ثورة الواتساب تُجبر رئيس الحكومة على التراجع… فهل تُسقط وزير الاتصالات؟ أرسلان لـ البناء : زيارة الرئيس عون إلى دمشق ضرورة وطنية… وآمل لزيارة باسيل التمهيد
كتب المحرّر السياسيّ
دولياً وإقليمياً كان المشهد الحاكم في شمال سورية، حيث هرعت واشنطن إلى أنقرة على إيقاع قرار الرئيس السوري بشار الأسد، بإرسال الجيش إلى الحدود لمواجهة الغزو التركي، والمحاولة الأميركيّة التي انتهت بإعلان نائب الرئيس الأميركي مايك بنس بعد لقائه الرئيس التركي رجب أردوغان ثنائية، وقف نار تركي وانسحاب كردي، بقيت ناقصة ضلعاً ثالثاً هو من سيتولى الانتشار في العمق الذي قال بنس إنه يمتدّ لثلاثين كليومتراً، وسيُخليه الأكراد، ليبدو أن الضلع الثالث سيكتمل مع زيارة أردوغان إلى موسكو الثلاثاء، بعدما مهّدت أنقرة لوقف عملياتها بضمانات روسية أميركية، تتضمّن رفع العقوبات الأميركية، وانسحاب الجماعات المسلحة الكردية، وتتضمن القبول بالتأقلم مع القرار السوري بالانتشار حتى الحدود تمهيداً للعودة إلى اتفاق أضنة.
لبنانياً، كان الشارع صاحب الكلمة الفصل أمس، حيث انفجر الغضب الشعبي على الإدارة الحكوميّة للملف الاقتصادي المالي، القائمة على زيادات في الضرائب ومحاولة تهريبها على طريقة الجرعات، فخرج الناس بصورة غير مسبوقة إلى الشارع بعشرات الآلاف من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وبما تخطّى تجمّعات المدن إلى القرى والبلدات والطرق الثانوية، حيث كان المشهد تعبيراً عن إنذار بما هو أكبر، وتواصل التصعيد الشعبي وتزخيم التحرك مع ساعات الليل، بعدما حاول وزير الاتصالات محمد شقير تجريع الناس قرار فرض ضريبة ستة دولارات على التخابر بواسطة تطبيق الواتساب، وفشل فشلاً ذريعاً. فرفعت دعوات تطالبه بالاستقالة، حتى خرج يعلن التراجع عن القرار بطلب من رئيس الحكومة سعد الحريري، والناس بقيت في الشارع رغم التراجع الحكومي وسط سؤال عن السقف الذي سيتبنّاه المتظاهرون لتحركهم، بين استقالة الوزير أو استقالة الحكومة كما قال بعض الذين يتصدّرون التجمّعات، خصوصاً بعدما تعرّض المتظاهرون لمحاولات تضييق وأذى كان أحدها في العاصمة بين أخذ وردّ بين المتظاهرين ومرافقي الوزير أكرم شهيب، الذي قام بتسليم مرافقه للقوى الأمنية مع اعتذار وجّهه النائب السابق وليد جنبلاط للمتظاهرين.
النائب طلال أرسلان الذي استضاف هيئة تحرير البناء في دارته في خلدة، وصف النظام السياسي الاقتصادي بالمهترئ، متسائلاً أين هي قرارات لقاء بعبدا وفي طليعتها قرار شراء الدولة للمحروقات مباشرة وتسليمها بالليرة اللبنانية، وما تحققه من وفر كبير على الخزينة؟ ومن أين جاءت مشاريع ضرائب جديدة، على البنزين والواتساب، وغابت القرارات التي لا تمسّ جيوب الفقراء؟
قال أرسلان إنه غير متفائل بالنجاح في أيّ إصلاح اقتصادي أو مالي ما لم يسبقهما إصلاح سياسي، لا يراه قريباً في ظلّ تعمّد الأغلبية السياسية الطائفية الحفاظ على الغموض بين الصيغة الطائفية للنظام والحديث عن إلغاء الطائفية، قائلاً نتمنى أن يكون الكلام عن اللاطائفية صادقاً، لكننا نشعر أنه تغليف لطائفية من نوع معيّن، فإذا كنا في نظام طائفي أين هو موقع الدروز فيه، وإذا كنا في نظام لاطائفي أين هو موقع المواطن فيه؟
يضيف أرسلان أنّ وضع الدروز قبل الطائف كان أفضل بكثير، لأنّ القيادة التي شاركت باسمهم في صناعة الصيغة عام 43 ممثلة بالأمير مجيد أرسلان ضمنت مشاركتهم في الدولة بمعزل عن اللون السياسي، ولذلك رأينا مجيد أرسلان وزيراً للدفاع وكمال جنبلاط وزيراً للداخلية في حكومة واحدة عام 1968، بينما صارت هذه الوزارات محرّمة علينا بعد الطائف باسم توزيع الوزارات السيادية على طوائف بعينها، وذلك لأنّ مَن شارك بالتفاوض باسم الدروز في وضع صيغة الطائف لم يكن يعنيه هذا الأمر. وهذه نقطة بداية الخلاف بيننا وبين النائب السابق وليد جنبلاط.
عن مسار قبرشمون يقول أرسلان، راضون عن المسار القضائي بانتظار إحالة قرار المحكمة العسكرية إلى مجلس الوزراء ليقرّر الإحالة إلى المجلس العدلي من عدمها، وفقاً للتوصيف الجرمي الذي يتضمّنه تقرير المحكمة العسكرية، لكن المسارين الآخرين السياسي والأمني اللذين جرى إقرارهما بصورة منفصلة عن المسار القضائي في اجتماع المصارحة والمصالحة الذي جمعنا في بعبدا لا يزالان متجمّدين، فلا خطة أمنية ولا نقاش لإدارة الخلاف بين مكوّنات الجبل السياسية، وتنظيم الشراكة في الدولة.
تشاؤم أرسلان يتحوّل إلى تفاؤل بالانتقال من المشهد المحلي إلى المشهد الإقليمي الذي تتصدّره الأحداث في سورية، وحيث يجاهر أرسلان ويباهي بوقوفه في ضفة الانتصارات السورية التي لا بدّ أن تنعكس على لبنان، وحيث نتفهم شعور من راهنوا على سقوط سورية بالإحباط، وعليهم تقبّل شعورنا بفرحة النصر، ويعتقد أرسلان أنّ حلولاً كثيرة للمشاكل اللبنانية في ملف النازحين، الذين يتولى إنجاز خطة عودتهم الوزير صالح الغريب، أو في ملفات التصدير والترانزيت والكهرباء والنفط وسواها، موجودة في الاستثمار على العلاقة بسورية، وقد تأخر لبنان كثيراً ولا يجوز أن يتأخر أكثر، وأساء الكثير من اللبنانيين بحق سورية، وبات ضرورياً إحداث نقلة نوعية في العلاقات بين الدولتين، لا يحققها إلا توجه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى دمشق للقاء الرئيس بشار الأسد، لما للعماد عون من مكانة وتقدير، ولمواقفه الصادقة مع سورية وتجاهها، وعندها سيكون للبنان فرصة التوصل لتفاهمات نوعية. ويختم أرسلان بالقول، أتمنى أن ينجح الوزير جبران باسيل بعد مواقفه المهمة والنوعية في اجتماع الجامعة العربية، في التمهيد لزيارة فخامة الرئيس التي باتت ضرورة وطنية.
لم تمُرّ الإجراءات الضريبية التي أقرّها مجلس الوزراء في جلسة الاربعاء الماضي مرور الكرام في الشارع. فقرار فرض ضريبة على الاتصالات عبر خدمة الواتساب أي 6 سنتات على أول مكالمة أشعل الشارع الذي شهد سلسلة احتجاجات أمس، بدأت بتجمع حشد من المواطنين في ساحة رياض الصلح وانتقلت الى جسر الرينغ وسط بيروت، حيث قطع الطريق وامتدت الى بيت الكتائب الصيفي وصولاً الى المشرفية في الضاحية الجنوبية فقطعت الطريق بالاطارات المشتعلة. كما انطلاق تظاهرة احتجاجية من الصيفي باتجاه الحمرا، وانتشرت القوى الامنية أمام مجلس النواب بشكل كثيف.
كما انطلقت مظاهرة أخرى في صيدا جابت ساحة النجمة وبعض أحياء المدينة احتجاجاً على الاوضاع المعيشية.
القرار جاء بناءً على اقتراح قدّمه وزير الاتصالات محمد شقير الى مجلس الوزراء، بحسب وزير الإعلام جمال الجراح والذي يحقق للدولة 200 مليون دولار، بحسب مصادر الوزارة، ولاقى موافقة جميع الوزراء دون اعتراض إلا أن حزب الله سجل تحفظه حسب ما أعلن الوزير محمد فنيش. فيما قال وزير الاتصالات الأسبق شربل نحاس لـ البناء ان القرار مخالف للقانون ولا يحق لوزير اتخاذه بل يحتاج الى قانون في مجلس النواب، لأنه يرتب عبئاً مالياً ، بينما اوضح خبير الاتصالات العميد محمد عطوي لــ البناء أن القرار يخفي رائحة صفقة عبر شراء نظام تطبيق ومعدّات من الخارج لا تملكها الدولة وبالتالي تحقيق أرباح مالية من هذه الصفقة ، محذراً من خطورة هذه المعدات في عملية التنصت على شبكة الاتصالات اللبنانية فضلاً عن تعرض لبنان للمقاضاة من الشركة العالمية المشغلة لواتسآب .
وكان الجراح أعلن أن 20 سنتاً في اليوم فرضت على الواتساب كول أي على التخابر عبر الواتساب أقرت في مجلس الوزراء ويبدأ العمل بها في 1-1-2020.
وعلى وقع تحرك الشارع كان مجلس الوزراء يعقد جلسة في السرايا الحكومية بجدول اعمال عادي، وبشكل مفاجئ رفع رئيس الحكومة سعد الحريري الجلسة وانتقل لترؤس اجتماع مالي تنسيقي بحث في زيادة 1 بالمئة على الـ TVA و3 بالمئة على البنزين والحسومات على المعاشات التقاعدية. وبحسب مصادر حكومية فإن السلة الضرائبية ستحال للمجلس النيابي من خارج الموازنة.
كما عقد اجتماع جانبي في السراي ضمّ الحريري والوزراء: المال علي حسن خليل والخارجية جبران باسيل والداخلية ريا الحسن والدفاع الياس بو صعب والشباب والرياضة محمد فنيش والأشغال يوسف فنيانوس والصناعة وائل أبو فاعور. وأفادت قناة أو تي في عن اللقاء الذي ضم كل الأفرقاء السياسيين باستثناء القوات أن الاتفاق جرى على تسريع إقرار الموازنة ، كما افادت أن وزير المال أعدّ مشروعاً بالبنود الإصلاحية التي جرى التوافق عليها لعرضه اليوم على مجلس الوزراء بصيغته النهائية.
وذكرت مصادر وزارية ان الحريري حاول جاهداً للانتهاء من إقرار مشروع موازنة 2020 في جلسة مجلس الوزراء المقررة اليوم في السرايا الحكومية، بالشكل الذي وصلت اليه، مع الإصلاحات التي تضمنها المشروع، على ان يجري تباعاً إقرار الإصلاحات الأخرى التي تحتاج الى مشاريع قوانين تحال الى المجلس النيابي لإقرارها.
واوضحت المصادر ان الإصلاحات التي يتضمنها مشروع الموازنة تتركز على عصر النفقات وزيادة الواردات، ومنها إلغاء ودمج عدد من المجالس ودعم الصناعات الوطنية بفرض الرسم على البضائع المستوردة المصنّع منها محلياً وتعديل قانون الموازنة العمومية، عدا القرارات التي يمكن ان يتخذها مجلس الوزراء في هذا الشأن.
واضافت المصادر: أن مشاريع القوانين المتعلقة بالإصلاحات اصبحت معروفة، واهمها: قانون المناقصات أو المشتريات العمومية، وقانون الإصلاح الجمركي، وقانون مكافحة التهرب الضريبي وقانون ضمان الشيخوخة، المنجز من سنة 2012 والنائم في الأدراج، والذي أعده وقتها وزير العمل سليم جريصاتي، في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.
وقبل الجلسة، قال وزير المال: داخل الموازنة لا ضرائب، كلها من خارج الموازنة والرسم على التبغ والتنباك غير وارد في الموازنة ولا يحتاج إلى مجلس الوزراء . وأعلن الجراح أن الاقتراح الذي سيدرس بالنسبة للـTVA بأن نزيد 2 في العام 2021 و 2 في العام 2022 لتصبح 15 مثل معظم دول العالم. اضافة الى اقتراح بوضع رسم 3 بالمئة على المحروقات على ان تستوردها الدولة.
وأفادت قناة الـ ال بي سي أنه تم إقرار زيادة 750 ليرة على صفيحة البنزين في جلسة مجلس الوزراء منذ يومين.
وتوقعت مصادر نيابية أن تشهد الأيام المقبلة كباشاً سياسياً محتدماً وتظاهرات شعبية خلال مرحلة مناقشة الموازنة وتعود الى طبيعتها بعد إقرارها، واشارت لـ البناء الى أن ما يدور في المنطقة يصبّ في خدمة الحلف الذي يؤيد الانفتاح على سورية كنافذة اقتصادية تنعش الاقتصاد اللبناني .
وقالت مصادر تكتل لبنان القوي لـ البناء ان احالة الموازنة الى المجلس النيابي بالمهل الدستورية أمر مطلوب، لكن يومين بالزايد او بالناقص لا يقدم ولا يؤخر، بل الأهم أن نصل الى موازنة تتضمن حداً أدنى من الاصلاحات التي طالبت بها معظم القوى السياسية وليس التيار الوطني الحر فقط ، وأكدت المصادر أن العلاقة بين الحريري وباسيل لم تتأثر لتعود الى طبيعتها وما حصل في جلسة الثلاثاء طبيعي يوضع في إطار النقاشات ومقاربة الموازنة من زوايا مختلفة ، وأكدت ان التيار على موقفه برفض الضرائب على الطبقات الشعبية من دون أي إصلاحات جدية بالمالية العامة والإدارة .