تعالوا إلى الدائرة الواحدة بلا قيد طائفي لنقيم دولة مدنية لا طائفية
معن حمية
من خرج في التظاهرات يحمل مطالب صادقة ومحقة، استطاع أن يدفع الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات والخطوات الإصلاحية، وإلغاء تاماً للضرائب التي تثقل كاهل الناس، وهذا إنجاز لم يكن ليحصل بفعل التظاهرات وحدها، لولا قوة المطالب المحقة.
لقد ثبت أنّ السلطة لا تستطيع تجاهل المطالب المحقة، حين تكون هناك إرادة شعبية تضغط لتحقيقها. وثبت أيضاً أنّ كلّ تسييس لأيّ حراك شعبي مطلبي، يجهضه ويقوّض كلّ مطلب محق.
وبمعزل عن بعض المشهديات والاتجاهات والأجندات التي أُسقطت على الحراك الشعبي لكي تسيء إليه وإلى المطالب المحقة، لا نزال مقتنعين بأنّ مطالب الناس محقة، وبأنّ إجراءات الحكومة ليست كافية، وأنّ المطلوب سياسات تنظّم الاقتصاد على أساس الإنتاج، والشروع في إصلاح بنيوي ينقذ لبنان من كلّ أزماته ومشكلاته المستعصية.
بما خصّ المطالب المحقة، بات واضحاً بأنها باتت أمراً واقعاً، والإنجاز الكبير هو أنّ الحكومة وكلّ السلطة في البلد، لم تعد في حالة نكران لهذه المطالب، وهذا أمر إيجابي وفرصة يجب أن لا تذهب سدىً، والاستفادة من هذه الفرصة بترشيد الضغط على الحكومة للتسريع في تنفيذ ما اتخذته من إجراءات في ورقتها الاصلاحية.
أما بما خصّ تحقيق الإصلاح الجذري والبنيوي الذي يؤسّس للدولة المدنية اللاطائفية، فإنه لا يتحقق بالشعارات الفضفاضة، بل يحتاج إلى مسار واع وخطوات عملية مدروسة.
النظام الطائفي في لبنان لم يتشكل بإرادة اللبنانيين، بل تشكّل بفعل إرادات أجنبية استعمارية، وهذه الإرادات الاستعمارية هي التي توفر كلّ عناصر الدعم لتأبيد هذا النظام الطائفي، ويخطئ من يعتقد أنّ الدول الاستعمارية يمكن أن تتخلى عن هذا النظام الطائفي، ما لم يكسر اللبنانيون هذا المحظور، بإرادتهم ووحدتهم ووعيهم.
الإطاحة بالنظام الطائفي، تتطلّب إرادة معززة بشبه إجماع لبناني. أما في حالة الانقسام بين ساحة وأخرى، وبين هذا الفريق وذاك، وبين سلطة وشعب، فإنّ النظام الطائفي البغيض سيترسّخ لعقود قادمة من الزمن، وبدعم القوى الاستعمارية التي لا تريد لبنان أن يتحوّل الى دولة.
اسألونا جيداً، نحن اللاطائفيين تربية وثقافة وممارسة، الغرائز والأدران الطائفية والمذهبية لا تزول بمجرد القول بأننا موحدون ومتحدون، بل بالأفكار والمبادئ التي تعزز ثقافة الوحدة.
ولكن في المقابل، فإننا نرسمل على المواقف التي تطالب بإسقاط النظام الطائفي والانتقال إلى دولة مدنية ديمقراطية.
نرسمل على المواقف التي يطلقها الناس وتقول بأنهم قد خرجوا من حظائر الطائفية والمذهبية وتوحّدوا على مبدأ المواطنة.
نرسمل على المطالبة بتشريعات إصلاحية مدنية وبقانون جديد للانتخابات النيابية على أساس لبنان دائرة واحدة على مبدأ النسبية وخارج القيد الطائفي.
نرسمل على مواقف المسؤولين، لا سيما موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي أكد في رسالته إلى اللبنانيين ضرورة مغادرة الذهنية الطائفية والمذهبية التي حكمت لبنان منذ تأسيس النظام الطائفي الذي هو علة العلل، وموقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يدعو دائماً وباستمرار الى قيام الدولة المدنية، وإلى تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية، ولا يفوت فرصة إلاّ ويطالب بإقرار قانون جديد للانتخابات النيابية على أساس لبنان دائرة واحدة والنسبية وخارج القيد الطائفي.
ولذلك، فإنّ اللبنانيين مسؤولين وقوى وهيئات وأفراد، أمام تحدّ ترجمة المواقف إلى واقع، وعليه نقول: تعالوا لنتوحد على قرار إسقاط النظام الطائفي بإرادة واحدة مصمّمة من خلال قانون جديد للانتخابات يقوم على ثالوث الدائرة الواحدة والنسبية وخارج القيد الطائفي.. فهذا هو القانون الذي يوحّد ولا يقسّم، وبهذا القانون نسقط النظام الطائفي ونبني الدولة المدنية اللاطائفية، دولة المواطنة والمساواة والعدالة الاجتماعية.
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي