لا بند للمعارضة… وتمسّك بإقفال الحدود… ودور بارز لباسيل
كتب المحرر السياسي:
يلتقي اليوم وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف في سويسرا، لتقييم مسار التطورات الكثيرة التي تشهدها ملفات الأزمات، وقد قطعت مسيرة التطبيع مع الخصوم الشركاء مسافات كبيرة، فصارت روسيا وتركيا شريكين في أنبوب الغاز «ساوث ستريم» السيل الجنوبي من روسيا إلى جنوب أوروبا، بديلاً من الخط الفاشل المسمّى نابوكو والخط المحبط المسمّى بالقطري، وصارت إيران وفقاً لبيانات البنتاغون شريكاً في الغارات على «داعش» في العراق، بترحيب من كيري، على رغم النفي الإيراني، والمفاوضات حول الملف النووي الإيراني، وفقاً لنائب وزير الخارجية الإيرانية حسين عبد اللهيان، تقترب من التوصل إلى الحلّ النهائي في سبعة أيام بدلاً من سبعة أشهر تمّ التفاهم عليها في فيينا، وقيل إنها لمفاوضات شائكة ومعقدة وطويلة.
واشنطن وطهران برأي البعض تثيران حفيظة موسكو، وموسكو وأنقرة تثيران حفيظة واشنطن برأي بعض آخر، والعالم في لحظة حساسة ودقيقة لتوازنات هشة لا تتصل بما يسمح بهذا الترف، فالتشبيك يتقدم بسرعة على كلّ المسارات على رغم انطباعات كثيرة عن مواجهات مستمرة، يبدو استمرارها حتمياً، لأنّ التشبيك على نار حامية، «فبقدر ما تضع في القدر تنال في المغرفة»، لذلك تجميع الأوراق، وتحضير عناصر القوة، وسخونة التجاذبات هي مؤشرات على جدية التشبيك وليست دليلاً على عكسه، ولا إثبات التشبيك يستدعي نفي التجاذبات.
في سويسرا سيبحث كيري ولافروف الحصيلتين التركية والإيرانية، ويتوقفان ملياً أمام العقدة الأوكرانية، حيث لا تقدم في تنفيذ خطط السلام، بسبب تشجيع غربي وأميركي خصوصاً ومواصلة للعقوبات على موسكو، ما يزيد التعاون صعوبة في الملفات الأخرى، من وجهة نظر الرئيس فلاديمير بوتين، وعلى كيري التصرف للمساعدة في الحلحلة، كما تصرف لافروف في الملف الإيراني مسعفاً في لقاءات فيينا.
في سورية الإطار يفتح باباً لتسوية الخلافات حول الحرب على الإرهاب، فالعودة إلى الأمم المتحدة، في الملفين تشكل مخرجاً يحفظ للجميع فرص عدم الخروج بخسائر كما يحمل لافروف في جعبته، خصوصاً تخفيف وطأة الهزيمة على حلفاء واشنطن الإقليميين، وصيغة أصدقاء سورية المجدّدة بالخمسة زائداً أربعة، هم الدول الخمس الكبرى وتركيا والسعودية ومصر وإيران، تتيح تحت عنوان تقديم الدعم للمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا التحضير لدمج الحلّ الأمني بالحلّ السياسي بالحرب على الإرهاب.
قالت واشنطن كلمتها في قيادة تحالفها من بروكسيل، بحضور السعودية وتركيا، وعنادهما الكلامي، أن لا مكان لمضاف ومضاف إليه في الحرب الدائرة في الشرق الأوسط، فالعدو «داعش» وفقط، ولا مبرّر لذكر يخصّ المعارضة السورية، فيحسن وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل التلقف، ويقود الحملة ويفوز.
وفي بروكسيل خاض وزير الخارجية جبران باسيل معركة ديبلوماسية خصوصاً ضد تركيا، لإجهاض إدراج بند دعم المعارضة السورية في جدول أعمال الاجتماع الأول لوزراء خارجية دول التحالف الدولي ضد «داعش». وقد أصر باسيل على موقفه وعلق مشاركة الوفد اللبناني في الاجتماع على هذا الأمر. وبعد اتصالات ومشاورات بين الوفود الرئيسية إلى الاجتماع، اتفق على عدم إدخال البند المذكور في المقررات، في حين أصرت تركيا على ذكره.
وبحسب ما نقلت «الوكالة الوطنية للإعلام» كانت النقطة الأهم بالنسبة إلى الوفد اللبناني، هي أن إدراج أي بند يتعلق بدعم «المعارضة المعتدلة السورية» يتعارض مع سياسة النأي بالنفس التي اعتمدتها الحكومة اللبنانية. وقد أحدث موقف باسيل شرخاً بين الدول المشاركة في الاجتماع، وترجم ذلك في مقررات البيان النهائي، حيث انقسم المشاركون بين مؤيد ومعارض لدعم المعارضة السورية ليقتصر أخيراً البيان الختامي على الثناء على محاربة «المعارضة السورية المعتدلة» لـ«داعش» والتشجيع على المزيد من دعمها».
شهيد جديد على الجيش
محلياً، تصدرت الاعتداءات الإرهابية على الجيش في رأس بعلبك وجرود عرسال على الاهتمام السياسي والعسكري، في وقت تستمر صفقة تسليح الجيش بالهبة السعودية مجمدة، وترفض في المقابل، بعض الأطراف الحكومية، الهبة الإيرانية المخصصة لهذه الغاية ومن دون أي شروط.
وقبل أن يشيع الجيش شهداءه الستة الذين سقطوا أول من أمس في كمين رأس بعلبك، قدمت المؤسسة العسكرية أمس شهيداً جديداً في انفجار عبوة ناسفة بخبير المتفجرات المعاون محمود نور الدين أثناء تفكيكها بعد العثور عليها بين وادي عين عطا ووادي الرعيان في جرود عرسال، كما أدى الانفجار إلى إصابة عسكريين اثنين بجروح غير خطرة.
وفيما ربط البعض بين الكمين الذي تعرض له الجيش في رأس بعلبك، والأبراج الـ12 التي بنيت بمساعدة بريطانية، أكدت مصادر أمنية لـ«البناء» أن كميناً كهذا لا يتحضر بهذه السرعة، فالأبراج تم الكشف عنها يوم الاثنين، والكمين يحتاج إلى رصد ومراقبة وتخطيط للتنفيذ.
وأوضحت المصادر «أن الهدف الرئيس من الكمين هو توجيه رسالة للجيش، فهم يريدون ضم جرود رأس بعلبك إلى أماكن تواجدهم في جرود عرسال وإلى البلدة التي لا تزال خارج سيطرة الدولة كليّاً»، مؤكدة «أن الإرهابيين لا يزالون يخرجون ويدخلون عرسال ساعة يشاؤون، وأن القواعد اللوجستية لا تزال في مكانها والتمويل لم يتوقف بل يتم بانتظام».
من جهة أخرى، اجتمعت مساء أمس، خلية الأزمة الوزارية لمتابعة قضية العسكريين المخطوفين برئاسة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، في السراي الحكومية، وبقيت النتائج طي الكتمان.
إلى ذلك، نفى حزب الله ما تردّد عن مقايضة أسيره المحرر عماد عيّاد بسوري موقوف لدى جهة رسمية لبنانية.
وفي السياق أشار وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق إلى ان «التفاوض بملف العسكريين الرهائن يتم رسمياً مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وهناك مفاوضات يقوم بها وزير الصحة وائل أبو فاعور وليس هناك أي شخص آخر يقوم بمفاوضات أخرى».
وأوضح في حديث تلفزيوني أن «ثمة تشاوراً وتنسيقاً يومياً بين الأجهزة الأمنية في ما خص هذا الملف والأتراك لم يتجاوبوا معنا ونحن نعالج هذا الملف مع القطريين»، مؤكداً أن «الوسيط القطري لا يزال يفاوض الخاطفين وهو يتابع عمله».
وأشار إلى أن «الموقوفة سجى الدليمي هي زوجة سابقة للبغدادي ولديها فتاة منه، وهي متورطة باتصالات مع مجموعات لها علاقة بتنظيم داعش في البلد ويمكن الاستفادة منها ببعض المعلومات». وأعرب عن أسفه لنشر «عملية أمنية على هذا المستوى في الصحف لأن نشرها يضر في عملية التفاوض».
«الاشتراكي» يعود إلى «14 آذار» انتخابياً
في الشأن السياسي الداخلي بدأت لجنة التواصل المكلفة وضع مشروع لقانون الانتخاب الجديد بدرس الجانب السهل في تقسيمات الدوائر التي ليست فيها خلافات كثيرة، إلا إذا أَخذ في الاعتبار موقف حزب الكتائب الذي يرفض هذه التقسيمات، ويطالب بتقسيم الأقضية وتقسيم المحافظات. لكن اللجنة لم تدخل في النقاش المعقد والصعب، المتعلق بالمساواة بين النسبي والأكثري وتوزيع الدوائر الذي أرجئ إلى جلسة الأربعاء المقبل. واستبعدت مصادر نيابية لـ«البناء» أن تكون المواقف مرنة لا سيما أن الموافقة على نقطة معينة لا تعتبر موافقة نهائية، ما لم تتضح الصورة النهائية للنظام الانتخابي».
وكان ممثل الحزب التقدمي الاشتراكي في اللجنة النائب مروان حماده فاجأ نائبي كتلة التحرير والتنمية علي بزي وحزب الله علي فياض، بتغيير موقفه من الاقتراح المقدم من بزي. وقال إن الأساس عند «الاشتراكي» توزيع المقاعد على أساس انتخاب 68 نائباً على قاعدة النظام الأكثري و60 نائباً على النظام النسبي، والأهم عدم المس بخصوصية الجبل، بمعنى أن تبقى الشوف عالية دائرة واحدة على أساس المحافظة. وأكد حماده على الاقتراح المقدم من «الاشتراكي- المستقبل القوات»، إلا أنه أشار إلى «ضرورة التعاطي بمرونة مع سياسات رئيس المجلس النيابي نبيه بري التوافقية، لجهة إقرار قانون انتخابي بسرعة من دون تفاقم الانقسامات».
في غضون ذلك، يستمر التحضير لجدول أعمال الحوار المرتقب بين حزب الله وتيار المستقبل. وفيما أكد الرئيس بري في لقاء الأربعاء النيابي أن «الحوار بخير»، يعقد اجتماع بين المعاون السياسي للرئيس بري الوزير علي حسن خليل ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري في الساعات المقبلة، لمتابعة هذا الأمر، أكدت مصادر تيار «المستقبل» لـ«البناء» أن «أجواء لقاءات الحريري وخليل ايجابية وأن جدول أعمال يستخلص النقاط التوافقية من جدولي أعمال حزب الله وتيار المستقبل والمتعلقة بالملفات الداخلية قانون الانتخاب، ملف الرئاسة تمهيداً للحوار الذي سيعقد في وقت قريب جداً» وسيتمثل فيه الحزب بالمعاون السياسي لأمينه العام حسين الخليل والنائب حسن فضل الله، والتيار بنادر الحريري والنائب جمال الجراح.
الراعي منزعج من القادة الموارنة
على خط آخر، نفت مصادر مقربة من بكركي نية البطريرك الماروني بشارة الراعي «استضافة أي لقاء للقادة المسيحيين في الصرح البطريركي»، مشيرة إلى «أن الراعي منزعج جداً منهم، وهو بعد ترؤسه القداس في تشييع الشاعر سعيد عقل، لم يقدم واجب العزاء في صالون الكنيسة لعائلة الفقيد، تجنباً للقاء رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون الذي كان يتقبل التعازي إلى جانب رئيس حزب الكتائب أمين الجميل والرئيس ميشال سليمان».
إلى ذلك، يصل بيروت مساء اليوم الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط، نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، في زيارة تستمر يومين، يلتقي خلالها عدداً من المسؤولين اللبنانيين، وشخصيات سياسية.
وسيشارك بوغدانوف في الاحتفال الذي يقام في قصر الأونيسكو لمناسبة مرور سبعين سنة على العلاقات الديبلوماسية اللبنانية- الروسية، وذلك برعاية الوزير باسيل، مساء غد الجمعة.