لافروف: الآمال معلقة على تنفيذ اتفاق مينسك كيري: بمقدور روسيا إعادة بناء الثقة إذا انسحبت من أوكرانيا
بدأ أمس في مدينة بازل السويسرية الاجتماع السنوي لمجلس وزراء خارجية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، إذ من المقرر أن يتركز اهتمام المشاركين على الأزمة الأوكرانية، كما ستستمر الاجتماعات اليوم الجمعة، حيث سيناقش المشاركون قضايا مكافحة الإرهاب.
وترأس الوفد الروسي المشارك في الاجتماعات وزير الخارجية سيرغي، الذي سيجري أيضاً عدداً من اللقاءات الثنائية على هامش الاجتماع، إذ كان قد التقى في وقت سابق من مساء الأربعاء نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير.
ومن المتوقع أن يلتقي لافروف نظيره الأميركي جون كيري والمفوضة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني.
الوزير الروسي أكد في كلمته في الاجتماع أمس أنه كان من الممكن تفادي الدراما الأوكرانية منذ العام الماضي، لكن بروكسيل تخلت عن المفاوضات الثلاثية وساندت الانقلاب، مشيراً إلى أن المنطقة «الأوروأطلسية» تعاني من أزمة حقيقية ومن الضروري البحث عن مخرج لها، مضيفاً «جماعياً فقط يمكن إيجاد الطريق إلى الأمام على أساس الاستنتاجات الصحيحة من دروس الماضي».
ووصف وزير الخارجية الروسي محاولات إثبات احتكار حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي للحقيقة بالكارثية، وأنه بهذه الحقيقة فقط يمكن إحلال الأمن والازدهار، مؤكداً أن بلاده لا تتفق مع هذا الطرح، وقال: «إذا اتبعنا هذا المنطق فمن الضروري إغلاق منظمة الأمن والتعاون في أوروبا».
وأضاف لافروف: «يجب أن لا يحقق أحد أمنه على حساب أمن الآخرين. هذا المبدأ كان معلناً في المواثيق الرسمية، لكنه يبقى حبراً على ورق»، مشيراً إلى أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا يجب أن تصبح منظمة دولية للبحث عن إجابات تضامنية على التحديات التي تواجه الجميع.
كذلك أكد الوزير الروسي أن بلاده تقف مع مواصلة عملية مينسك للتسوية الأوكرانية، لافتاً إلى أن محاولات نقل المفاوضات إلى صيغ أخرى، من دون مشاركة دونيتسك ولوغانسك غير بناءة وغير مقبولة. وقال: «كل الآمال اليوم معلقة على تنفيذ اتفاق مينسك الذي جرى التوصل إليه بين سلطات كييف وممثلي دونيتسك ولوغانسك، وساهمت فيه بنشاط روسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا»، مضيفاً: «خبراؤنا العسكريون الذين استدعاهم الرئيس بيترو بوروشينكو يساعدون الطرفين المتنازعين الآن على الانتهاء من الاتفاق على الخط العازل، وعملياً نحن على بعد خطوات من سحب الأسلحة الثقيلة، ما يسمح بنشر مراقبي بعثة المتابعة الخاصة التابعة لمنظمة الأمن والتعاون بين مواقع الطرفين».
لافروف أكد أن بلاده تساند اقتراح سويسرا بتشكيل «مجموعة الحكماء» بهدف إعداد توصيات بشأن الردود على التحديات الأمنية في جميع أبعادها. وشدد على الأهمية القصوى للاعتماد على التحليلات الموضوعية والاحترافية للقضايا العالقة، معرباً عن أمله في أن يُقرّ مقترح المندوب السويسري بشأن تشكيل مجموعة خاصة للتعامل مع التهديدات الأمنية في إعلان تواصل عملية «هلسنكي + أربعون».
وأكد وزير الخارجية الروسي بشكل خاص أهمية إقرار إعلان 70 سنة على انتهاء الحرب العالمية الثانية، والذي يستدعي «التذكير ببطولات المنتصرين على الفاشية والنازية وعدم السماح ببعث إيديولوجيات كراهية البشر».
وفي السياق، قال بيان صدر عن الخارجية الروسية أمس إن الأزمة الحالية في نظام الأمن الأوروبي الأطلسي هو نتيجة لتنفيذ سياسة «الناتو» التوسعية نحو الشرق، مضيفاً أن الحقائق التي جمعها حلف شمال الأطلسي بخصوص المسائل العالقة مع روسيا هي محاولة جديدة من قبل الحلف لفرض نهجه على المجتمع الدولي والذي يسوقه «الناتو» على أنه الصحيح ولا بديل منه، بهدف تبرير خطوات الحلف في تعزيز قدراته العسكرية على الحدود مع روسيا.
ويشير البيان إلى أن الحلف سقط في أسر نهجه المسيس وغير مستعد للتعاون مع روسيا بشكل متكافئ لمواجهة التحديات الأمنية الحقيقية في المنطقة ومن دون تكهنات وهمية.
وأوضح البيان أن «الناتو» لم يعٍ بعد فشله في قراءة سياسته الخاطئة المتمثلة بالتوسع نحو الشرق، مشيراً إلى أن الحلف يحاول تحميل مسؤولية الخلل الأمني في المنطقة لروسيا بإظهارها كعدو جيوسياسي لتبرير وجود الحلف.
من جهة أخرى، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس «إن روسيا وضعت نفسها في عزلة بسبب تصرفاتها في أوكرانيا ولا تمكنها إعادة بناء صدقيتها الدولية إلا إذا أنهت دعمها للانفصاليين الموالين لها».
وفي كلمة خلال اجتماع وزراء خارجية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، قال كيري: «إن موسكو أخفقت في الوفاء بتعهداتها في اتفاق مينسك الذي أبرم في شهر أيلول لوقف إطلاق النار وإنهاء الصراع في أوكرانيا»، و أضاف: «الولايات المتحدة والبلدان التي تدعم سيادة أوكرانيا وحقوقها لا تسعى إلى مواجهة».
وتابع الوزير الأميركي: «نحن لا نسعى ولا نرغب في رؤية روسيا منعزلة بسبب أفعالها. لكننا في واقع الأمر على اقتناع بأن بمقدور موسكو إعادة بناء الثقة والعلاقات إذا ساعدت ببساطة في تهدئة التوتر واتخذت الآن خطوات لتنفيذ اتفاق مينسك». و أكد أنه إضافة إلى الوفاء بتعهداتها في اتفاق مينسك يتعين على موسكو أيضاً سحب القوات الروسية والأسلحة من شرق أوكرانيا واستخدام نفوذها لدى «الانفصاليين» المؤيدين لروسيا لدفعهم على إطلاق سراح كل ما لديهم من رهائن.
وأشار كيري إلى أن دعم موسكو «للانفصاليين» أضر بها. وقال: «النتيجة هي ضرر لصدقيتها وسيتحمل مواطنوها ثمناً اقتصادياً وإنسانياً باهظاً».