«عشق الصباح»
ذكرتك وكم تشي الذاكرة بالحنين يا لنزف جروحي.. كنت حائراً أرشف آخر ثمالات كأسي «بهالليل»، بينما اقلب صفحات كتاب قديم كمن يحمل أثقال الدنيا على كتفيه ولا يجد متكئاً يركن إليه في هذا الزمن القاحل.
حتى طعم الكلمة التي أريد كتابتها صارت في حلقي بطعم الحنظل.. يا للمرارة «يا لهذا الطواف الليلي كأن الزمن غافلني.. كل شيء تغير حتى ملامح الوجوه وطعم لقمة العيش… وما تغيرت»!..
هكذا تركتني للدنيا غريباً.. منذ زمن لم نتبادل كؤوس «بنت الكروم» ولم نرتل فلسفة عشق «العاني» في غيابك أغلقت الدنيا أبوابها في وجهي وقد أنكرتني الدنيا بمن فيها..!
تمهّل وأنت تمر على وجعي وتتلو تراتيل روحك في الفجر تكون السماء أقرب والنجوم تتوارى خلف الغيوم الداكنة والشوارع خالية. ولا أدري لماذا صرت أشعر بأن الأمكنة على اتساعها لم تعُد مطمئنة! قال: انتبه لنفسك وأنت تعبر مساراتك. فالحياة مرآة تعكس وقع خطوك وتصدر موسيقى.. كحال أصابعك وهي تمرّ بحنو على أوتار العود تشعر بأن الألحان تنساب نغمات شفيفة كأنها تتدفق من الأصابع.. انتبه أكثر وأنت تمدّ خطوك باتجاه البعض «من الآخرين» الذين يقيمون بينك وبينهم جسوراً من خشب متهرئ وقد نخره السوس ولم يعُد من الممكن إصلاحه! وما أن تخطو باتجاههم خطوة واحدة إلا وتسقط في مكائدهم – كن حذراً – فليس كل الجسور تؤدي بكَ إلى شاطئ الأمان؟!
أكثر من أربعين عاماً وأنا أمد جسور التلاقي بالحب على قدر استطاعتي من دون أن أتردد لشعوري بأني أقوم بعملي من جهة، ومن جهة ثانية هذا هو إيماني بالحياة بأن يعمل كل واجبه كما يراه ويناسب مساراته التي أحبّ أن يكونها منذ بداياته الأولى. وهكذا كنت وأبقى..
ما بالك تركت الكتابة عن بوح الحنين الذي هو نبضك.. وصرت تتفنن بكتابة الوجع.. عُد لنفسك أنت لا تعرف إلا كتابة حكايا العشق والحنين…؟!
حسن ابراهيم الناصر