المشهد العام والختام… «الربيع» تبخر «والثورة» ماتت!
عصام عوني
يواصل المتطرفون الأميركيون حث الادارة الأميركية على ما لا يُحمد عقباه، وفي الصدارة مناطق عازلة في سورية برعاية تركية مع الإصرار على أنّ ما يحدث في المنطقة صراع بين السنة والشيعة وهذا محض هراء، ويدّعي هؤلاء أنه فور إقامة هذه المناطق لن يكون لدى سورية وايران تحديداً مساحات كبيرة للردّ ومن ثم الانصياع، فلا الأسد يرغب بخسارة طائراته، ولا ايران مستعدة لخسارة ما أنجز بخصوص ملفها النووي، ويتناسون زيارة المعلم لروسيا ولقاءه بوتين ولافروف والتصريحات العلنية بالدعم المطلق، ناهيك عن التصريحات الأكثر وضوحاً وفاعلية على الأرض على لسان الإمام الخامنئي والحرس الثوري، أما صمت حزب الله فهو الرادع لأيّ تهوّر أميركي قد تقدم عليه ادارة أوياما المتهالكة وهي تعلم أنّ كلفة المناطق العازلة عالية وفوق قدرة الاحتمال عالمياً، وسورية ليست كما يتوهّم ذات المتطرفون الآفنون، بل هي في أعلى درجات القوة والجاهزية، وليس الأمر شعراً، والأميركيون يعرفون ذلك ويواصلون ابتزاز الخليجي فقط كي لا يتوقف تدفق المال، لذلك يعلو نعيق الناعقين من باب إغراق أوباما أكثر فأكثر للصرف داخلياً أولاً وثانياً لتحسين شروط التفاوض وعلى كلّ الملفات، التي أنجز ثلاثة أرباعها ويغفلون على أنّ الغالبية السنية في سورية حصراً هي الجيش والحكومة وما محاولاتهم إلا كالتي سبقتها لتسعير نار الطائفية التي سقطت بصمود سورية وجيشها وشعبها، بقيادة الرئيس الأسد، والصمود طبق الأصل انتقل إلى العراق، والميدان يتحدث بما لا تشتهي سفنهم.
في السياق ذاته يعي القارئ المتابع لما تروّجه أبرز مراكز الدراسات الأميركية، أنّ مرحلة ما بعد هيغل للحلحلة رغم الفشل المدوّي لإدارة أوباما على صعيد الداخل والخارج معاً، ويبدو أنّ أوباما مُصرّ إلى أبعد الحدود على أن لا ينساق لحروب تجلب الوبال على أميركا ولو كان الثمن شرخ كبير بل ومدوّ بينه وبين أنداده، مستمراً في تهميش الصقور على حساب الحمائم متفرّداً بالسلطة، وما أحداث فيرغسون الا كما بات واضحاً محاولة الخصوم إحراج الأخير، مع العلم أنّ القافلة تسير والى الحلول ستحط رحالها، وهذا ما يؤكد انحسار قوة أميركا وليس أفولها والى عالم جديد هو اليقين مبرماً، ولا تفرّد ولا طغيان وإنْ ظهر العكس أحياناً.
على صعيد متصل اتفاق اللااتفاق كما يحلو للبعض تسميته وفيينا منطلق التفاهم وقد تمّ دون إعلان يمهّد لما بعده، لحلّ يمني على أثره تكون الحلول قد لاحت أفقها على محورين أهمّهما سورية والعراق بالضغط بل التطويع لتركيا والسعودية والانضمام لما سيعلن عنه قريباً، أصدقاء الحلّ في سورية، وفي العراق، فيما «إسرائيل» لها من يتكفل بها، ويبدو أنّ ضخ الإرهابيين بشكل مكثف للداخل السوري للخلاص منهم سريعاً لتثبيت أسس الحلحلة المرتقبة وصولاً إلى الحلّ الشامل ولن يكون إلا كما أعلنه الرئيس الأسد يوم خطابه الشهير عن الحلّ، والحلّ بدأ فعلاً يوم اتفاق اللااتفاق المعلن اتفاقاً، ولكن من تحت الطاولة، لاحتواء صدمة حلفاء واشنطن الموتورين أصلاً لتصير المرحلة مرحلة نصر سوري ـ إيراني بامتياز.
ورغم التخبّط والتيه والمغالاة أحياناً تحاول مملكة الرمال السعودية والولاية العصملية تأجيل أيّ من الحلول التي ذكرنا خوفاً من التبعات الوخيمة التي ستترتب عليهما فور نهاية الحرب الكونية الظالمة والقذرة على سورية الدولة والشعب، هذا ما لا يحتمله من راهنوا على سقوطها بل قدموا ما لم يقدم عبر التاريخ لأي حرب لإخضاع وإسقاط نظام أثبت صوابية مواقفه ورؤاه، ومن تلك الرؤى إما التنازل والخضوع للسلم ووقف الحرب وإما نهاية محمد مرسي تبرق أردوغانياً من هولها يبني القصور ليوحي لنفسه أولاً قوته وثباته التي يعرف أنها «فالصو»، فيما السعودي يعدّ الأنفاس رعباً مما تمّ وقد يتمّ وسيتمّ، لذلك بوتين في أنقرة سبقه البابا والى دمشق قريباً للتوقيع وما من أولوية الا محاربة ودحر الإرهاب فلنتقاسم المصالح وعفا الله عما سبق ولكن، لدمشق المنتصرة شروطها ولن تكون على حساب التضحيات والشهداء هذا ما أفهم علناً بلسان الرئيس الأسد وصادق عليه الأصدقاء والحلفاء وسلّم به العالم.
يقول الأستاذ ناصر قنديل مستنداً إلى معلومات واضحة وصريحة وهو ما تعوّدنا عليه منه: سورية ليست للمفاوضة ولا للمقايضة إلا من جانب واحد هو تسليم تركيا بالمتغيّرات، والقبول بالمخرج اللائق الذي يحمله بوتين عبر الدعوة إلى المشاركة في مجموعة أصدقاء الحلّ في سورية، والتي تشتغل عليها موسكو بالتعاون مع المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا وتضمّ مع الدول الخمس الكبرى كلاً من تركيا وإيران ومصر والسعودية، انتهى الاقتباس .
إذن… دي مسيتورا للحلّ والحلّ بات قريباً جداً، فتركيا للانكفاء والتسليم بالأسد رئيساً شرعياً، والسعودية والإمارات لإعادة الإعمار، هذا ما أكده لنا مصدر شبه رسمي في الإمارات، ولمصر دور الريادة في بلورة الحلّ واستعادة المكانة من بوابة دمشق.
ثعلب السياسة كيسينجر يقول بصوت مرتفع: «فشلتم»، وكبرى مراكز الدراسات والأبحاث الأميركية تقول: «أفقكم في سورية مسدود»، و»الاسرائيلي» يعترف بقوة دمشق، والإرهابيون أنفسهم يعلنون يوماً بعد يوم هزائمهم تباعاً والشارع العربي انقلب لصالح سورية مائة وثمانون درجة، وما جاء به ربيع مخترع تبدّد، واللحا الصفرا تلفظ أنفاسها.
في خضمّ هذا وذاك رعد تارة وبرق فشتاء، وقالها الأستاذ رفيق نصرالله يوماً وصدق: «نحنا المطر ورح نضلّ نشتي»، وها نحن اليوم أمام مشهد النصرين من طهران إلى دمشق، والأخيرة تستضيف المؤتمرات كرماً لعيون القضية وما ضيّعت يوماً البوصلة، ويصدح عالياً صوت الرئيس الأسد مستقبلاً أهل القضية، فلسطين في عيوننا وهي المركز والأصل والفصل.
الجيش السوري يوقّع بالدماء من درعا إلى السويداء والرقة تبرق نصراً من السماء، والحسم القرار هذه المرة متفق عليه والموقعون كبار، بوتين، الأسد، خامنئي ونصرالله وعليه مشهد الهرولة للحلحلة والحلّ الشامل والنهائي الكامل المكتمل وإلا هزيمة نكراء مدوية للأعداء قاطبة.
ايران نووية وسورية قوة اقليمية ومركز العالم الجديد، ومن لا يريد التصديق أو لا يزال واهماً قليقرأ نعي الصحافة العالمية للربيع، وليقرأ وليسمع البكاء والعويل لـ»ثوار النكاح» وقد أعلنوها صراحة وبالفم الملآن: «الثورة ماتت» وسورية الأسد انتصرت.
المجد للمقاومة والأخوة والوفاء، فالساعة دقت والبشائر لاحت..
نصر من جيش عظيم، الجيش العربي السوري.