غير مباشرة على ما نشرته «نيويورك تايمز» عن علاقة الرئيس الحريري بعارضة أزياء من جنوب أفريقيا، وقال خلال ترؤسه في السراي الكبير اجتماع «اللجنة الفنية لتنسيق الخدمات الضرورية في المحافظات ما حرفيّته: «مهما شنّوا من حملات ضدي ومهما قالوا أو كتبوا أو فعلوا سأستمر في العمل ولن أتوقف. صحيح أننا نمر بأوضاع اقتصادية صعبة ولهذا علينا اتخاذ قرارات جريئة. وهذا أمر غير قابل للنقاش لان ما لن نتحمله فعلياً هو انهيار البلد». وقال: «صحيح أننا نمر بأوضاع اقتصادية صعبة، ولكن ليس من المستحيل تجاوزها، ولهذه الغاية علينا اتخاذ قرارات صعبة. وهذا أمر غير قابل للنقاش لأن ما لن نتحمله فعلياً هو انهيار البلد، وهذا يتطلب منا جميعاً جهداً إضافياً. يجب ألا نتكل على الخارج، فالخارج مستعدّ لمساعدتنا على أن نساعد أنفسنا أولا من خلال تغيير أسلوب عملنا».
وقالت مصادر متابعة لـ البناء إن ما نشرته الصحيفة الأميركية عن الحريري والذي يعود الى العام 2013 ليس بريئاً. فهو يمثل رسالة أميركية تلومه على سياسته تجاه حزب الله ومحاولة ابتزازه للسير بالسياسة الاميركية، معتبرة أن الضغط الاميركي من شأنه ان يوصل الى خلخلة الوضع في لبنان، لافتة الى ان هناك مطالبة أميركية للحريري بالابتعاد عن رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر الداعمين الاساسيين لحزب الله.
وقررت شركة موديز للتصنيف الإئتماني للدولة اللبنانية الإبقاء على التصنيف الحالي Caa1 . ووضعت تصنيف لبنان قيد المراقبة وباتجاه التخفيض خلال ثلاثة أشهر إذا لم يتبلور مسار الأمور باتجاه إيجابي. وستقوم موديز خلال هذه الفترة بتقييم أداء الحكومة ومدى التزامها بإقرار موازنة العام 2020. وسوف يعزز هذا الالتزام الثقة ويؤمن الدعم الخارجي.
بالتوازي، ارتفعت سندات لبنان الحكومية المقوّمة بالدولار، بعد أن استحدث مصرف لبنان المركزي إجراءات لتوفير الدولار للبنوك التجارية لدعم واردات الوقود والقمح والأدوية. ورأت مصادر وزارية لـ البناء أن تعميم سلامة سيدفع نحو الحل وسيزيل القلق المتربص باللبنانيين، مشيرة الى ان الأمور على سكة المعالجة، وأن البلد ليس ذاهباً نحو الانهيار، مضيفة أن العمل الوزاري منكبّ على تنفيذ جملة من الإصلاحات المطلوبة لإنهاء الأزمة الاقتصادية.
الى ذلك، وفيما يعقد مجلس الوزراء جلسة الساعة 11:30 من قبل ظهر يوم الخميس المقبل في قصر بعبدا للبحث في جدول أعمال من 38 بنداً، التأم مجلس الوزراء أمس، في السراي الحكومي برئاسة الرئيس سعد الحريري لمناقشة مشروع موازنة 2020 وأنهى دراسة الجزء الثاني من معظم الوزرات، ما عدا وزارتي الخارجية والمغتربين والأشغال العامة والنقل، نتيجة غياب الوزيرين المعنيين، على أن يستكمل مناقشة الجزء الثاني من الأرقام في الجلسة المقبلة المتوقع أن تكون الأخيرة، بحسب مصادر وزارية.
وأعلن وزير الإعلام جمال الجراح أنّه تم إعفاء السيارات السياحية المُستخدمة لدى شركات السيارات من بعض الرسوم. وأشار الى ان لجنة الإصلاحات ستعقد جلسة اليوم وجلسة أخرى بعد جلسة الحكومة المقبلة يوم الخميس، لاستكمال بحث الإصلاحات واتخاذ قرارات مهمة بموضوع الإصلاح، الذي يجب أن يترافق مع الموازنة .
وأكّد تكتل لبنان القوي أن لا انهيار اقتصادياً، مشيراً الى أن الأزمة ناتجة عن إصلاح مطلوب لا يتم بقرار فردي او حزبي، بل من خلال المؤسسات التي حوّلت اليها مقترحات أصبحت بدورها قرارات وقوانين وبعضها يناقش والتنفيذ من مسؤولية الحكومة مجتمعة. ولفت التكتل بعد اجتماعه الى أن مَن يريد استغلال ما يحصل بالسياسة لتحميله لرئيس الجمهورية وفريقه السياسي بخلفية أن العهد بهرّ فنحن عضمنا أزرق ولحمنا مش طري . وشدد على أن همّنا إنقاذ الوضع الاقتصادي والمالي الذي هو نتيجة تراكمات عقود من الزمن كنا فيها خارج الدولة والبلاد وقال: سنتحمّل المسؤولية ولكن لن ننجرّ للمهاترات وندعو الى تحمّل المسؤولية في تنفيذ الإصلاحات .
الى ذلك، افادت قناة أم تي في ان الرئيس الحريري ألغى وتيار المستقبل الندوة التي كانت مقرّرة أن تقام في قصر القنطاري مع رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، في إطار حوارٍ مفتوح مع الأخير.
على خط آخر، ألغى رئيس الحكومة سعد الحريري وتيار المستقبل الندوة التي كانت مقررة ان تقام في قصر القنطاري مع رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وقد أثار هذا القرار ارتياحاً في صفوف المستقبليين بحسب صفحة تيار المستقبل».
وأتى هذا الإلغاء رداً على التصريحات التي دأب عليها بعض نواب وكوادر التيار الوطني الحر واستجابة لمطالبة كوادر المستقبل بإلغائها.