أخيرة

ثقافة الحياة… مقاومة

 عبير حمدان

حين نرقب المشهد العام الذي أشعلت الضريبة على «الواتساب» شرارته نجد أنّ التباين الحاصل في الساحات ومختلف المناطق يزداد تصاعده ويتحوّل إلى قنابل موقوتة تتطلب الكثير من الوعي والسعي لاحتواء الأزمة ولو بإطار شعبي من قِبل كلّ من عاش مرحلة الحرب الأهلية وويلاتها علّ هذا الاحتواء يصوّب الكثير من الشعارات، وبالتالي يغربل «الحراك» وينظفه من فطريات الطائفية والمذهبية والتسلل المشبوه للتطبيع بهندام عنوانه «جمعيات مدنية».

ندرك أنّ الدولة مقصّرة في حق مواطنيها لكن في المقابل كلّ مواطن عليه تحمّل مسؤولياته تجاه وطنه، ولعلّ أبرز هذه المسؤوليات يتمثل بشعور الانتماء الفعلي بحيث لا يتعامل مع واقعه الاجتماعي كضيفٍ عابر ويكتفي بإلقاء اللوم على السلطة السياسية التي ساهم في تشكيلها جراء تأجيل اعتراضه على أدائها لعقود، ثم عاد ومنحها ثقته من خلال صناديق الاقتراع على قاعدة المنفعة الشخصية حيناً والمذهبية أحياناً.

هذه السلطة تغذت لسنوات على التبعية المطلقة والتصفيق والقبول بكل ممارساتها ولكن هل يكون السعي لتغيير سياساتها بتدمير ما تبقى من الوطن؟ أم بتقسيم المقسّم كما يحاول بعض السياسيين من أمراء الحرب المعروفين فعله في أكثر من منطقة؟ وهل يجوز أن تُترك الساحات مفتوحة لمن يعتنقون «الحياد» المرفوض جملة وتفصيلاً خاصة حين يتعلق الأمر بعدوّ أبدي وواضح؟

حسناً فعل المنتفضون على سياسة الفساد حين ربطوا صرختهم المحقة بالقضية المركزية وطردوا دعاة الحياد من قلب بيروت التي لم يرهبها الاجتياح ولم ينل منها المحتلّ، هؤلاء الذين هتفوا لفلسطين يمثلون كلّ أحرار هذا الوطن ووحدهم من يملك الحق بافتراش الساحات وإعلاء الصوت، لأنهم بثبات موقفهم وعزيمتهم يحولون دون تحريف الحراك ويصونون المقاومة ثقافياً وسياسياً واجتماعياً ويسقطون كلّ الشعارات المشبوهة التي تمّ رميها بمختلف الوسائل في أكثر من منطقة وشارع.

هؤلاء هم الوجه الحقيقي للانتفاضة الشعبية وهم الامتداد الطبيعي لأول طلقة مقاومة بيد خالد علوان، هم نبض سناء محيدلي وأحمد قصير وبلال فحص ولولا عبودولهم نقول إنّ لبنان انتفض في أيلول 1982 عند تلك الزاوية في شارع الحمراء وأكمل انتفاضته نحو الجنوب  وتوّجَها في 25 أيار 2000 وصانها في تموز وآب 2006 واستمرّ منتفضاً في تحرير الجرود من التكفيريين 2017، وهذا هو وجهه الحقيقي بلا أي شوائب او مزايدات المقاومة ثقافة حياة ونهج لن يناله حاقد.

ومن حقق هذه الانتصارات لا يغلبه اليأس ولا يكسره الحصار الاقتصادي ولو قرأ البعض في دفاتر الأمس على الصعيد الاجتماعي سيرى أنّ هناك جيلاً لم يكمل يوماً عامه الدراسي بسبب الحرب الأهلية وكان يقف بالطابور أمام الأفران ليحصل على ربطة الخبز وعاش طفولته ومراهقته في الهرب من منطقة إلى أخرى تجنباً للقذائف المتنقلة، وكثيراً ما كان شبح القنص يراود مخيلته في معظم تحركاته وحين انتهت الحرب إنهارت عملته فتمّ سحق الطبقة الوسطى بالكامل لكنه أكمل حياته رغم كلّ التحديات واليوم هذا الجيل لا يريد أن يتكرّر المشهد.مانعيشهاليوممشهدمتكرّرعنمراحلسابقةعشناهاولعلّالفارقالوحيدلعنةالتطورالالكترونيوشيوعظاهرةانّكلّشخصأصبحوبقدرةفايسبوكيةمحللاًسياسياًومراسلاًومصدراًموثوقاًناهيكعنطفرةالمواقعالتيتحملصفةإعلاميةوهيبارعةبالاستعراضوتعملعلىترويجالأفكارالهدامةوالانهزاميةبالاضافةإلىالهواءالمفتوحلجزءمنالإعلامالمهللللحيادوالداعيللسلامالعالميوالذييسمحللبعضبقلبالوقائععلىقياسأجنداتمستوردةبإطارممنهجيتطلبمنالجميعمواجهتهوالتصديلهمنخلالتعميمثقافةالمقاومةالاجتماعيةوالفكريةوالسياسيةوالأدبيةفيموازاةالمقاومةالعسكريةالتيحققتالانتصارفيكلّالساحات.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى