إجماع وطني وديني وشعبي وسياسي في العراق على رفض العدوان ودعم الحشد الشعبي سجال حكومي أميركي عراقي يطرح مستقبل بقاء الأميركيين… والحشد: الردّ آتٍ توزير السابقين لم يُحسَم… والمستقبل يقطع الطرقات… ولجنة الاتصالات و”تمديد” شقير
كتب المحرّر السياسيّ
بدا العراق بصورة مغايرة لما اشتهاه الأميركيون لحظة اتخاذهم قرار العدوان الذي استهدفوا من خلاله قواعد الحشد الشعبي على الحدود السورية العراقية، فالانقسام الذي رغب الأميركيون برؤيته يتعمق بين العراقيين حلت مكانه وحدة جامعة غير مسبوقة إلا في زمن الحرب على داعش، ومشهد التجاذب السياسي الذي رافق تسمية رئيس الحكومة غاب كلياً ليحل مكانه تضامن شامل وواسع مع الحشد الشعبي الذي تمّ توصيفه في كل البيانات والتعليقات بالقوة النظامية العراقية، فيما تمّ وصف الوجود الأميركي بالاحتلال العدواني، وتوجّهت طلبات المرجعية الدينية العليا في النجف ومثلها دعوات الأحزاب والكتل النيابية نحو الحكومة لبلورة موقف رسمي يعبر عن هذا الإجماع الوطني والشعبي والديني، بينما سينظر المجلس النيابي في مسودة قانون يدعو لرحيل القوات الأميركية، وجاء بيان رسمي صدر عقب اجتماع مجلس الأمن الوطني برئاسة رئيس الحكومة عادل عبد المهدي أن العدوان الأميركي انتهاك للسيادة العراقية ويستدعي إعادة النظر بقواعد العمل المشترك مع قوات التحالف. ولم يتأخّر بيان الخارجية الأميركية المعبر عن خيبة الأمل من رد الفعل العراقي فتضمن موقفاً تصعيدياً ضد الحكومة العراقية، توقعت مصادر حكومية في بغداد أن يفتح الباب للبحث جدياً في طرح مستقبل وجود القوات الأميركية في العراق بعدما فقدت مبرّر بقائها وصارت عبئاً على الأمن ومصدر انتهاك للسيادة.
على مستوى قيادة الحشد الشعبي تجري الاستعدادات لتشييع شهداء العدوان الذي زادوا عن الثلاثين شهيداً، ودعت المرجعية العليا للصلاة عليهم كشهداء، وأكدت قيادات الحشد أن مناخ الإجماع الوطني بوجه العدوان ووراء الحشد هو تفويض ضمني للحشد للرد الحازم الذي يستحقه الشهداء، وأن هذا الرد سيأتي في توقيت مناسب وغير بعيد.
التصعيد الأميركي لم يقف عند حدود العراق فتناولت الخارجية الأميركية المناورات الروسية الصينية الإيرانية المشتركة في الخليج في بيان، كشف أن الرسالة التي أرادتها المناورات قد وصلت؛ وردّت مصادر إيرانية على البيان بالقول إن الانزعاج الأميركي هو المطلوب، وإن زمن التفرد الدولي بأمن الخليج انتهى مع الشراكة الإيرانية الروسية الصينية، وإن إيران كقوة إقليمية أولى معنية بأمن الخليج تملك حق اختيار الشركاء الدوليين الذين يتمتعون بالثقة للتعاون في ضمان مستقبل الملاحة في مياه الخليج.
لبنانياً، تتواصل على نار هادئة مساعي تشكيل الحكومة الجديدة، رغم التسريبات الكثيرة عن سرعة في التأليف، نفتها مصادر متابعة، وقالت إن إطار الحكومة الجديدة قد تم رسمه عملياً لجهة الحقائب وخريطة توزيعها، طائفياً وسياسياً، وإن الأسماء لا تزال في البدايات، لكن لا شيء نهائياً بينها، خصوصاً أن عدم توزير الوزراء السابقين لم يُحسَم رغم كونه لا يزال قيد النقاش، وختمت المصادر بأن رئيس الحكومة المكلف هو من يدير الدفة، لكنه يحرص على التشاور بكل مرحلة من مراحل التأليف مع رئيس الجمهورية، وفقاً للنص الدستوري، بينما يتلقى مقترحات القوى المساندة نيابياً ويناقشها ويستقبل أشخاصاً مرشحين من قبل هذه القوى أو من مستشاريه أو من سير ذاتية تصله، ويبني على هذه اللقاءات استنتاجاته تمهيداً لجوجلة نهائية يملك الوقت للقيام بها بهدوء، طالما أنه لم يستهلك من المهلة التي حدّدها لولادة حكومته إلا الربع فقط.
على صعيد أمني لافت في وقت أعلنت وزيرة الداخلية ريا الحسن اتخاذ إجراءات عالية الجهوزية لفترة الأعياد، قامت مجموعات من مناصري تيار المستقبل في قطع طرقات في بيروت أهمها في منطقتي طريق الجديدة وكورنيش المزرعة.
نهاية العام نيابياً ستكون اليوم في جلسة استثنائية للجنة الاتصالات النيابية لمناقشة قرار وزير الاتصالات في الحكومة المستقيلة محمد شقير التمديد بصورة مخالفة للقانون لشركتي تشغيل الخلوي. ويتوقع ان تشهد الجلسة مواقف ودعوات تواكبها مجموعات من الحراك الشعبي لفرض إلغاء التمديد.
وأشارت مصادر «البناء» الى أن «الحكومة لن تضم أي وجوه سياسية ولا وزراء في الحكومة المستقيلة، مع إصرار الرئيس المكلف على ان تكون تكنوقراط مئة في المئة وإشراك كوتا نسائية تصل الى 6 او 7 نساء. وبحسب مصادر الرئيس المكلف فإن الحكومة وصلت إلى مرحلة الاختيار النهائي للأسماء ورجحت مصادر مطلعة لـ»البناء» ولادة الحكومة قبيل عطلة نهاية الأسبوع الحالي، فيما رأت مصادر أخرى أن التأليف لا يزال متعثراً مع وجود عقد داخلية لم تذلل ومستجدات عسكرية وسياسية إقليمية لها انعكاسات سلبية على لبنان، ما قد يؤخر ولادة الحكومة لأسابيع. ويحاول فريق تيار المستقبل التشويش على عملية التأليف، بحسب مصادر التيار الوطني الحر وإظهار الرئيس المكلف بمظهر الضعيف وأن الوزير جبران باسيل يصادر صلاحياته الدستورية عبر تدخله في عملية التأليف، أكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ»او تي في» أنه لم يحصل أي تواصل لا سياسيًّا ولا جغرافيًّا بين دياب وباسيل لكون الأخير مقيم في اللقلوق.
ولفتت مصادر في 8 آذار لـ»البناء» الى أن «الحكومة وفور تأليفها ستحدث صدمة ايجابية خلال الأسابيع الاولى، حيث ستبدأ باتخاذ خطوات سريعة على المستويات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والأمنية لاحتواء الشارع والأسواق واستيعاب ما حصل منذ 17 تشرين حتى الآن»، وأكدت بأن لا صحة للمعلومات التي تتحدث في الكواليس والعلن بأن حزب الله دفع أثماناً سياسية وأمنية للاميركيين وحلفائهم في المنطقة لقاء تسهيل أميركي لولادة الحكومة اللبنانية، لافتة الى أن «الاميركيين هددوا حزب الله بالفوضى والانهيار والضغوط المالية واستخدام الحراك الشعبي ضده، لكنه أخرج جمهوره من الساحات وانكفأ الى الخطوط الخلفية وأجرى استعدادات سياسية وميدانية وشعبية غير معلنة لمواجهة أي مؤامرة أو مشروع فوضى جديدة، لكن الأميركيين فهموا الرسالة بأن التوغل اكثر في أخذ البلد الى الانهيار الكامل والفوضى سيؤدي الى دفع الحزب وحلفائه المحليين بتغطية من حلفائه الإقليميين والدوليين للتدخل وتغيير المعادلة الداخلية وتهديد المصالح الأميركية في لبنان والمنطقة».
الى ذلك وفور الإعلان عن قرب ولادة الحكومة، اندفع عدد من المحتجين التابعين لتيار المستقبل الى الشارع وقطعوا السير على كورنيش المزرعة باتجاه البربير بالحاويات والإطارات بالقرب من جامع عبد الناصر، احتجاجاً على تكليف دياب تشكيل الحكومة. إلا أن سفر رئس الحكومة سعد الحريري في زيارة عائلية كما أعلن مكتبه الاعلامي، تؤشر بحسب مراقبين الى ادراكه بأنه لن يستطيع ايقاف عجلة تأليف الحكومة في الشارع ولا العودة الى السرايا الحكومية، إلا أن عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل الدكتور مصطفى علوش نفى مسؤولية التيار والرئيس سعد الحريري عن ما يحصل في الشارع، ويؤكد لـ»البناء» بأن لا قرار من قيادة المستقبل والحريري بالنزول الى الشارع، ويكشف بأن تيار المستقبل ليس ضد الرئيس المكلف ولا معه، بل ينتظر تركيبة الحكومة وبرنامجها وبيانها الوزاري ليبني على الشيء مقتضاه في جلسة الثقة في المجلس النيابي، ويؤيد المستقبل بحسب علوش أن «تقوم الحكومة بإقرار قانون جديد للانتخابات على اساس المحافظات كما ينص الطائف، اما شكل القانون فنسبية كاملة أم لا، فهذا خاضع للنقاش بين المكوّنات اللبنانية ووفق المصلحة الوطنية، وايضاً إجراء انتخابات نيابية جديدة تحدد أحجام القوى السياسية والحراك المدني، اضافة الى تثبيت سعر الصرف وحل أزمة السيولة في المصارف وتهيئة الاوضاع لإجراء إصلاحات مالية واقتصادية جذرية تطال بنية النظام الاقتصادي والمالي ومكافحة الفساد».
وأكد وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل في حديث لـ»الميادين» أن «الرئيس الحريري لم يكن مقنعاً بالمبررات التي قدمها حين رفض التكليف، لكن في المحطة الاخيرة بعد استبعاد الاسماء المطروحة ونيته العودة، كان واضحاً ان لديه مشكلة مع الفريق الذي كان يعتبره حليفه وتحديداً القوات اللبنانية»، وجزم أنه في «الجلسات الرسمية مع دايفيد هيل لم يعبر عن رفض أميركي لحسان دياب ولم يكن هناك حماس أميركي وسعودي لعودة الرئيس الحريري إلى الحكومة»، مشيراً إلى أن «لا عقبات جدية امام تشكيلة دياب فهو اسم جدي وليس للحرق وأجرى اتصالات مع المعارضين ولديه هامش في الاختيار ونحن امام عملية جدية أكثر من اي وقت مضى».
ولفت إلى أنه “وصلنا مع الحريري الى ما يشبه ما نتحدث به اليوم مع دياب. منذ اليوم الاول لم نكن مع حكومة اختصاصيين، لكن هناك فرق بين اختصاصيين لا لون لهم وبين اختصاصيين مدعومين من القوى السياسية”. وأعلن أنه “انتهينا من نقاش ما يتصل بالحقائب ولن نختلف مع الرئيس دياب بما يتصل بالأسماء”، مشدداً على أننا “نعرف ان امام هذه الحكومة تحديات كبيرة، ولا يمكن فصل ما يجري هنا عما يجري في الإقليم”. ولفت الى أن “تشكيل الحكومة قبل نهاية الأسبوع إلا اذا حصل طارئ ما”.الى ذلك، تفاعلت قضية تهريب عدد من السياسيين مبالغ مالية طائلة بلغت مليارين ونصف مليار خلال فترة عشرة أيام الى سويسرا، كما تقول المعلومات، حيث طلب النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات من القضاء السويسري، وهيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان، ولجنة الرقابة على المصارف، مساعدة قضائية لإيداعه معلومات عن مدى إجراء تحويلات مصرفية مالية مشبوهة من لبنان إلى الخارج قام بها سياسيون في الآونة الأخيرة، علما أن التحويلات المالية غير المشبوهة لا يحظرها القانون بحسب خبراء ماليين واقتصاديين، لكن الخبير الاقتصادي مروان اسكندر الذي خضع للاستجواب امس امام القضاء، أكد ان التحقيق سيتركز ليس على تحويل الاموال الى الخارج، بل على كيفية الحصول عليها في لبنان وإذا كانت تدخل ضمن عمليات تبييض الأموال والفساد والهدر.