أمسية للسيمفونيّة الوطنيّة السوريّة مع خماسيّ دمشق النحاسيّ
كتب سامر اسماعيل من دمشق سانا : اختار المايسترو ميساك باغبودوريان مقدمة أوبرا «ميتريداته ملك بونتو» لمؤلفها فولفانغ أماديوس موزار افتتاحية لأمسية الفرقة السيمفونية الوطنية التي أحيتها على مسرح الدراما، ورافقها خماسي دمشق النحاسي الذي ضم العازفين، أروى شيخاني كمان ومسلم رحال ناي ، ومحمد عثمان بزق ومحمد نامق التشيللو ، لتكون هذه الأمسية أقرب إلى عشاق الموسيقى الكلاسيكية التي أسست لها جمهوراً عريضاً عبر حفلات دار الأسد للثقافة والفنون منذ افتتاحها عام 2004.
قدمت الفرقة السيمفونية الوطنية برنامجاً منوعاً هذه المرة، مستندةً إلى خبرة عازفيها وقائدها باغبودوريان الذي آثر في هذا الحفل تقديم تحفة الموسيقي لودفيغ فان بيتهوفن من مقام سلم صول ماجور مصنف أربعون إذ أدت هذه المقطوعة المكتوبة للأوركسترا مع عازفة الكمان أروى شيخاني، لتتجلى النقلات اللحنية ذات الانطباع الرومانسي في هذه الفقرة من الحفل، وصولاً إلى تآلف عالي المستوى بين آلة الكمان وجوقة العازفين التي قدمت بدورها أداءً جماعياً لافتاً على مستوى التناغم بين الفرقة والمايسترو ودخول الكمان عليها.
فرانس فون سوبيه لم يغب عن أمسية السيمفونية الوطنية فحضرت مقطوعته «الفلاح والشاعر» وأعقبتها مقطوعة من التراث السوري عنوانها «يا محلا الفسحة» مكتوبة لآلة التشيللو والوتريات من إعداد الفنان ناريك عبجيان، جنباً إلى جنب مع عازف التشيللو محمد نامق الذي قدم بدوره أداءً لافتاً على آلته في ما يشبه حوارية بين التشيللو وجوقة الكمنجات والآلات الإيقاعية، وصولاً إلى تناغم لحني ومقامي بين الجملة الشرقية والغربية في مقطوعة من مقام الحجاز كرد. كما قدمت الفرقة مقطوعة تانغو لآلة البزق والوتريات من إعداد الفنان جوان قرجولي أعدها عن مؤلفات أمير البزق محمد عبد الكريم وعزفها منفرداً محمد عثمان، ثم كان الجمهور بعدها على موعد مع فقرة خاصة تحت عنوان «رقصجي» من ألحان وأداء عازف الناي الفنان مسلم رحال، جنباً إلى جنب مع جوقة الوتريات، إذ تمكن رحال بدعم من السيمفونية الوطنية من التعشيق بين آلة الناي الشرقية والآلات الغربية في تناغم مقامي متقن للغاية.
خماسي دمشق ختم هذه الأمسية الدمشقية بمقطوعة «سريانيات» بمشاركة من جوقة الوتريات في السيمفونية الوطنية، فقدم كل من راني إلياس ودلامة شهاب ترومبيت ومحمود العاقل ترومبون وفؤاد شلغين هورن وشربل اصفهان توبا أداءً لافتاً من الموسيقى السورية القديمة، معتمدين على غنى هذه الموسيقى وقدرتها على التأثير في الجمهور وجذبه أكثر نحو مناخاتها السحرية التي تعد حقاً جذر لموسيقى العالم.
تميز خماسي دمشق النحاسي الذي تأسس عام 2000 بأنه تشكيلة آلية متوازية صوتياً، إضافةً إلى قدرته وطواعيته في عزف جميع أشكال الموسيقى، لذا كان مخزون خماسي دمشق مليئا بالأعمال الموسيقية من جميع العصور الموسيقية الكلاسيكية إلى موسيقا الجاز والموسيقى الشعبية، إذ عمل هذا الخماسي على نحو مستمر ومنذ تشكيله على إعادة توزيع أعمال من التراث الموسيقي والغنائي السوري والعربي وتقديمه بشكل آلي صرف لكسب اهتمام الجمهور وتسليط الضوء على القدرة الموسيقية الآلية لهذا الفريق الفني.