الحريري رحّب وتوجّه لتعيين بدلاء عن وزراء القوات وإقالة آخرين مصدر نيابي لـ«البناء»: لا إسقاط للحكومة قبل الاتفاق على البديل كي لا نقع في الفراغ والفوضى

محمد حمية

شكلت دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لإعادة النظر بالواقع الحكومي الحالي حتى تتمكن السلطة التنفيذية من متابعة مسؤولياتها، باباً جدياً للخروج من الأزمة الراهنة، إلا أنه حدد مدخلاً لهذا التغيير وهو الأصول الدستورية المعمول فيها.

رسالة الرئيس عون المسجلة الذي وجهها الى اللبنانيين جاءت بحسب معلومات البناء حصيلة مشاورات استمرت لأيام عدة أجراها مع رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة سعد الحريري وقيادة حزب الله، وذلك لإيجاد الحل للأزمة الراهنة واحتواء المطالب الشعبية التي حافظت يوم امس على سقفها بإسقاط الحكومة والنظام حتى بعد كلام رئيس الجمهورية.

وإذ لم يحدّد عون شكل وطبيعة وتوقيت هذا التغيير، فإن كلامه بحسب مصادر البناء له تفسيران: اما استقالة الحكومة برمّتها وتشكيل حكومة جديدة أو ترميم الحكومة من خلال استبدال بعض الوزراء الحاليين وإلغاء بعض الحقائب. ورجحت مصادر التيار الوطني الحر لـ البناء خيار الترميم وليس استقالة الحكومة، مشيرة الى أن الاتصالات مستمرة ولم تستقر على آلية التعديل الحكومي. بينما تحدثت مصادر آخرى عن توجه لدى الرئيسين عون والحريري لتعيين بدلاء عن وزراء القوات اللبنانية المستقيلين واقالة آخرين من عدة أطراف سياسية من بينهم وزير الخارجية جبران باسيل. إلا أن وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي رفض المقايضة بهذا الأمر وقال: طُرح موضوع استقالة وزير الخارجية ووزير المال علي حسن خليل في بعض الأوساط ولسنا بوارد المقايضة بهذا الموضوع . ولفت في حديثٍ للـ ال بي سي إلى أن معالجة الوضع الحكومي تتم بالآليات الدستورية أي ليس هناك انقلاب على الدستور ولا شيء يمنع من تعديل الحكومة ، وأضاف: هناك توزير لـ4 وزراء مكان وزراء القوات اللبنانية المستقيلين . ولفت إلى أن «الرئيس عون ينتظر ان يسمّي المتظاهرون ممثلين عنهم ويلتقوا الرئيس في قصر بعبدا لأنه يريد أن يفهم المطالب». وأعلن جريصاتي أنه «لم نتبلغ من أي فريق سياسي أنه ضد تعديل حكومي بالمبدأ والتعديل ليس بيد «حزب الله» و»حركة أمل».

وقال مصدر نيابي لـ»البناء» إن «الأزمة تحلّ في السياسة وليس في الأمن، ولا بدّ من تنازل من السلطة للاحتجاج الشعبي، لكن هل سيتجاوب الحراك مع اي تعديل حكومي أم سيرفع سقف مطالبه؟ حيث من الصعب التعامل معه كجسم واحد أو قيادة موحّدة»، وأوضح المصدر أن معظم القيادات السياسية ترفض استقالة الحكومة من دون التوافق على شكل وتركيبة الحكومة المقبلة كي لا نقع في الفراغ»، وعن التعديل الحكومي لفت المصدر الى أن الأمر معقد ولا يتم بهذه السهولة في ظل التركيبة الحالية في المجلس النيابي»، وطمأن المصدر النيابي الى الوضع الأمني رغم التوترات التي تحصل في الشارع، إذ إن المتظاهرين لا يملكون السلاح كي يتحول الأمر الى صراع مسلح والجيش اللبناني يقوم بدوره».

وعلمت «البناء» أن رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي وحزب الله رفضوا إسقاط الحكومة الحالية لاعتبارات سياسية واقليمية عدة.

موقف بعبدا لاقاه بيت الوسط بالترحيب وقال الرئيس الحريري على تويتر: اتصلت بفخامة رئيس الجمهورية ورحبت بدعوته الى ضرورة إعادة النظر بالواقع الحكومي الحالي من خلال الآليات الدستورية المعمول بها .

وكان الحريري واصل اجتماعاته مع مستشاريه وعدد من الوزراء، بعيداً من الإعلام، وناقش خلالها كيفية الخروج من الأزمة وإقناع المتظاهرين بالخروج من الشارع. وقالت مصادر الحريري إن حق التظاهر محفوظ ونحن مع الحلول السياسية وليس الأمنية وليس هناك من قبلنا أي دعوات للمتظاهرين بالخروج من الشارع . وعلمت البناء أن الرئيس الحريري أبلغ الجميع أنه لن يستقيل قبل الاتفاق على حكومة جديدة.

وبرأي الخبير الدستوري د. عادل يمين لا يوجد في الدستور الانتقال من نظام الى نظام أو إسقاط حكومة في الشارع بعد مهلة ثمانية أيام، موضحاً لـ البناء أننا لسنا بنظام الشخص الواحد أو القائد او نظام ديكتاتوري لكي يسقط النظام برمته، بل نحن في نظام ديموقراطي برلماني ويمكن تطوير النظام عبر الدستور أو تعديل الدستور، كما أنه لا يوجد بنظامنا استفتاء شعبي.

وعن تعديل حكومي عبر قبول استقالة وزراء القوات الأربعة وتقصير عدد الحكومة الحالية بإقالة 4 وزراء مسلمين في مقابل وزراء القوات المسيحيين، أوضح يمين أن هذا يؤدي الى تشويه الحكومة والمسّ ببنيتها وهيكليتها لأنها نالت ثقة المجلس النيابي على أساس 30 وزيراً وربما يقتصر التعديل على اقالة عدد من الوزراء وتعيين مكانهم والغاء او استبدال حقائب معينة.

وتوقّع يمين أن يتلقف المتظاهرون اصحاب القضايا المطلبية المحقة رسالة رئيس الجمهورية الذي يعتبر الضمانة لتحقيق مطالبهم وتحصيل حقوقهم أما اصحاب الأجندات السياسية فيبدو أنهم مستمرون في تحركهم لإسقاط العهد.

واوضح يمين أن حفظ الامن الداخلي إن كان للمتظاهرين أو المواطنين المارين على الطرقات من مهمة قوى الأمن الداخلي على أن يتولى الجيش المساندة، مستغرباً تحييد قوى الأمن نفسها! مشيراً الى أنه كما التظاهر حق قانوني فإن قطع الطرقات مخالف للقانون ولو بهدف التظاهر، فالقانون يكفل حق قطع الطرقات لمدة معينة وفي مكان محدّد بالتنسيق مع وزارة الداخلية لكن قطع الطرقات بشكل ثابت ودائم وعشوائياً والاعتداء على المارة جرم جزائي ويحق للأجهزة الأمنية فتحها بالقوة.

وكان لافتاً موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي تلقف بإيجابية رسالة عون، لكنه أضاف مطلب الانتخابات النيابية الجديدة الامر غير وارد لدى رئيس الجمهورية وحزب الله وحركة أمل وقوى 8 آذار لأنها تعتبر أنها تملك الاغلبية النيابية في المجلس وتنظر بريبة وشك تجاه أي تغيير في الهوية السياسية للمجلس الحالي وتلمس فيه هدفاً خارجياً أميركياً خليجياً، وقال جنبلاط عبر تويتر : بعد سماع كلمة الرئيس عون وبما أننا في نفس هذا المركب الذي يغرق وكون نشاطره الخوف من الانهيار الاقتصادي نجد ان أفضل حل يكمن في الإسراع في التعديل الحكومي والدعوة لاحقا الى انتخابات نيابية وفق قانون عصري لا طائفي .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى