هذا هو شعبنا ينتفض في يومه.. حتى أطفاله الميامين قضيتنا ليست قضية حكومات تُشكَّل أو تزول بل قضية الشعب
ولو غفت الطفولة من تعب النضال، فإن عيونها تغفو لكن قلبها يبقى خافقاً بحب الوطن. فالهم الذي تراه مرتسماً على الوجوه من حكومة تعيسة، لا همّ لها سوى مراكمة أرقام الضرائب وجبايتها وسدّ دروب التقدم عن الشعب اللبناني، وتعزيز التفاوت بين أبنائه، لمصلحة اقلية متحكمة بقوة القانون المركون في الجوارير والنظام الموسمي الذي تتم إفاقته متى يشاؤون وتنويمه متى يشاؤون. وعندما تنشب حروب القبائل والطوائف يسنفرونها لتقدم دماءها رخيصة كرمى لمجد قادة القبائل وحروب الطوائف وكي لا تقفل بيوتات إقطاعية ويمحو مجد بيوتات سياسية.
إن هذا العهد ولّى إلى غير رجعة كلما تسلل نور الحركة القومية الاجتماعية إلى حركة الشعب، تصديقاً لقول الزعيم أنطون سعاده:
«الحركة القومية الاجتماعية حركة حقيقية، فهي لا تطلب الأوهام ولا تشتغل في الأوهام ولا تسعى إلى سراب! لا يوجد شيء في العالم يمكن أن يخيف الحركة القومية الاجتماعية، لأنها حركة قوة وانتصار. إنها حركة قوية منتصرة!
إنّ الذين اتخذوا القضايا الواسطيّة سلّماً يرقون عليها إلى مآربهم الخصوصيّة قد يصلون إلى الحكم ـ قد يصلون إلى مآربهم، ولكنهم لا يتمكنون من إيصال الشعب إلى خيره، ولا من إيصال الأمة إلى مجدها، فلا يوصل الشعب إلى خيره والأمة إلى مجدها إلا حركة الشعب ونهضة الأمة ـ النهضة القومية الاجتماعية.
إنّ هذه الحركة هي حركة الشعب، لأنها حركة العمال والفلاحين الكادحين الذين حرّرتهم القومية الاجتماعية من الخمول والذل والاستسلام لينتجوا بأيديهم ومعاولهم خير شعبهم ولينالوا، بفضل جهادهم القومي الاجتماعي، حقوق حياتهم الجيدة التي لا يمكن أن يمنّ بها عليهم أحد من الإقطاعيين والمشعوذين، ولا يليق بإبائهم وعزة نفوسهم أن يقبلوها منحة وتحناناً من إقطاعي أو راسمالي أو مشعوذ، ولا يليق بشرفهم القومي الاجتماعي أن يقبلوها هبة أو وعداً بهبة من دولة أجنبيّة تسوقهم إلى أغراضها ومطامعها السياسية!
إنها حركة الشعب لأنها حركة أصحاب المهن الحرة والمثقفين الذين يعملون ليل نهار في الإنتاج الذي لا يدعمه راسمال ولا تحميه حكومة، والذين حررتهم الحركة القومية الاجتماعية من الفوضى ليعملوا بعقولهم وفنونهم لعهد جديد تزول به الفوضى والمخاوف والشكوك غير متسكعين ولا مستجدين!
إنها حركة المواهب القومية الاجتماعية في خدمة الأمة وحركة موارد الأمة في النظام الجديد الذي يجعل هذه الموارد موارد خير وصحة وفلاح ونعيم للمجموع القومي!
إنها الحركة التي تمكّن الأمة من الوقوف في وجه البلوتوقراطية ـ الرأسمال الأجنبي الذي لا يستعبد فئة واحدة من فئات الشعب، بل يستعبد الأمة كلها ويسيطر على مواردها بواسطة ما يلقيه إلى حلفائه من فيض خيره فيتلقفونه تلقف الذليل معفِّرين الجباه ومنزلين أمتهم في مهاوي الفقر والذل والعار!
إننا حركة الشعب. إننا نثق بالشعب الذي احتقره السياسيون وتلاعب بمقدراته الإقطاعيون وخانه المثقفون في ثقافة الاستعمار والرجعة. فنحن من الشعب ونعمل في الشعب لأجل الشعب. إننا نحتقر الاستناد إلى النفوذ الأجنبي الذي يعتمده دهاقنة السياسة الرجعيون الإقطاعيون ليسخّروا الشعب للقضايا الغريبة ولا نعتز إلا بالشعب.
الحكومات تأتي وتذهب أما الشعب فيبقى!
ليست قضيتنا قضية حكومات، بل قضية شعب ـ قضية أمة ـ قضية خير وفلاح ووعز قومي اجتماعي». من مقاله «لا مفرّ من النجاح» .