التعديل الوزاري لن يُبحث قبل بتّ استقالة وزراء القوات… وكله مؤجل لما بعد فتح الطرق مواجهات مع الجيش بعد تهرّب الداخلية… وعون يتحدّث اليوم… وبري لقيام الدولة المدنية
كتب المحرّر السياسيّ
شكل إعلان الرئيس التركي رجب أردوغان عن مضمون ما تمّ التفاهم عليه في سوتشي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لجهة اعتبار الجيش السوري مسؤولاً عن الأمن في شمال سورية وصولاً للحدود مع تركيا بالتزامن مع انسحاب الجماعات الكردية المسلحة، منعطفاً في مسار الحرب على سورية، لجهة تأكيد سقوط كل المشاريع التي تمّ تقديمها كبدائل عن مشروع الدولة السورية، فلا مشروع الإدارة الذاتية الكردية قابل للحياة، ولا الاحتلال الأميركي قابل للبقاء، ولا المشروع التركي للمنطقة الآمنة له فرص حقيقية، والدولة السورية التي لم تساوم لا مع القيادات الكردية ولا مع الحكم التركي ولا مع الاحتلال الأميركي على شروط تقدّم مشروعها، فرضت هذا التقدم بقوة الإنجاز المؤسس على مفهوم السيادة والوحدة، والتفوق في الحرب على الإرهاب، وصدقية بناء التحالفات.
في لبنان كان الحدث في المواجهات التي شهدتها بعض المناطق اللبنانية، بين مجموعات من المعتصمين في الطرقات العامة تحت شعار الحراك الشعبي وإصرار المتظاهرين على قطع الطرقات، ما تسبب باختناقات مرورية وصدامات مع المواطنين الراغبين بالعبور، ما استدعى تدخّل الجيش بعدما كان مستغرباً لدى أكثر من فريق سياسي مشارك في الحكومة استنكاف وزيرة الداخلية عن تكليف قوى الأمن بالقيام المهمة كما يجري عادة ويتولى الجيش مساندتها، وقد نجح الجيش في فتح العديد من الطرق، لكن بدا أن هناك قراراً من القوات اللبنانية بمنعه من إكمال المهمة، كما أظهرت عملية زجّ البلوكات الحزبية بالآلاف في منطقتي جل الديب وذوق مصبح، وشكّل الموقف القواتي وما جلبه من حشود سبباً لتمهّل الجيش لدراسة الموقف قبل التحرّك مجدداً، فيما قالت مصادر متابعة إن الجيش لا يستطيع التعايش لأكثر من ساعات مع هذا التمرّد الأمني، وسيعالجه سريعاً، وربما صباح اليوم، بينما وقعت إشكالات عدّة بين المتظاهرين الذين اعتصموا في سوق النبطية وبلدية المدينة، وآخرين في مزرعة يشوع ومؤيدين للتيار الوطني الحرّ على خلفية نزع صورة لرئيس الجمهورية.
الدفع بالحراك للتحوّل إلى ظاهرة أمنية كان مؤشراً خطيراً على ما قد تشهده الأيام المقبلة ما لم يتم استدراك الأمر بقرار على مستوى إعلان من ساحات الحراك يرفع الغطاء عن كل عمليات قطع الطرق، والتمسّك بحرية التظاهر والتجمع في الساحات حتى تحقيق المطالب، والاعتماد على المشاركة الطوعيّة للمواطنين الذين لم يبخلوا خلال الأيام التي مضت على الساحات بالحضور، واستغرب كثيرون منهم أن ينالهم هذا العقاب الذي ترجمته عملية إقفال الطرق.
بالتوازي، أكدت مصادر سياسية مطلعة أن لا بحث جدياً في تعديل وزراي يجري الحديث عنه، وأن الأمر يمكن أن يجري بحثه جدياً بالتزامن مع حسم أمر استقالة وزراء القوات اللبنانية، وهو أمر مؤجل لما بعد فتح الطرق الذي يبدو أنه المحطة الفاصلة التي تراهن عليها القوات لتصعيد المواجهة. وعندما تعود الطرقات إلى طبيعتها يراهن بعض الحكومة والمعنيين بالملف الحكومي على تراجع القوات عن استقالة وزرائها، بينما حذرت مصادر مالية مما سيحمله اليوم بعد عودة الدورة الطبيعية للمصارف على مستوى الحال المالية والنقدية ما لم يكن المناخ السياسي إيجابياً.
في المواقف السياسية، ينتظر أن يطل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم متحدثاً إلى اللبنانيين في أول إطلالة منذ بدء الحراك الشعبي، بينما علّق رئيس المجلس النيابي على مناخ الحراك اللاطائفي بصفته فرصة عظيمة للسير نحو الدولة المدنية بدءاً بإقرار قانون انتخاب خارج القيد الطائفي وعلى مستوى لبنان دائرة واحدة وفقاً للنسبية كما تمّت المناداة في ساحات الحراك.
لليوم السابع على التوالي استمرّ الحراك الشعبي في الشارع في مختلف المناطق اللبنانية مع تسجيل توترات متنقلة بين المتظاهرين ومؤيدي الأحزاب من جهة وبين المتظاهرين والجيش اللبناني من جهة ثانية، وإذ حافظت الحشود على أعدادها في الساحات لا سيما في ساعات المساء، استمرّت المشاورات بين المقار الرئاسية والقيادات السياسية لإيجاد حل للازمة الراهنة. على أن يوجّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كلمة الى اللبنانيين ظهر اليوم يتناول فيها آخر التطورات على الساحة اللبنانية.
إلا أن هناك سباقاً بين العثور على حلول لاحتواء التظاهرات وبين انفلات الشارع في ظل الأحداث المتنقلة التي تحصل، حيث سجل يوم أمس، اشتباك في النبطية بين المتظاهرين وشرطة البلدية فيما وقع إشكال كبير في مزرعة يشوع بين المتظاهرين ومؤيّدين للتيار الوطني الحر، بحسب ما أظهرته الفيديوات وحصل تدافع وتكسير وهرج ومرج في مكان التظاهرة. وحسب المعلومات، فالسبب يعود لقرار اتخذه المتظاهرون، وهو إزالة صورة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن أحد المباني.
وأشارت مصادر نيابية في التيار الوطني الحر لـ»البناء» الى أن لا قرار من قيادة التيار بالنزول الى الشارع مقابل الشارع الآخر لأننا نرى أن هناك أهدافاً مشتركة بيننا كما نرى محاولات لزجّنا في مواجهة مع المتظاهرين وهذا ما لن يحصل». وأوضحت أن «ما حصل في مزرعة يشوع هي عناصر غير منضبطة ومؤيدين مندفعين بقرار ذاتي وليس بقرار من التيار»، وعن التجمع الذي دعا اليه مؤيديو التيار في بعبدا اليوم دعماً للعهد لفتت الى أن الدعوة ليست من التيار بل من المؤيدين في المناطق. واستنكرت المصادر التعرّض للجيش في الذوق وغيرها من التظاهرات التي تعمل القوات اللبنانية على تسخيرها لمصلحتها وأوضحت أن المطالب الشعبية شرعية وطبيعية، لكن الاعتداء على الجيش مرفوض وقطع الطرقات مرفوض، محذرة من أننا ننتظر إجراءات الأجهزة الأمنية والعسكرية لفتح الطرقات وإلا لن نقف مكتوفي الأيدي.
على صعيد آخر، وفيما تخوفت مصادر أمنية من حصول اشتباكات بين المتظاهرين ومناصري تيار المستقبل في طرابلس والبقاع وصيدا، نفت منسقية بيروت في المستقبل نفياً قاطعاً أن تكون قد دعت الى قطع طرقات او تحركات مشابهة دعماً للرئيس سعد الحريري، وأكدت في بيان لها تفهمها الكامل للحراك الشعبي في البلاد من منطلق كلام الحريري بعد إقرار الإصلاحات في مجلس الوزراء الاثنين الماضي.
ودعت المنسقية المنتسبين والمناصرين والجمهور الى عدم القيام بأي تحرّك او نشاط باسم المستقبل قبل مراجعة مكتب ومجلس بيروت تجنباً للوقوع بمغالطات او سوء تقدير او استغلال من المتربّصين بمسيرة التيار وأهله.
ولفتت أوساط مطلعة لـ»البناء» الى «وجود خطة لضرب الثنائي الشيعي في الجنوب لتطويق المقاومة على غرار ما حصل في العراق مؤخراً، وذلك عبر إيقاع الفتنة بين المتظاهرين ومؤيدين لأمل وحزب الله»، ولفتت الى «حشر الجيش في مواجهات مع المتظاهرين غير مجدية لا سيما أن مهمة الجيش في أوضاع كهذه تقع في خدمة قوى الأمن الداخلي التي حيدت نفسها كما تبين من بيان وزيرة الداخلية ريا الحسن»، وحذّرت من «محاولة استدراج الجيش الى مواجهات مع المتظاهرين وتحميل عون وحزب الله مسؤولية تغطية ذلك بهدف ضرب ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، كما حذرت من استخدام الشارع لتحقيق أهداف خارجية». وتحدثت المصادر عن توريط أحد وزراء القوات لوزير الاتصالات بقرار فرض رسم على الواتسآب مشبّهة ذلك بتوريط الوزير السابق مروان حمادة للرئيس فؤاد السنيورة بتركيب كاميرات في المطار، وذكرت المصادر بما نشرته الواشنطن بوست قبيل اندلاع الشارع بأيام تحت عنوان «خسرنا سورية يجب أن نحافظ على لبنان».
وأصدر الجيش بياناً عبر حسابه على تويتر متوجّهاً الى المتظاهرين، قائلاً الجيش يقف إلى جانبكم في مطالبكم الحياتية المحقة، وهو ملتزم حماية حرية التعبير والتظاهر السلمي بعيداً عن إقفال الطرق والتضييق على المواطنين واستغلالكم للقيام بأعمال شغب . وأضاف: جنودنا منتشرون على الأراضي اللبنانية كافة على مدار الساعة لمواكبة تحرّككم السلمي وحمايتكم في هذه المرحلة الدقيقة وهم بين أهلهم. وتابع الجيش: لم نألُ جهداً في الأيام الماضية في التواصل مع كل الأفرقاء المعنيين للحؤول دون حصول احتكاك أو تصادم بين المواطنين.
واعتبرت وزيرة الداخلية والبلديات أن الحل يكون بالسياسة وليس بالأمن، مؤكدة ان قوى الأمن لم تتلق أوامر بفتح الطرق، كما نفت ما اشيع مجدداً عن تقديم استقالتها.
كما أجرى الحريري سلسلة اتصالات بالقيادات الأمنية والعسكرية واطلع منها على الأوضاع الأمنية في مختلف المناطق، مشدداً على ضرورة الحفاظ على الامن والاستقرار والحرص على فتح الطرق وتأمين انتقال المواطنين بين كل المناطق . وترأس الحريري ايضا اجتماعاً للجنة الوزارية المكلفة درس الإصلاحات. وعقد اجتماعاً مع وفد من جمعية المصارف برئاسة رئيس الجمعية سليم صفير، تمّ خلاله تداول الأوضاع المالية والمصرفية والقرارات التي اتخذها مجلس الوزراء أخيراً في الورقة الإصلاحية. واستقبل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعرض معه الأوضاع الاقتصادية والمالية العامة.
واعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال لقاء الأربعاء النيابي ان مطالب الحراك الشعبي كانت بكل اعتراف وضمن البنود الـ 22 التي وافق عليها اجتماع بعبدا، وقال كررنا صرختنا منذ عشرات السنين لمعالجتها ونسجل للحراك الشعبي تحقيقها تحت الضغط ولأن النصيحة كانت بجمل أصبحت بثورة . اشار عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي في تصريح بعد لقاء الأربعاء الى ان «بري أكد ان البلد لا يحتمل ان يبقى معلقاً وأبدى خشيته من الفراغ»، لافتا الى ان «بري وقع الموازنة وحولها للجنة المال والموازنة للبدء بمناقشتها وأكد ان الظرف الراهن ملائم لقيام الدولة المدنية وإقرار قانون انتخابات نيابية يعتمد لبنان دائرة واحدة على اساس النسبية . واستقبل بري وفداً من الحزب التقدمي الاشتراكي.