الحراك يفرّقنا و«الأصفر» يجمعنا

ابراهيم وزنه

في اللحظة التي انطلق فيها الحراك المطلبي المعيشي في لبنان، هدأت الأنشطة الرياضية ودخلت الأندية في مرحلة الترقّب والاتحادات في أتون الصمت المريب وغابت الجماهير عن الملاعب لتملأ ـ هي نفسها ـ الساحات المتنقّلة من جنوب لبنان إلى أقصى الشمال … سريعاً انتقلت الهتافات والتزريكات من المدرجات إلى الشاشات، كما ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بحوارات ساخنة لتسفر عن قطع أرحام الصداقات الافتراضية، فالمشهد في الشارع وانقسام الآراء حيال ما يجري وما تصدح به التعليقات كان كافياً ليأخذ الناس من جديد للتمترس خلف أحزابها المفضّلة وتياراتها المقرّبة أو الالتحاق بالحركات النضالية المستجدة.

وهذا الواقع الأليم يدلّنا صراحة على هشاشة التركيبة اللبنانية في ظل التباعد الحاصل في الآراء والرؤية والتعاطي بين غالبية شرائح المجتمع اللبناني ومكوّناته … وهنا لا بدّ ان نستذكر العبقري زياد الرحباني الذي رآنا منذ عقود على حقيقتنا «قرطة عالم … مقسومين ومطروحين ومجموعين».

وبالانتقال إلى مستجدات واقعنا الرياضي، فقد أعلن اتحاد كرة السلة مؤخراً عن نيته بتأجيل بطولة الدوري لمدّة شهر، آملاً أن تبرد النفوس وتهدأ القلوب ومتخوّفاً من أن تنتقل الخلافات السياسية في الساحات إلى المدرجات وخصوصاً بين أنصار القوّات والتيار الوطني الحر.

أما اتحاد كرة القدم، فقادته شجاعته إلى تحديد مواعيد الجولة الرابعة من بطولة الدوري واعادة الحيوية إلى الملاعب ابتداء من يوم الخميس المقبل، مع حرصه على توزيع مباريات الجولة على الملاعب مراعياً ميول الفرق وانتماءاتها الحزبية والطائفية وحجم جماهيرها، وحاله هنا كمن يمشي في حقل ألغام.

وفي خضّم هذه الهمروجة التي حملت عنوان «كلام حق يراد به باطل»، وحده المنتخب الوطني لكرة القدم من سيدفع الثمن، فمباراتيه مع نظيريه الكوري الجنوبي والكوري الشمالي في 14 و19 تشرين الثاني الجاري في بيروت باتا على صفيح ساخن والمشهد ينذر بنتائج مخيّبة على الرغم من انطلاق التمارين بغياب نصف اللاعبين منذ مطلع الشهر الجاري، مع التذكير بأن الاتصالات جارية على أوسع نطاق بشأن استضافة المباراتين ليستفيد منتخبنا من عاملي الأرض والجمهور، فيما الاتحادين الآسيوي والدولي باشرا بمراسلة الدولة اللبنانية للوقوف على مدى توفّر الأمن وسلامة حرية التنقّل للضيوف مع صلاحية ملعب المباراة المدينة الرياضية ، هذا، وسيحضر وفد آسيوي للاشراف على كافة التفاصيل والمعطيات ودراسة الواقع ميدانياً، والأمر مرهون بمدى اتساع رقعة الاحتجاجات وانعكاساتها السلبية على الحياة اللبنانية بشكل عام، وقد يضطر الاتحاد الآسيوي إلى نقل ملعب المباراتين.

ختاماً، ونحن نعيش أسوأ أنواع «التعايش» يجب أن لا ننسى بأن نادي العهد، بطل لبنان، كان قد توجّه منذ أسبوع إلى ماليزيا لخوض غمار المباراة النهائية لبطولة كأس الاتحاد الآسيوي، استعداد جدّي بعيداً عن كل فوضى وتشويش أملاً باحراز لقب غير مسبوق للكرة اللبنانية، انجاز كبير، لو تحقق، سيهديه العهد إلى جميع اللبنانيين، فكل التوفيق للراية الصفراء تالتي تجمعنا بمواجهة العدو عند الحدود، وبكأس مرفوعة خارج الحدود وان غداً لناظره قريب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى