دريان: القوى الضالة تحاول ضرب عيشنا المشترك مطر: الأخطار تحدق بنا مُهددة بالتقهقر
أكد مؤتمر الأزهر الداعي الى مواجهة الإرهاب والتطرف «أن الاسلام «براء» من «الارهاب» الذي يرتكب باسمه. وكان مؤتمر الأزهر اختتم أعماله أمس بعد جولة مناقشات ومشاورات تمحورت حول ما يدور في الشرق الاوسط من اعمال عنف واجرام باسم الدين الاسلامي، وذلك بمشاركة شخصيات روحية ودينية من 120 دولة، وندّد المشاركون بأعمال القتل وتهجير المسيحيين ومحاولة إبادة الأقليات في منطقة الشرق الأوسط، وناقشوا قضيّة التطرف وأثره على المجتمع والإرهاب وأثره على المجتمعات العربية والإسلامية ووضع رؤية مستقبلية وما الذي يمكن فعله للخروج من هذه الأزمة.
وشارك في المؤتمر مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر ممثلاً بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، والعلامة السيد حسن فضل الله.
دريان
وأكد المفتي دريان خلال ترؤسه جلسة في مؤتمر الأزهر في القاهرة عن موضوع «المواطنة والعيش المشترك» على «مفهوم المواطنة بين المسلمين والمسيحيين التي تدعو الى المساواة في الحقوق والواجبات من دون اي تمييز»، مشدداً على «احترام الحريات الدينية وحقوق الانسان كأساس للعيش المشترك في مجتمعاتنا المتنوعة والمتعددة».
وقال دريان: «القوى الظلامية التي تحاول ضرب صيغة عيشنا المشترك، هي قوى دخيلة على مجتمعاتنا، خارجة عن ادبياتنا، متمردة على مبادئنا ومشوّهة لقيمنا الإيمانية. انها قوى ضالة ومغضوب عليها».
ودعا ليكون هذا الاجتماع في الأزهر رداً اسلامياً اسلامياً، واسلامياً مسيحياً، ورداً انسانياً شاملاً يقطع دابر الفتنة التي يحيكها الظلاميون الإرهابيون تنفيذاً لمآرب شيطانية تستجيب لإيحاءات ولتعليمات خارجية تستهدفنا جميعاً في ادياننا وفي مذاهبنا وفي أوطاننا».
مطر
ورأى المطران مطر «أن المسيحيين يتعرضون اليوم في بعض من بلدان المنطقة وسواها من المناطق إلى أعمال ارهابية تقتلعهم من أرضهم وتنكر عليهم أبسط حقوقهم. كذلك يضرب الإرهاب أيضاً في صفوف المسلمين، ولغة التكفير تطاول الجميع من دون استثناء، وشر ما في هذا الارهاب الذي يذر قرنه في الزمن الحاضر هو أنه يتلبس الإسلام ويبغي إعادة الخلافة وفتح باب الجهاد، ولكن على غير قواعد الإسلام وبما يخالف تعاليمه»، مشيراً إلى «أنها ظاهرة مريبة لا تكافح بالقوة المادية وحدها، بل بنشر الوعي الديني في كل الصفوف، ولا سيما في الطبقات الفقيرة وبتأمين العدالة الاجتماعية لها والتنمية الاقتصادية بعيداً من أمراض الرشوة والأثرة بالحكم على حساب الضعفاء».
واعتبر «أن مكافحة هذه الظاهرة المريبة مسؤولية مشتركة تقع على المسلمين والمسيحيين معاً، فالتفريق في ما بنيهم اليوم هو عمل معادٍ كلّ المعاداة لحسن المصير في المنطقة بأسرها. فيما جمعهم يؤدي الى تطوير المنطقة والى إعلاء شأن الحق والعدالة في صفوف أبنائها».
وشدد على «أن مفتاح التقدم فهو في نشر مفهوم المواطنة حيث الجميع يواطن الجميع بالمساواة في الحقوق والواجبات». ولفت إلى «أنه إذا ما سويت أمور المواطنة واحتضن المسلمون والمسيحيون بعضهم بعضاً وتبنّوا مصيرهم المشترك ازداد الشرق مناعة فوق مناعة وواجه خطر الإرهاب الذي راح يتمادى اليوم في قتل الأبرياء وصولاً إلى غاياته، كما يستغلّ ضعف الضعفاء ليتخذهم مطية لمآربه التي لا تُجدي لأحد نفعاً حتى ولا لأصحابها».
وأكد «أن الأخطار تحدق بنا مُهدِّدةً بالتقهقر وضياع الحضارة، بفعل من الارهاب السالك في طريق الافناء»، مشيراً إلى «أن فرصاً للتقدم تنتظرنا، ولدحر القوى الظلاميّة كلها».
فضل الله
وقال العلامة السيد علي فضل الله في الكلمة التي ألقاها في المؤتمر: «لن يستقيم حالنا إلا إذا انتفضنا على كل إرهاب يتعرض له أي إنسان على هذه الأرض، لهذا، فإن المطلوب هو الاتفاق والالتزام بتعريف دقيق للارهاب، انطلاقاً من أحكام الدين وجوهره».
وأضاف: «ينتظرنا الكثير من العمل، نظراً إلى أن الإرهاب في جله، يسعى إلى التلبس بلباس الدين وعباءته لتبرير أفعاله وجرائمه، ومن ذلك يستمد مقومات استمراره.
لذلك، لا بد من تنقيح الموروث الديني الذي تستند إليه الجماعات التكفيرية لتبرير إجرامها، وإعادة الاعتبار إلى مفهوم الأنسنة في التعامل مع الآخر المختلف، انطلاقاً من حديث الإمام علي: «الناس صنفان: إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق»، وتعزيز مبدأ المساواة مع الآخر».
وشدد فضل الله على «ضرورة تعزيز لغة الحوار والتلاقي على كل المستويات، لا على مستوى النخب فحسب، وخصوصاً بين المؤسسات الدينية، لكي يصبح هناك تقارب ما بين المناهج، وتبادل للخبرات الدينية على مستوى المدرسين والمتعلمين والباحثين».