مشاورات مكثفة ستقرّر مصير الاستشارات والحكومة… بانتظار موقف نصرالله اليوم تكليف ومسار تأليف طويل… أو لا تسمية وإعادة الاستشارات… أو التأجيل باسيل لحكومة تكنوقراط برئيس يسمّيه الحريري تحمي التوازنات والمقاومة
كتب المحرّر السياسيّ
لن ندخل في مسار ينتج عنه توقيع رئيس الجمهورية لمرسوم تشكيل حكومة يقدّمها الرئيس سعد الحريري إذا تمّ تكليفه، فتصير هي حكومة تصريف الأعمال حتى قبل نيلها الثقة بمجرد صدور المراسيم الخاصة بتشكيلها وباستقالة الحكومة السابقة. هذا محظور ناقشه ثنائي حركة أمل وحزب الله بعد تبلغهما قرار التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية رفض المشاركة في الحكومة المقترحة من الثنائي إذا وافق عليها الحريري كحكومة تكنوسياسية برئاسته تكرّس استبعاد الوزير جبران باسيل كنتيجة يُراد لها اختصار نتائج المواجهة التي عاشتها البلاد لشهرين، من تحويل الحراك الشعبي الغاضب على الفساد والسياسات المالية، إلى ورقة ضغط على العهد والتيار الوطني الحر وتحميلهما مسؤولية خراب أنتجته السياسات التي يتحمل الرئيس الحريري وفريقه مسؤوليتها الرئيسية. وبالمقابل رفض التيار ورئيس الجمهورية تعطيل ولادة هذه الحكومة، وتحمل المزيد من الضغوط في الشارع التي تحمّل رئيس الجمهورية مسؤولية التعطيل كما حصل في الاستشارات النيابية، التي صار معها الشارع مستنفراً ضد رئيس الجمهورية وصار فيها الرئيس الحريري مرشحاً مقبولاً لرئاسة الحكومة، وتمّت شيطنة الوزير باسيل لحد جعل استبعاده من الحكومة انتصاراً، هو في الحقيقة الانتصار الذي بشر به جيفري فيلتمان تحت شعار، إن المعركة ضد حزب الله وسلاحه فوق طاقة القوتين الصاعدتين في لبنان وهما الجيش والحراك. وإنه يكفي تحقيق إضعاف التيار وباسيل ليكون حزب الله قد تلقى ضربة موجعة بحرمانه من الغطاء الدستوري والدبلوماسي والمسيحي، ووفقاً لمصادر متابعة للملف الحكومي فإن مشاورات مكثفة بدأت بين حزب الله والتيار الوطني الحر وتوّجت بلقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس التيار جبران باسيل، وستتواصل لبلورة موقف يتفادى الوقوع في أي محظور.
السيناريوات المتداولة التي تحدثت عنها مصادر متابعة، تتراوح بين سيناريو أول تبقى خلاله الاستشارات النيابية في قصر بعبدا في موعدها يوم الاثنين، وتتم خلالها تسمية الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة. وفي هذه الحالة سيمتنع حزب الله والتيار الوطني الحر عن التسمية ومعهما عدد من الحلفاء، بحيث سينال الحريري قرابة الـ70 نائباً، وتبقى مشاورات التأليف عالقة لحين التفاهم مع الحريري والتيار الوطني الحر على صيغة مشتركة. أما السيناريو الثاني فيقوم على بقاء الاستشارات النيابية في موعدها، لكن بتوزع النواب بين غياب وعدم تسمية من يكلف تشكيل الحكومة، فيستدعي الأمر إعادة تعيين موعد لاحق للاستشارات خلال أسبوع أو عشرة ايام، أما السيناريو الثالث فهو أن يتم التفاهم بين الحريري وثنائي حركة أمل وحزب الله على طلب تاجيل ثان للاستشارات من رئيس الجمهورية لأسبوع يجري خلاله التشاور في بدائل تتفادى مقاطعة التيار الوطني الحر.
باب العودة عن المقاطعة فتحه الوزير باسيل بالحل الذي قال إنه الأمثل للمرحلة المقبلة عبر تسمية الرئيس الحريري شخصية تكنوقراط تمثله، وبالتوازي قيام الكتل النيابية بتسمية من يمثلها من التكنوقراط، بحيث تولد حكومة تلقى قبولاً في الشارع لأنها تستجيب لطلبه، وتلقى قبول الخارج، ولو شكلاً، وتحظى بدعم المجلس النيابي لكنها تكون بعيدة عن المناكفات السياسية. وهذه الحكومة وفقاً لباسيل تحقق الميثاقية برئيس يسميه رئيس الكتلة الأكبر في الطائفة التي ينتمي إليها رئيس الحكومة، وبتشكيلها من اختصاصيين يحظون بدعم الكتل النيابية التي أفرزت أحجامها الانتخابات النيابية، وبصورة تحفظ هذه التوازنات بين الكتل، بمثل ما تحمي هذه الحكومة المقاومة، بموجب هذا التوازن الذي يشكل فيه حلفاء المقاومة الأغلبية النيابية الممثلة في الحكومة بالأوزان ذاتها.
وأعلن باسيل أنه «إذا أصرّ الحريري على «أنا أو لا أحد» وأصرّ حزب الله وأمل على مقاربتهما بمواجهة المخاطر الخارجية بحكومة تكنوسياسية برئاسة الحريري، نحن كتيّار وطني حرّ، وكتكتّل لبنان القوي، مع ترك الحريّة لمن يريد من الحلفاء، لا يهمّنا ان نشارك بهكذا حكومة لأن مصيرها الفشل حتماً». وأضاف: «أكيد أننا لا نسمح بضرب الميثاقية وتخطي التمثيل الفعلي ونعطي مقاعدنا للحراك اذا رغب أو لأشخاص جديرين بالثقة اذا لم يرغب».
وأضاف: “لا نشارك ولا نمنع تشكيل الحكومة ولا نطلب ولا نضغط على أحد لعدم السير بها”.
وسبقت موقف التكتل لقاءات واتصالات على خط ميرنا الشلوحي – عين التينة – حارة حريك، حيث التقى باسيل رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بحضور الوزير علي حسن خليل، حيث غادر باسيل من دون الإدلاء بتصريح. وقال باسيل لبرّي «اشتقنا للحوار» فردّ برّي: «في هذا البلد لا بديل عن الحوار».
وعلمت «البناء» أن «باسيل أبلغ بري قرار التيار عدم المشاركة في الحكومة، فأكد بري لرئيس التيار أن حركة أمل ترفض خروج التيار وتمنى عليه مراجعة قراره لتأمين الدعم السياسي المطلوب للحكومة، لكن باسيل أصرّ على موقفه». كما التقى باسيل مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا في إطار التنسيق بين الحليفين.
وتتكثف المشاورات بين أحزاب وكتل فريق 8 آذار لتنسيق وتحديد الموقف في استشارات التكليف، كما نشطت الاتصالات بين الثنائي الشيعي والرئيس الحريري في محاولة للاتفاق على رؤية واضحة حول التأليف قبل تكليفه، في حين تتجه الانظار اليوم الى ما سيدلي به الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله الذي سيحدد الاتجاه النهائي لاستحقاق الاثنين.
وتشير مصادر سياسية لـ»البناء» الى أن مرحلة ما بعد التكليف لا تزال ضبابية وسط ترجيحات أن يتم التكليف وندخل بأزمة تأليف طويلة، حيث إن رئيس الجمهورية بحسب مصادره لن يوقع على تشكيلة وزارية من تكنوقراط ولا تُراعي نتائج الانتخابات النيابية والميثاقية وتلبي الإملاءات الخارجية، لذلك سيتكرر مشهد الحكومة المستقيلة حيث يطرح الحريري أكثر من صيغة على عون ويرفضها الأخير وبالتالي إما يعتكف الحريري عن التأليف وتحدّد استشارات جديدة وإما يحتفظ الحريري بورقة التكليف وتبقى حكومة تصريف الأعمال حتى إشعار آخر.
وتترقب الأوساط السياسية والشعبية والخارجية كلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عصر اليوم، وبحسب معلومات «البناء» سيوجّه السيد نصرالله دعوة الى الكتل النيابية كافة الى تحمل مسؤوليتها في إنقاذ الوطن، وتترجم ذلك في حكومة واحدة وفقاً لنتائج الانتخابات واتفاق الطائف وإلا أي حكومة لا تتمتع بالتمثيل السياسي والميثاقي لن يكتب لها النجاح». كما سيقارب موقف الحريري من مسألة التكليف ويرسل رسائل حاسمة في هذا الاتجاه، وسيحدد موقف الحزب من إعلان حليفه التيار الخروج من الحكومة وسيردّ على تصريحات وتهديدات وهجمات الولايات المتحدة الاميركية على الحزب وتدخّلها في الشؤون اللبنانية، وسيؤكد بأن لا حكومة بالشروط الأميركية، وكشفت صحيفة «ذا ناشونال انترست» الاماراتية أن «مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل يزور لبنان الأسبوع المقبل».
وعكس كلام نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أمس، بتوتر شديد في العلاقة مع بيت الوسط، وبأن موقفاً حاسماً للحزب يلوح في الأفق، وقال في لقاء مع «اتحاد شباب العهد»، «لم نرسل «الخليلين» لاستجداء الرئيس سعد الحريري يومًا ولن نستجديه يومًا!». اعتبر قاسم أننا «نواجه أزمتين، الكبرى داخلية والتي هي الانهيار بسبب الفساد والمحاصصة، والثانية هي التدخل الخارجي المتمثل بشكل رئيسي بأميركا التي تريد ركوب أوجاع الناس».
الى ذلك، تفاعلت قضية اعتداء النائب المستقبلي هادي حبيش على القاضية غادة عون، اذ اتخذت القاضية غادة عون صفة الادعاء الشخصي بحق حبيش وطلبت ملاحقته وتوقيفه وإحالته الى المدعي العام التمييزي. بدوره، أكد حبيش أنه ادّعى على القاضية عون بالمعاملة بالشدة والقدح والذم وتحقير المحامين والنواب.
وقالت مصادر إعلامية إن «عون أجرت اتصالاً برئيس المجلس النيابي أعلمته خلاله بمجريات اعتداء حبيش عليها لكون الأخير يخضع لسلطة مجلس النواب ورفع الحصانة عنه من صلاحيات المجلس، وأبدى بري إيجابية رافضاً التعدي على القضاء وأجرى اتصالاً بحبيش للغاية نفسها، كما أجرت عون اتصالاً برئيس الجمهورية وأكد لها اهتمامه ومتابعته للملف.
واستنكرت عمدة القضاء في الحزب السوري القومي الاجتماعي في بيان ما أقدم عليه حبيش. وأوضحت أن «ما قام به حبيش، يتقاطع مع سلوك فريقه السياسي الذي دأب منذ فترة وبشكل ممنهج على تدمير مقومات الدولة الاقتصادية ومؤسساتها الدستورية من خلال تعطيل تشكيل الحكومة وفرض بدع دستورية جديدة لتقويض مؤسسات الدولة». ودعا نقابة المحامين الى اتخاذ الإجراءات التأديبية بحق حبيش ومنعه من ممارسة مهنة المحاماة لإقدامه بشكل علني على مخالفة قانون تنظيم مهنة المحاماة نظراً للإساءة الكبيرة التي أقدم عليها والمثال السيئ الذي قدمه. ودعا القضاء الى «التحرك الفوري لملاحقة النائب المذكور لكون ما ارتكبه هو جريمة مشهودة ولا توجب أي إذن من المجلس النيابي وذلك تطبيقاً للقوانين المرعية الإجراء وحفاظاً على هيبة الدولة والقانون وكرامة المحامين والمتقاضين».
على صعيد آخر، نقل زوار رئيس الجمهورية عنه اشارته الى أن شركة «توتال» الفرنسية ستباشر قريباً جداً التنقيب عن النفط والغاز في البلوكات اللبنانية البحرية المتاحة، وأن وفداً من الشركة سيزور الرئيس اليوم لوضعه في صورة مباشرة العمل، وذلك بعد توقيع الاتفاق مع وزارة الطاقة.ولهذه الغاية تعقد وزيرة الطاقة والمياه ندى البستاني اليوم مؤتمراً صحافياً تتناول فيه آخر التطورات والمستجدات في قطاع النفط والغاز.