رؤساء الكنائس للمسؤولين: اسمعوا صوت الشعب ومواجهة المشاكل بحوار جدّي لإنقاذ البلد
أعلن رؤساء الكنائس تأييدهم الحراك الشعبي احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية، داعين إلى أن تكون التظاهرات سلمية وحضارية. كما دعوا المسؤولين إلى سماع صوت الشعب ومواجهة المشاكل المتراكمة بمسؤولية ومن خلال حوار جدّي لإنقاذ البلد من الانهيار.
الراعي
وفي هذا السياق، وصل البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي إلى بكركي بعد ظهر أمس، قاطعاً زيارته إلى أفريقيا «نظراً للمرحلة الدقيقة التي يشهدها لبنان ويمرّ بها الشعب اللبناني … ولمواكبة التطورات المستجدة على الساحة المحلية»، وذلك بحسب بيان للمكتب الإعلامي في كركي.
وقبيل مغادرة الراعي لاغوس في نيجيريا، أول من أمس، ترأس الذبيحة الإلهية واضعاً الحجر الأساس لبناء مقر لمطرانية أبرشية سيدة البشارة، وألقى كلمة قال فيها «نصلّي إلى الله، كي يمسّ ضمائر المسؤولين السياسيين عندنا ويلهمهم لإيجاد الحلول اللازمة والناجحة والسريعة للأزمة الاقتصادية والاجتماعية، التي أصبحت أزمة جوع، تتهدد حياة اللبنانيين لأول مرة، من بعد أزمة جوع ومجاعة سنة 1914، التي فُرضت من الخارج. أمّا المؤسف فهو أنّ أزمة الجوع اليوم مفروضة من الداخل. فحملت بهم إلى النزول كباراً وشباناً وأطفالاً إلى الشوارع للإعراب بالمظاهرات والإضرابات عن رفضهم لمثل هذه الممارسة السياسية. وبذلك أظهروا كلهم بتنوّعهم أنهم شعب واحد بكلّ أطيافه يطالب بالعيش الكريم. وأظهروا أيضاً عدم ثقتهم بهؤلاء المسؤولين الذين فشلوا فشلاً ذريعاً بممارستهم السياسة، ذلك أنهم بددوا مال الخزينة نهباً وهدراً على حساب الشعب وحياة الدولة».
وجدّد الدعوة إلى ان تكون المظاهرات سلمية وحضارية «بعيداً عن الاعتداء على الأشخاص والممتلكات الخاصة والعامة وعلى القوى الأمنية، والابتعاد عن الشعارات المسيئة». ودعا المتظاهرين «إلى تصويب تحركاتهم وتوحيد مطالبهم المعيشية والاقتصادية والاجتماعية التّي هي حقوقهم الأساسية».
ووجّه نداءً إلى «الحكومة كي تعلن حالة الطوارئ الاقتصادية، وتعقد جلساتها يومياً لإيجاد الحلول وتنفيذها من أجل إنقاذ المواطنين في معيشتهم، والدولة من الانهيار».
وختم «أنا آسف لاقتطاع ثلاثة أيام من الزيارة المخصصة لنيجيريا بسبب وجوب العودة إلى لبنان، هذه الليلة، بسبب الأوضاع المؤسفة الجارية في وطننا الحبيب».
العبسي
بدوره، عبّر بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي عن ألمه «مما أوصل الشعب اللبناني للغضب والنزول إلى الشارع». وأعلن تضامنه مع الناس «الذين يعبّرون اليوم عن وجعهم ومرارتهم وفقدان الثقة بمن أوصلوهم الى هذا الواقع المرير». وناشد المسؤولين «التجاوب مع مطالب الشعب اللبناني وعدم إغراقه بالوعود، بعد أن وصل الى حافة اليأس»، داعياً إلى «الحفاظ على سلمية التحركات والتعاطي باحترام مع القوى الأمنية وإلى نبذ الأساليب العنيفة التي استعملت من قبل البعض لحرف التحرّكات المحقة عن أهدافها النبيلة»، وتمنّى «عدم اللجوء إلى القمع إذ إنّ الإصلاح الجدّي والقضاء على مكامن الهدر وبؤر الفساد واحترام كرامة المواطن بات أمراً ملحّاً وضرورياً لاستعادة الثقة بالمسؤولين وخلاص الوطن». وختم العبسي «حان الوقت كي يعترف كلّ منا بخطيئته. كلنا قد أخطأنا وكلنا في حاجة إلى أن نتوب إلى الله وإلى وطننا لبنان».
يازجي
من جهتها أعلنت بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس في بيان أنّ البطريرك يوحنّا العاشر يازجي يرفع الصلاة في دير سيدة صيدنايا، من أجل لبنان «ويؤكد أنّ الكنيسة ترافق في صلاتها أبناء الشعب اللبناني الذين خرجوا يشتكون من القسوة والضيقة الحياتية التي بلغت درجات كبيرة من التأزم والخطورة». ولفتت البطريركية المسؤولين «إلى أهمية الإصغاء لصوت الشعب ومواجهة جميع المشاكل المتراكمة بمسؤولية ومن خلال حوار جدّي وخطوات ملموسة تسمح بتجاوز الأزمة الحالية والانصراف لإنقاذ البلد من الانهيار وبناء غد أفضل لأبنائه».
وأهابت «بجميع الذين خرجوا للتعبير عن وجعهم وعن رغبتهم بقيام بلد يعبّر عن تطلّعاتهم إلى الحفاظ على رقي تحرّكهم والسعي لتلافي كل الأعمال التي من شأنها أن تزيد الأوضاع الحياتية تعقيداً وتأزماً».
يونان
كما أعلنت أمانة سر بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية في بيان أنه نظراً للأوضاع الراهنة والأزمة الأخيرة في لبنان، توجه بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بكلمة أطلق فيها موقفاً ونداءً ملحاً من أجل لبنان «الذي يمرّ بأيام صعبة وعصيبة»، فقال «نصلي اليوم من أجل لبنان الذي يمر بأيام صعبة وعصيبة، حيث يشهد تظاهرات شعبية غير مسبوقة تندّد بالوضع الحالي في البلاد وبما وصل إليه المواطنون من بطالة، وجوع، وعدم توفر أدنى مقوّمات العيش الكريم، اقتصادياً واجتماعياً».
وأعلن تأييده «الشعب اللبناني الأبي في مطالبه، ونرفع الصوت معه، بكل فئاته وأطيافه، كرعاة كنسيين يهمهم قبل كلّ شيء خير النفوس والمؤمنين وأبناء الوطن جميعاً»، وتوجّه إلى المسؤولين عن شؤون البلاد كي ينصتوا إلى صوت الشعب، فيقوموا على الفور بالإصلاحات الضرورية والأساسية، من مكافحة الفساد، ومحاسبة الفاسدين، وإنهاء سرقة المال العام، وإيقاف الهدر في مرافق الدولة، والامتناع عن فرض أيّ زيادة على الضرائب أو ضرائب جديدة، وتأمين حاجات المواطنين الأساسية ومتطلبات عيشهم الكريم ومسكنهم اللائق، لتعود إلى المواطنين الثقة التي فقدوها بوطنهم وبالمسؤولين فيه».
وفيما أثنى على «هذا الحراك الشعبي المحق والعادل»، ناشد «ضمائر المسؤولين، إنْ بقي هناك ضمير في دنيا النفاق هذه، أن يكونوا على قدر المسؤولية التي أوكلت إليهم»، داعياً «إلى أن تكون هذه المظاهرات الشعبية سلمية وحضارية، بعيدةً كل البعد عن أيّ شعارات مسيئة أو تعديات على أشخاص مدنيين أو عسكريين أو أملاك عامة وخاصة».
وختم «نسأل الله أن يلهم المسؤولين سبيل الخروج من هذه الأزمة الراهنة، وتنفيذ مطالب الشعب، ليعود إلى لبنان سلامه وأمانه وازدهاره، وإلى مواطنيه الطمأنينة والاستقرار والعيش الكريم».