جولة مفاوضات جديدة لعودة الحريري ورهان على مؤتمر باريس مصادر «البناء»: عون و«الثنائي» لن يتساهلوا في ملفي النفط والنازحين مهما بلغت الأزمة
} محمد حميّة
مع سقوط خيار تكليف المهندس سمير الخطيب لتأليف الحكومة الجديدة وتأجيل الاستشارات النيابية الملزمة الى الاثنين المقبل، انطلقت جولة مفاوضات جديدة بين القوى السياسية ستتركّز بحسب المؤشرات الداخلية والخارجية، وبحسب ما أكد أكثر من مصدر لـ»البناء» على إعادة تكليف الرئيس سعد الحريري، حيث تشكل الأيام الفاصلة عن الاثنين فرصة حاسمة لمتابعة المشاورات والاستفادة من الزخم الدولي المتمثل بمؤتمر باريس وتلقفه وملاقاته بإيجابية على المستوى الداخلي.
ويُعقَد المؤتمر غداً الأربعاء، بحسب ما أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية والهدف منه، بحسب بيان الخارجية الفرنسية «دفع بيروت للإسراع بتشكيل حكومة يمكنها تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد». أما اللافت في البيان الفرنسي فهو تحديد مواصفات الحكومة التي تؤيد فرنسا تشكيلها في لبنان بقولها: «ينبغي أن يُمكّن هذا الاجتماع المجتمع الدولي من الدعوة إلى التشكيل السريع لحكومة فاعلة وذات مصداقية تتخذ القرارات الضرورية لاستعادة الوضع الاقتصادي وتلبية الطموحات التي عبر عنها الشعب اللبناني». وبالتالي استبدال كلمة فاعلة مكان لازمة «تكنوقراط»، ما فسّرته مصادر في 8 آذار تراجعاً فرنسياً يعكس ليونة أميركية مقابل تشددها بحكومة تكنوقراط بلا مشاركة حزب الله، ولفتت المصادر لـ«البناء» الى أن «الولايات المتحدة أدركت بعد سلسلة الضغوط على لبنان أن عزل حزب الله سياسياً وحكومياً أمر مستحيل، وأن استمرار العقوبات وتضاعف الأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية بلا حكومة قد يفجّر البلد ويسقطه بيد المحور الإيراني السوري الروسي الصيني، ولذلك أبدت واشنطن مرونة في الملف الحكومي». وأضافت المصادر أن «الحريري يريد أن يأتي رئيس حكومة مطلق اليدين بصلاحيات استثنائية وضرب الصلاحيات الدستورية الأخرى إضافة الى حصرية القرار في ملفات سيادية واستراتيجية بالنسبة للبنان كملف النفط والغاز والنازحين السوريين»، موضحة أن «رئيس الجمهورية وثنائي أمل وحزب الله لن يتساهلوا في هذه الملفات مهما اشتدّت الضغوط وإن استمرّت حكومة تصريف الأعمال أشهراً لأن أي تساهل سيكلف لبنان أثماناً كبيرة على المستوى الوطني ولذلك لن تنفع كل التهديدات والتهويل بانهيار وافلاس ومجاعة وما الى ذلك».
وأشارت أوساط نيابية لــ«البناء» الى أن «تأجيل الاستشارات مصلحة للجميع ولاستمرار الاتصالات لبلورة اتفاق جديد على التكليف والتأليف، وصار الرئيس الحريري المرشح الأوحد بعد موقف كتلته النيابية ودار الفتوى وبعد تكريس معادلة الرؤساء الأقوياء في طوائفهم». وأشارت الأوساط الى تمسك رئيس المجلس النيابي نبيه بري ومعه حزب الله بالحريري نظراً لخطورة الوضعين المالي والاقتصادي، وبالتالي على الحريري تحمل مسؤوليته لكونه جزءاً أساسياً من تراكم هذه الازمات عبر عقود سابقة، اضافة الى شبكة علاقاته الدولية التي ممكن أن يستفيد منها لبنان على الصعيد المالي».
ورأت في مؤتمر باريس خطوة إيجابية استطلاعية ورسم خريطة لحل الازمة الداخلية، ولفتت الى أن الاتصالات قطعت شوطاً كبيراً خلال جولات المفاوضات على الأسماء التي كان الحريري شريكاً فيها ما يسهّل التوصل الى قواسم مشتركة بين الحريري من جهة والرئيس عون والوزير جبران باسيل باسيل والثنائي الشيعي من جهة ثانية». وفي هذا السياق علمت «البناء» أن «الحريري لا يزال يشترط إبعاد باسيل وتمثيل التيار الوطني الحر عن أي حكومة يترأسها، لكن هذا الشرط مرفوض من قبل التيار وحزب الله، لأنه يفسر على أنه انكسار وهزيمة للفريق الآخر، ولكن لا يعني أن لا حل لهذه المعضلة كإعلان باسيل نفسه عدم المشاركة بشخصه في الحكومة وتوزير شخصيات أخرى في التيار تجمع بين السياسة والاختصاص».
وعن الضمانات حول التزام الحريري بمهلة للتأليف إذا ما تم تكليفه، أجابت المصادر: «فليجرَ التكليف وعندها تُضاعف مسؤولية الحريري كرئيس مكلّف وتصريف أعمال ويصبح صاحب المسؤولية الرئيسية».
ووجهت مصادر متابعة للـ«او تي في» جملة من الأسئلة الموجّهة الى بيت الوسط حملته بشكل غير مباشر مسؤولية الأزمة منذ استقالته من الحكومة حتى الآن، وذكرت المصادر أن «التيار يرفض المشاركة في لعبة سياسية مكشوفة يقوم بها سواه تماماً كرفضه أداء دور شاهد الزور».
وفي هذا السياق تشير مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ«البناء» الى أن «الحريري تخلّى عن مسؤوليته في رئاسة الحكومة عبر استقالته المنفردة ويعتكف عن التكليف ويحرق مرشحين آخرين، وتخلّى عن مسؤوليته كرئيس لحكومة تصريف الاعمال على الصعيدين المالي والمعيشي والاقتصادي، متسائلة ما اذا كان الامر مقصوداً للضغط السياسي على الفريق الآخر لانتزاع مكاسب سياسية وحكومية وسيادية عجزت أميركا وإسرائيل عن انتزاعها في الحكومة الماضية!».واستغربت المصادر طرح اسم نواف سلام مستبعدة تبنيه مضيفة أن تبني دار الفتوى للحريري كممثل أقوى في طائفته يسقط اسم نواف سلام تلقائياً، مشيرة الى أن الحريري لن يوافق على اي اسم غيره، ولا أحد مستعدّ للقبول بعد الآن بعد موقف دار الفتوى، كما ان الأمر غير وارد عند اللقاء التشاوري الذي اكدت مصادره لـ«البناء» أن «ترشح أحد من أعضاء اللقاء لم يطرح في المرحلة الراهنة». واستنكرت تعاطي دار الفتوى مع الاستحقاق، مشيرة الى أن «تدخل رجالات الدين في السياسة دليل على عقم النظام الطائفي وضرورة العبور الى نظام جديد متمثل بالدولة المدنية».