ماريو بطرس لـ«البناء»: تنوّع المشارب الموسيقيّة زاد من ثقافة الفرقة الموسيقية بنسيج متناسق
خاص «البناء» ـ سعد الله الخليل
مزيجٌ من المقطوعات الموسيقيّة والأغاني الشرقية والغربية لفرقة موزاييك برؤية إبداعية تنم عن خبرة موسيقية عالية، أمتع جمهور مهرجان الثقافة الموسيقيّة التاسع عشر بليلته الخامسة على مسرح دار الثقافة بقيادة الدكتور وسيم بطرس.
عشرون عازفاً على مختلف الآلات الوترية والنحاسية والإيقاعية وستة مغنين أغلبهم من متخرجي كليات الطبّ والصيدلة وكلية الموسيقى، قدّموا لوحة فنية منوّعة تحاكي الموزاييك السوري الفنّي والفكري، وامتداده في المنطقة والعالم فتنوّع برنامج الحفل بين التراث الحلبي وتراث الجزيرة السورية الغني بالأغاني العربية والسريانية، ولم يغب الفنّ الرحباني عن الأمسية عبر مقطوعة ميس الريم، كما حضر الفنان الراحل ملحم بركات بإبداعه، وكعادة الفرقة قدّمت مقطوعات من الجاز باحترافية عالية تنمّ عن فكر موسيقي متميّز تحمله الفرقة إلى جانب شهاداتهم العلمية العالية لتقديم الموسيقى على اختلاف ألوانها.
شباب مثقف مبدع
يرى ماريو بطرس مشرف الفرقة أن غلبة الشباب المتعلم الأكاديمي في الفرقة يُعدّ قيمة فنية مضافة، على اعتبار أن الفنّ جزء لا يتجزأ من أي مهنة، ومستوى الثقافة العالي للمشاركين بالفرقة سهّل مهمة الخطاب والتوجّه لمختلف الشرائح من الجمهور.
وتابع في حديثة لـ«البناء»: ضمن تركيبة فرقة موزاييك ترى التنوّع بالمشارب الموسيقيّة، والتوجّه سواء باتجاه الموسيقى الشرقية أو الغربية أو موسيقى الجاز فجعل منها موزاييك يجمع أكثر من ثقافة موسيقيّة ضمن نسيج واحد، وهو ما نعمل عليه بإعادة توزيع لعدد من المقطوعات الغربية بنمط شرقي. والعكس أيضاً بالنسبة لعدد من الأغاني العربية مع الحفاظ على اللحن والكلمة، وهي تجارب متداولة في سورية والمنطقة والعالم أيضاً.
وعن انتشار الفرقة يرى بطرس أنه طيلة سنوات أسّست الفرقة قاعدة جماهرية عبر توجّهها للمشاركة في الفعاليات الفنّية داخل وخارج سورية، إضافة إلى وسائل التواصل والميديا، وهو ما دعم خبرات الفرقة. اليوم قدمنا مقطوعة جاز فيها الكثير من الخبرات التي حصلنا عليها من المشاركة في مهرجان الجاز في رومانيا، إضافة إلى ميدلي باللغة العربية والسريانية من تراث الجزيرة ناتج عن خبراتنا بالمشاركات حول سورية بمعرفة التراث الشعبي لكلّ منطقة عن قرب وتقديمها بأسلوب رشيق وجميل خاص بالفرقة، وعن مستقبل موزاييك يرى بطرس أن الفرقة مستمرة طالما هناك شباب سوري مبدع بسبب اعتماد موزاييك على الشباب والفكر الشاب، وهذا لا ينضب في سورية. فرسالة موزاييك لا تقتصر على من يقف على المسرح فموزاييك سورية أكبر من أي فرقة.
وعن دور الموسيقى وأثرها النفسي يقول ماريو: خلال الأيام الصعبة 2014 و 2015 حيث كان نشاط الفرقة في ذروته بالتزامن مع ذروة الحرب في سورية كان الجمهور بعد كل أمسية يعبّر عن حالة الخروج من الحرب والتنفيس النفسي من ضغوط الأزمة وشعور الفرح، فبالفن والثقافة قادرون عن إيصال أكبر الرسائل للمتلقي ولأي مكان على الكرة الأرضية.
تجربة شبابية مهمة
يرى أمين رومية رئيس فرع حمص لنقابة الفنانين ومدير المهرجان أن مشاركة موزاييك للدورة الثانية على التوالي بالمهرجان، تشكّل إضافة للمهرجان لكونها فرقة من الشباب الموهوبين الذين يملكون أفكاراً موسيقيّة جديدة قادرة على مخاطبة الشباب.
وأضاف في حديثه لـ«البناء» استمعنا لنوع من الدمج بين الموسيقى العربية ونماذج موسيقيّة غربية والموسيقى بالنهاية إنسانية ملك الجميع وحق التجربة والاقتباس وتطوير المشروع محفوظ.
وأضاف رومية: اليوم قدّمت الفرقة نموذجاً ربما لا يحاكي الأجيال المتقدمة بالعمر في حين اجتذبت الشباب. وهذه نقطة تحسب للمهرجان باحتضان فرق لها تجربة مهمة جديدة. وتوجّه رومية للفرقة بالنصح لموزاييك بعدم الدمج بين الموسيقى العربية والغربية، والتوجّه نحو تقديم أنواع خاصة بها من الموسيقى في المرحلة القادمة، بعد أن امتلكت أدوات المسرح والإتقان والوحدة بالأداء وتناغمت مع التوزيع الجديد والإيقاع الحيوي للفرقة فاستطاعت استقطاب الجمهور نتيجة القدرة على خطاب الجمهور بأدوات موسيقيّة قوية.
وعبّر رومية عن إعجابه بجمهور حمص ومتابعته الفعاليات الموسيقيّة والفنية. فأهل حمص بحسب رومية عشاق للفنّ بكل أشكاله وتستحق أن تكون عاصمة للثقافة والفكر.
تأسّست فرقة موزاييك 2011 وشاركت في العديد من المهرجانات الثقافية والموسيقيّة في سورية واهمها مهرجان القلعة والوادي 2012-2013-2014- 2015، وفي افتتاح سوق حمص المسقوف بعد خروج مسلحي حمص القديمة، ومهرجان «عيش سورية» في مدينة اللاذقية، كما مثلت سورية 2017 في المهرجان العالمي لموسيقى الجاز بدورته الـ47 في مدينة سيبيو الرومانية بدعوة من منظمي المهرجان، إضافة للعديد من النشاطات الإنسانية والثقافية في المناسبات الوطنية والدينية، إضافة إلى مساهمتها بدعم مرضى السرطان في سورية عبر حفلات يعود ريعها لمساعدتهم.