بعد أدائه اليمين الدستورية.. تبون: هذا الإنجاز هو ثمرة الحراك وسنعدّل الدستور بما يعبّر عن مطالب الشعب
بدأت الجزائر تدشين عهد سياسي جديد مع تنصيب عبد المجيد تبون الذي أدّى أمس، اليمين الدستورية كرئيس جديد للجمهورية، خلفاً لعبد العزيز بوتفليقة الذي استقال بعد 20 عاماً في الحكم، تحت ضغط حراك شعبي غير مسبوق ضد النظام.
وجرت مراسم التنصيب بحضور السلطات العليا المدنية والعسكرية للبلاد، فضلاً عن ممثلي السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر، وذلك بعد أن أعلن المجلس الدستوري الإثنين الماضي عن النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 كانون الأول 2019.
وسلّم رئيس الدولة الجزائري عبد القادر بن صالح سلم الرئيس المنتخب تبون وسام الاستحقاق.
وبعد أدائه اليمين الدستورية قال الرئيس تبون «إن هذا الإنجاز هو ثمرة الحراك الشعبي الذي تحرك لوقف انهيار الدولة»، منوّهاً «بجهود السلطة في إنجاز الانتخابات في وقت قصير ونظّموا انتخابات حرة ونزيهة».
وأضاف يجب أن نرفع التحية للجيش على الدور في حماية السيادة واستقرار البلاد، مشيراً إلى أنه «ما بقي من مطالب الحراك الشعبي فإني أعلن مدّ اليد لتحقيقها».
وتابع تبون، «يتعيّن علينا طي صفحة الخلافات لأنها من عوامل التفتيت»، مشدداً نحن ملزمون جميعاً ولا خيار لنا إلا أن نضع اليد في اليد من أجل بناء جمهورية قوية».
الرئيس الجزائري قال إن «عملنا السياسي يستمدّ روحه من مبادئ ثورة الأول من نوفمبر»، مشدداً على أن «الجزائر اليوم تحتاج إلى ترتيب الأولويات تفادياً لأي عواقب مجهولة».
كما أكد «نهدف إلى استعادة الشعب ثقته ببلده كما نهدف إلى استمرار مكافحة الفساد».
وتوجّه تبون للجزائريين قائلاً «إننا اليوم مقبلون على تضحيات جسام من أجل بناء الجمهورية الجديدة»، مجدداً التزامه بالعمل على تعديل الدستور بما يعبّر عن مطالب الشعب.
وإذ أكد أن «الدستور الجديد يسعى لأن يحدّد حصانة الأفراد ولا يحقق أي حماية للفاسد على أن يحمي الحرية»، شدّد قائلاً «سنسعى لبناء اقتصاد قوي صانعاً للرفاه الاجتماعي غير خاضع للخارج».
كما أكد «سنسعى للإسهام في تحقيق التنمية الوطنية الشاملة». كما أشار إلى أنه سيتم تعزيز الدور الاقتصادي للجماعات المحلية وسنفتح آفاقاً واسعة لاقتصاد المنزل وإلغاء الضرائب عنه.
ووعد الجزائريين بأن الدولة ستقوم ببحث نظام الضرائب، وستسعى لتخفيفها عن المؤسسات التي تخلق فرص عمل.
الرئيس الجزائري تبون أكد أن بلاده ستسعى للحفاظ على حسن الجوار، خصوصاً مع دول المغرب العربي، مشيراً إلى أن مسألة الصحراء الغربية هي مسألة تصفية استعمار وينبغي أن تظل بعيدة عن تعكير الأجواء مع الدول الشقيقة.
ودعا تبون ليبيا إلى توحيد صفوفها، مشدداً «لن نقبل بإبعادنا عن الحلول للملف الليبي».
كما تناول الوضع في سورية، وقال «نتطلع لنرى أشقاءنا في سورية والعراق واليمن وقد تجاوزوا محنتهم».
كذلك تناول تبون القضية الفلسطينية، وأكد أنها «من ثوابت السياسة الخارجية لنا وسنظل إلى جانب الفلسطينيين حتى تحقيق حق العودة».
وبالنسبة لدول الساحل الأفريقي، قال تبون «سنبدي مزيداً من الجهد لإرساء الاستقرار في تلك المنطقة».
الرئيس الجزائري الجديد دعا وسائل الإعلام الوطنية «لأن تكون في مستوى تطلعات الأمة بعيداً عن التضليل والتجريح». كما لفت إلى أن المجال الاجتماعي سيمنح أولوية، مؤكداً «سنقف إلى جانب الطبقة الهشّة وسنقضي على أزمة السكن نهائياً».
وفي مجال الصحة أكد تبون «سنسعى لحصول جميع المواطنين على الرعاية الصحية ولتطوير الصناعة المحلية للدواء».
هذا وقدّم الوزير الأول نورالدين بدوي استقالة حكومته للرئيس الجزائري.
وأفاد مصدر إعلامي بـ»تعيين وزير الخارجية صبري بوقادوم وزيراً أول بالنيابة».
الرئيس تبون الذي فاز بالانتخابات بنسبة 58,13 %، سيباشر مهامه فور أدائه اليمين الدستورية طبقاً للمادة 89 من الدستور التي تنص على أن «رئيس الجمهورية المنتخب يؤدي اليمين الدستورية أمام الشعب بحضور جميع الهيئات العليا للأمة، خلال الأسبوع الموالي لانتخابه، ويباشر مهمته فور أدائه اليمين».
وينص القَسم على «احترام الدين الإسلامي وتمجيده والدفاع عن الدستور والسهر على استمرارية الدولة»، إضافة إلى «السعي من أجل تدعيم المسار الدّيمقراطيّ، واحترام حرّيّة اختيار الشّعب».
وفور إعلان فوزه مدّ تبون يده للحراك الشعبي من أجل «حوار جاد لبناء جزائر جديدة» من خلال «تعديل عميق للدستور» تكون غايته ولادة «جمهورية جديدة».
ووفقاً للتقاليد يقدّم رئيس الوزراء نور الدين بدوي استقالته للرئيس الجديد الذي يكون عليه تعيين خلفٍ له، وحكومته الجديدة.
ومع ذلك فإنه من المستبعَد أن تكفي بعض الإجراءات الرمزية لإسكات الحركة الاحتجاجية المصمّمة على مطلب رحيل كل رموز «النظام»، حيث تعتبر تبون «رئيساً غير شرعي»، كما ترفض أن يقوم «النظام» بالإصلاحات السياسية لتجديد نفسه. وهذا المطلب رفضته القيادة العليا للجيش التي تتحكّم في السلطة منذ استقالة بوتفليقة، جملة وتفصيلاً.