صقر لـ«البناء»: لم يقدم رئيس الاتحاد شيئاً يذكر

حسين غازي

خمسة أشهر مرّت وفريق السد خارج لعبة كرة اليد، هذا الفريق الذي صال وجال في سماء آسيا والعالم، ليسطر لاعبوه بأحرف من ذهب تاريخ نادٍ لم يأت مثله في عالم اليد اللبنانية. فقد فاز ببطولة آسيا، وحل ثالث العالم في بطولة الأندية، كما أنه حقق الدوري اللبناني 6 مرات متتالية. تعتبر كرة اليد اللبنانية مهمشة ولا تأخذ ما تستحقه على رغم ملامستها سفوح العالمية، إلا أن ذلك لم يشفع لنادي السد، والذي أجبر رئيسه تميم سليمان على هجر اللعبة، بعد أن طفح كيله من تدخلات ومخالفات طاولت فريقه ولاعبيه، على خلفية سلسة المباريات النهائية مع غريمه نادي الصداقة، والتي توقفت آنذاك قبل ثلاث ثوانٍ من النهاية، إثر اجتياح الجماهير أرض الملعب، وحصول أمر غير رياضي من ضرب وذمّ. ليأتي بعدها قرار ترك اللعبة والانصراف عنها.

كرة اليد اليوم غابت عنها المنافسة، وأصبحت شبه لعبة في بلدٍ المحسوبيات والمصالح، لتسدل معها ستارة مشرقة لنادٍ حمل على عاتقه رفع اسم لبنان عالياً، فعلى رغم ما كانت تعانيه هذه الرياضة، كانت موازنة نادي السد تقارب الـ1,5 مليون دولار، وكان يدفع 800 ألف دولار للاستحقاق الآسيوي، وهذا الرقم ليس أمراً عادياً في لبنان، بل يقارب موازنة خمسة أنديةٍ مجتمعةٍ في الدوري اللبناني لكرة القدم.

وهنا نأتي إلى اللاعبين، الذين وضعوا كل ما يملكون من أجل رياضتهم المفضلة، والتي ليست فقط مهمشة من قبل اتحادها والدولة، بل أيضاً من قبل الإعلام الرياضي. فلاعبو نادي السد الآن بلا فريقٍ، وقطع مصدر رزقهم، لولا رئيس ناديهم سليمان، الذي أخذ على عاتقه دفع رواتبهم حتى نهاية هذا العام، متحملاً تلك النفقة، مبرهناً أنّه رجل محترف في عمله.

بالعودة إلى ما آلت إليه الأحوال بعد انسحاب السد، نذكر هنا أن منتخب لبنان يتشكّل بنسبة 90 في المئة منه من لاعبي السد، ما يعني تدهور وانكسار اللعبة تدريجياً. ويرى عدد من القيمين على هذه الرياضة، أن كون أصحاب القرار في الاتحاد هم ذاتهم إداريو نادي الصداقة، أمرٌ غير مقبول، فبرأيهم كيف تحكم اليد على اليد الأخرى بالقطع إذا ما أخطأت.

وفي حديث لـ»البناء» مع لاعب السد حسن صقر قال: «لقد فاجأني ما جاء على لسان نائب رئيس الاتحاد، الذي بدوره يشغل مدير نادي الصداقة، بأن اللعبة لا تتوقّف على نادٍ وهي ستستمر بشكلٍ طبيعي، فكيف لمسؤول أن يصرح بذلك، إذا ما أراد النجاح لها، وعدم الوصول بها للفشل».

إن لاعبي السد يتقاضون أجوراً جيدة إلى جانب الحوافز والمكافآت، وهي مصدر عيشهم الأول، أما لاعبو الصداقة فلا يقدم لهم المبالغ نفسها من قبل ناديهم، وهنا يقع العتب على الاتحاد، الذي حرمهم من ممارسة اللعبة، على حد قول الصقر.

وتنتهي تواقيع اللاعبين آخر شهر 12 الجاري، ما يعني أن جميع لاعبي السد، سيصبحون بلا نادٍ، ما سيجبرهم على إيجاد حلّ بديل، وقد يكون مجحفاً بحقّهم.

ويضيف صقر: «لن يقدر أي لاعب منا أن يمارس اللعبة، فنادي الصداقة لن يوقّع معنا «نكاية»، واللعبة مدمرة بالأصل، وبالتأكيد لن يأتي نادٍ من الخارج، إذ إنه غير مضطر لدفع مبالغ عالية».

وينطلق الدوري اللبناني في شباط المقبل، والمعيب بحسب قول الصقر، أن لم يقم أحد بأي اتصال مع تميم سليمان لثنيه عن قراره، وتحدّث عن إنجازات رئيسه الذي قدم الغالي والنفيس من أجل هذه اللعبة. والجدير بالذكر أن سليمان هو رئيس نادي العهد حالياً. وبالفعل لم يتجمّع منتخب لبنان منذ عام 2004 سوى ثلاث مرات، في المرة الأولى ذهب المنتخب إلى قطر على حساب الأخيرة، وفي الثانية إلى إيران أيضاً على حسابها ضمن التصفيات المؤهلة لكأس العالم عام 2008، وفي عام 2010 عندما استضاف لبنان التصفيات، وتم حينها تجنيس لاعبين، في محاولة لتقديم الأفضل، إلا أن الأمر لم يسرِ بالشكل المطلوب وخرج منتخبنا خالي الوفاض. كما أن رئيس الاتحاد الحالي منذ 1998 هو عبدالله عاشور، وهذا الأمر يثير حفيظة كثيرين، لعدم تغيير وتجديد الدماء داخل الاتحاد.

واختتم صقر حديثه: «لم يقدم رئيس الاتحاد بشيء يذكر، بحكم سفره المتواصل، واللعبة على يديه لم تتطور أبداً، وليست هناك أية خطط من قبل الاتحاد لتطويرها ونشرها، وأفضل ما قام به إرسال الحكام إلى الخارج لتمثيلنا. كما أنه ليس هناك إهمال أكثر من ذلك، فإقامة بطولة للناشئين بثلاثة فرق أمرٌ معيب، ككأس لبنان الأخيرة التي ضمّت أيضاً 3 فرقٍ وفاز بها الصداقة. والجدير بالذكر أن هذه اللعبة، محط اهتمام عالمي، والدليل على ذلك نقل قناة «البي إن سبورت» مجريات بطولات أوروبا وآسيا. وخرج البعض من منظمي بطولة آسيا للقول أين نادي السد؟ لقد كان يقدم نكهة رائعة للبطولة».

وبالفعل لو ازداد الاهتمام باللعبة سنرى محترفين أكثر وخير مثال، الحارس اللبناني المحترف حسين صقر، والذي تسعى دولة قطر لتجنيسه، من أجل الاستفادة من خدماته، وإن دلّ ذلك على شيء، فهو بالتأكيد يبرهن أن الخارج يهتم بكرة اليد أكثر من المسؤولين في الداخل.

وانطلاقاً من مصلحة اللعبة، ولعل الصوت يصل وتحلّ المشكلة، كي لا تقطع أرزاق أناسٍ امتهنوا كرة اليد، يجب أن يقوم رئيس الاتحاد بالتحرّك، لكي لا يدقّ المسمار الأخير في نعش اللعبة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى