تأبين الدكتور علي السرمينيّ في مكتبة الأسد محمد الأحمد: السرمينيّ هو أحد أبطال العمل التنويريّ والتنظيميّ في الحركة الفنية السورية
} رانيا مشوِّح
هم المبدعون الباقون بعد رحيلهم بآثارهم وفنّهم وعلمهم الذي لم يبخلوا بإثراء وطنهم بأقيمه وأجمله؛ فهم الراحلون الأوفياء والغائبون الحاضرون في قلب وطن حملوا اسمه فحمل إبداعهم أمانة للأجيال القادمة.
من هنا وانطلاقاً من الوفاء لمبدعينا أقامت وزارة الثقافة برعاية وزير الثقافة محمد الأحمد وزير الثقافة حفل تأبين للفنان التشكيلي الراحل الدكتور علي السرميني بدعوة من وزارة الثقافة ووزارة التعليم العالي واتحاد الفنانين التشكيليين وآل الفقيد في قاعة المحاضرات في مكتبة الأسد الوطنية في دمشق.
في كلمة له قال محمد الأحمد: لم يكن علي السرميني فناناً ومربياً فحسب، وإنما رجل معنيّ بتنظيم الحركة التشكيلية السورية ككل، وتطوير التربية والتعليم التشكيليين، وبناء أجيال جديدة من الفنانين قادرة على تمثيل واستيعاب أفضل ما أنجزته الحضارة الإنسانية على هذا الصعيد، ومؤهلة لخلق تيارات وحساسيات جديدة في التشكيل السوري، هو من الجيل المؤسس الذي وقع على كاهله عبء ثقيل، ألا وهو القيام بعمل تنويري وتنظيمي جبار، والنضال من أجل تحويل النظريات الفنية والعلمية إلى حقائق تفرض نفسها في الحياة، وإلى برامج عمل، ونشرها بين الجمهور العريض، ووضع المخططات واقتراح مشاريع القوانين على الأجهزة الحكومية المعنية، وملاحقتها والإلحاح عليها من أجل تنفيذ هذه المخطّطات والقوانين، وتحويلها إلى مناهج دراسية وخطط تربوية. ولهذا فإن السيرة العلمية لهؤلاء المؤسسين ينبغي أن لا تقتصر على ما أنجزوه من كتب وأبحاث وأعمال فنية فحسب، وإنما ينبغي أن تضم أيضاً ما أسسوه من مشاريع، وما خاضوه من معارك كي ترى هذه المشاريع النور، وتتحقق على أرض الواقع.
وفي كلمة آل الفقيد، قالت ابنة الفقيد المخرجة سهير السرميني: أربعون يوماً مرت على رحيلك يا أبي، على رحيل الأب والمعلم والصديق، المنارة والمدرسة في الفن والعلم والعطاء، الطيب الخلوق والمتواضع والنبيل، مشغول بنا دوماً، حريص على نجاحاتنا وتفوقنا، الأستاذ والعميد الذي يحلف طلابه باسمه. مرّت أربعون يوماً على رحيل الأستاذ في العمل السياسي والحزبي، وصاحب القضية التي كرّس نفسه لها، ولعلّ لوحة البانوراما الرئيسية التي تزيّن المدخل الرئيسي للبناء العام للفلاحين، خير شاهد على إبداعك وصبرك وفنّك.
كما ألقى كلمة كلية الفنون الجميلة واتحاد الفنانين التشكيليين الدكتور إحسان العر، حيث قال: من منا يستطيع أن يفصل بين كلية الفنون الجميلة وعلي السرميني، هذه الكلية التي ارتبطت به مهنياً ووجدانياً وإنسانياً لعقود من الزمن، ومن لم يشاهده في أروقة الكلية بشكل يومي، مع حرصه على التواصل مع كل أفرادها، ومن منا لم يلحظ شجاعته في أيامه الأخيرة، وكله يقين بأن الحياة لا ترتبط بجسد يفنى، بل بعمل لا يموت أبداً.أما كلمة طلاب الدكتور الراحل فقد ألقاها د. سائد سلوم: برحيله خسرنا وخسر الفنّ التشكيلي السوري واحداً من أهم مبدعيه، وبالرغم من كل ألمه قبل رحيله لم ينقطع يوماً عن درس في كلية الفنون إلا بعسر المرض، وكان يؤجل مراجعاته الطبية مصراً على البقاء بين طلابه، وبين زملائه في عملهم، إنه الرجل الفنان الذي يعرف ما يريد، وها قد رحل جسداً لكن أعماله وألوانه باقية معنا.