الأمين انطون غريّب بعضٌ من كثيرٍ يستحقّهُ
إعداد: لبيب ناصيف
عندَ رحيله في 27 آب 2013، نشرتُ عنه الكلمة التالية: الأمين انطون غريّب الذي خسره حزبه البارحة، ويُشيّع غداً إلى مثواه الأخير في الدامور، يُحكى عن تاريخه الحزبي النضالي، الكثير.
ولأنّهُ لم يدوّن مذكراته الغنية، فسنسعى عبرَ من رافقه من أُمناء ورفقاء في مسؤولياته الحزبية وفي الكثير من المراحل قبل وبعد الاجتياح الاسرائيلي عام 1982، وبدايات المقاومة اللبنانية، إلى حفظ ما أمكنَ من تاريخٍ نضالي طويل نذكره باعتزاز، وبحزن لعدم تَمَكُّنْ الأمين انطون من تدوينه.
لأننا عرفناه منذ خمسينات القرن الماضي، وعرفنا وقفاته الحزبية، نشعر في أعماقنا بحزنٍ كبير على رحيله، وننضم إلى عائلته وحزبه في ذرف دمعة وفاء فيها الكثير من التقدير.
يُشيّع الأمين انطون غريّب الساعة الثالثة من يوم غد الخميس 29 آب في كنيسة سيدة الورديّة– الحمرا، ويوارى الثرى في بلدته الدامور.
لقد سَطّرَ الامين انطون غريّب في تاريخ الحزب وَمضات كثيرة، لذا فهو، كأمثاله، باقون، وأن رحلوا بالجسد.
* * *
ولأني في واقعٍ مُستمر من الضغوط المُتراكمة المُتزايدة، بُتُّ عاجزاً عن تلبيةِ الكثيرِ من مُتطلبات العمل في سبيل تاريخ الحزب، مع ما يترتّب على ذلك من مراجعات واتصالات، أكتفي بهذا القدر عن أمينٍ كُنتُ عرفتهُ منذ أواخر الخمسينات، وأعلم كم تميّزَ بنضالهِ وتفانيهِ، مُتولّياً المسؤوليات العديدة ومستمرّاً على التزامه في كل الظروف، داعياً من عرفه في مسيرته النضالية الطويلة أن يكتب لنا عنهُ، فننشر ذلك لاحقاً.
* * *
النّعي الحزبي:
نعى رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان الى «الأُمة وعموم السوريين القوميين الاجتماعيين في الوطن وعبر الحدود، الأمين المناضل انطون فهد غريّب، الذي تولّى المسؤوليات الجسيمة في أدقّ التفاصيل وأصعب مراحل النضال القومي».
قالَ رئيس الحزب في نعيه: خلال مسيرته الحزبية التي امتدّت لأكثر من ستينَ عاماً، جسّدَ الأمين الراحل التزامه الحزبي الثابت وإيمانه بمبادئ النهضة السورية القومية الاجتماعية وقيَمها، وهو الذي انخرطَ في مسيرة النضال القومي، مُلبّياً نداء الواجب في الكثير من المحطات والاستحقاقات، ما أهلهُ لتبوَؤ المسؤوليات الحزبية المركزية، لا سيما على الصعيد الإعلامي، حيثُ لَعِبَ دوراً إعلامياً بارزاً في التصدّي للاجتياح الصهيوني للبنان في العام 1982، من خلالِ مشاركتهِ في إصدار النشرة التعبوية «التحرير» التي كانت تنقل أخبار المقاومين وتَحثُّ على مقاومة الاحتلال الصهيوني.
لقد كانَ الأمين الراحل مثالاً للقومي الإجتماعي المَناقبي المُلتزم، ومثالاً للقيادي المسؤول الذي يَتحمّل المسؤولية بتفانٍ وإخلاص، ويُتقن تنفيذ المهام المُناطة بهِ، وبأعلى درجات الحكمة والدراية والشجاعة.
إنَّ رحيل الأمين الجزيل الاحترام انطون غريّب في هذا الظرف العصيب الذي تّمرُّ به بلادنا، يُشكّلُ خسارةً كبيرة للحزب السوري القومي الاجتماعي ولحركة النضال القومي، وهو الذي سَخّرَ نضاله اليومي وقلمه في سبيل انتصارِ القضية التي آمنَ بها، القضية التي تساوي الوجود، قضية الحزب السوري القومي الاجتماعي.
* * *
إلى ذَلِكَ؛ قالت السفير في نعيها للأمين انطون غريّب أنّهُ:
حائز على بكالوريوس– ليسانس في الصحافة والإعلام، وقَدْ عَمِلَ في عدد من وسائل الإعلام، لا سيما في جريدة «الديار» وفي جريدة «الشرق» التي تولّى إدارة تحريرها لنسواتٍ طويلة، وكانت لهُ مقالة يومية.
* * *
النّعي العائلي:
الحزب السوري القومي الاجتماعي
زوجة الفقيد: ليزا جوزف الغريّب
أولاده: خليل، غسان وعائلته، انعام وعائلته.
وعموم عائلات: الغريّب، الغفري، ثابت، أبو مرعي، حرب، وأنسباؤهم في الوطن والمهجر ينعون إليكم بمزيدٍ من الحُزن والأسى فقيدهم الغالي المرحوم.
الصحافي الأمين انطوان فهد غريّب
المُنتقل إلى رحمتهِ تعالى مُتمّماً واجباته الدينية يوم الثلاثاء الواقع في 27 آب 2013، تُقام الصلاة لراحة نفسه يوم الخميس الواقع 29 آب 2013 عندَ الساعة الثالثة من بعد الظهر في كنيسة سيدة الوردية– الحمرا، ثُمَّ يُنقل الجثمان إلى كنيسة مارالياس– الدامور حيثُ تُقام صلاة البخور عن روحه الطاهرة ثُمَّ يوارى الثُرى في مدافن العائلة.
تقبل التعازي يوم الخميس قبل الدفن في صالون كنيسة سيدة الوردية الحمرا ويوم الجمعة 30 الجاري من الساعة الثالثة حتى السابعة مساءً في قاعة الشهيد خالد علوان قرب أوتيل البريستول.
* * *
قالوا عنهُ:
صاحب ورئيس تحرير جريدة «الشرق» عوني الكعكي:
رفيق الدرب أبو خليل:
فقدنا، أمس، الزميل المرحوم الإستاذ انطون غريّب رفيقُ دربي ورفيقُ عُمري الصحافي.
رحلَ صاحب الابتسامة الدائمة.
رحلَ رفيقي في المُهمات الصعبة.
رحلَ من كان يُرافقني في رحلاتي إلى دمشق في مرحلة الحرب.
منذُ بداية عمله في جريدة الشرق كانَ أبو خليل يصرُّ دائماً على الحضورِ حتى لو لساعة واحدة، مهما كانت الظروف، ومهما كانت الصعاب.
رحلَ الرجل الذي جاهدَ في هذهِ الحياة منذُ نعومةِ أظفارهِ، إلى أن أقعدهُ المرض.
كانَ انطون صاحب مبادئ وأخلاق وقيَم وعنفوان وعزّة نفس، وقلم هادئ رصين، ينتقد بمحبّة.. وكانَ مُتمسّكاً بقناعاتهِ ومبادئهِ، وينقطع عن الكتابة عندما يشعرُ بأنَّ الظروف غير مؤاتية للتعبيرِ عن رأيه.
انطون غريّب لا يُعوّض أخلاقياً ومهنياً، فهذهِ النوعية من الرجالات باتت نادرة كي لا نقول إنّها لَمْ تَعُدْ موجودة.
كلمة أخيرة: سنفتَقُدك يا أبا خليل كل يوم ولكن ماذا نفعل، هذه سنّةُ الحياة، فالموتُ حقٌّ ولكن الفُراقُ صعب.
* * *
الشاعر الأمين نعيم تلحوق:
انطون غريّب.. لم يحلم بكثير
على سنَة النوم، يرحلُ وجه صديق غالبه تعب الأيام والسنين العجاف، رحلَ انطون غريّب على صهيلِ غفوة سريرية كابدَ فيها غربة أحلامهِ الثقيلة.. كان يعترف بأنَّ العالم لن ينتصر على الفضاء، لكن عناده كانَ أقوى في شحنِ النفوس الضعيفة كي تعود إلى فرادةِ معناها، فنستقيل من جُبنها ونكوصِها وتخاذُلِها.. مُتحدّية عالم المجهول.
في آخرِ جلسة لي معهُ، اتفقنا على مقولة أنَّ الوطن أقوى من الحرية.. هكذا وببساطة اختصرنا أنا و»أبو خليل» رحلة الألف ميل من الصراع العربي– الإسرائيلي، وحديثاً الصراعات العربية «وبيعها» المجنون، وهو ما قرّرنا أن نتوجه بهِ إلى كُلّ من عائلتينا الصغيرة والكبيرة في آن.. أَوَليسَ ما يمرُّ بهِ عالِمُنا العربي اليوم يُصادقُ على هذا القول حقّاً وحقيقة؟
حينَ بدأَ أبو خليل تاريخهُ النضالي، لم يحلم بكثير.. كان يُدركُ أنَّ انطون سعادة هو رجلٌ واقعي ولكل المراحل، رُغمَ صلف الإدعاء بأننا خيرُ أُمة أُخرجت للناس.. كانَ يضحكُ حين تأتيهِ المقولات المعلّبة والشعارات اللامنطقية، ويكتفي بنكتة على هذا العالم العالم الذي نحنُ فيه، لكنّهُ بلحظة تخرجُ منهُ كلمات جدّية عنيدة مرصوصة بقول سعادة: «إنَّ فيكم قوّة لو فعلت لغيّرت وجه التاريخ!».
ابن بلدة الدامور التي استوى كل أبنائها على طابور أمام وزارة المهجّرين، لَمْ يشأ «أبو خليل» أن يقف في هذا الطابور بعدما أُطلقت شرارة حرب الجبل ودمّرت وهُجّرت بالكامل، ليَمُدَّ يَدَهُ لزبانية الحرب وأساطينها ومليشياتها من أجل «فِلّسُ الأُمة»، فتركَ حالهُ على نضالهِ كي يَقصُّ علينا رحلة غيابه.
«أبو خليل» أُحيي روحك، لأنّكَ كُنتَ أنتَ نفسِكَ، دونَ أن تكونَ سِواك.
* * *
عن اضبارته في عمدة الداخلية:
دوّن الامين انطون غريّب «اضبارة أمين» بتاريخ 10/01/1997، منها هذه المعلومات:
مواليد الدامور في 14 آب 1932
الاب: فهد غريّب
الام: ماري غريّب
الزوجة: ليزا الغريب
الاولاد: خليل، غسان، انعام
مكان وتاريخ الانتماء: مدرسة الرسل (جونيه) بتاريخ شباط 1949.
المسؤوليات الحزبية: عميد الاذاعة والاعلام، مدير عام مجلة «البناء»، مدير مديرية الدامور، مشاركة في قوات الحزب خلال احداث 1958، مسؤول مجلة «البناء» ثم «صباح الخير» عدة مرات، عميد الخارجية، رئيس المكتب السياسي، عميد الاذاعة لمرات عديدة، عميد العمل والشؤون الاجتماعية.
كلّفت من رئاسة الحزب في بداية احداث لبنان عام 1976 بإنشاء منظمة المسيحيين الديمقراطيين، ثم اتحاد المسيحيين المستقلين.
عيّنت قبيل اعلان الطوارىء الحكمية مديراً للدائرة الاعلامية،
تاريخ منح رتبة الامانة: 16/02/1996
شاركت في اعمال الحزب العسكرية عام 1958
لوحقت ابان الثورة الانقلابية في الستينات واستمريت فاراً لحين تسوية وضعي بعد مضي 3 اشهر وصرفت تأديبياً من وظيفتي كمدير اداري لمدرسة اختبارية في الدامور.
كنت بتصرف قيادة الحزب طوال احداث 1975 وحتى العام 1982 حيث كلّفت بعدة مهام اعلامية وتنظيمية خارج صفوف الحزب، ومثلّت الحزب في العديد من المؤتمرات، في الوطن وعبر الحدود.
عام 1982 شاركت في تنظيم فصائل مقاومة في بيروت والجنوب واطلقت شعارها ونشيدها واصدرنا نشرة دورية باسمها تحمل اسم «التحرير»
* * *
اوردتُ في ملحق لنشرة عمدة شؤون عبر الحدود بتاريخ 30/03/2012 وتحت العنوان التالي: «الحزب يكرّم الامين أنطون غريّب، ورئيسه الامين اسعد حردان يمنحه وسام الثبات»، ما يلي:
قلد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب الامين أسعد حردان، «وسام الثبات» للمناضل القومي والصحافي القدير أنطون غريّب، وذلك خلال حفل أقامه الحزب في قاعة الشهيد خالد علوان تكريماً لغريّب على عطاءاته ومسيرة نضاله خلال نصف قرن ونيّف من الزمن.
حضر الحفل إلى جانب الرئيس الامين حردان، رئيس المجلس الأعلى محمود عبد الخالق، نائب رئيس الحزب توفيق مهنا، عضو الكتلة القومية الاجتماعية الامين د. مروان فارس، وعدد من العمد وأعضاء المجلس الاعلى والمسؤولين المركزيين ومنفذ عام بيروت، وحشد من القوميين والاصدقاء.
كما حضر الحفل، رئيس الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم الامين مسعد حجل، رئيس حزب الاتحاد البيروتي النائب السابق عدنان عرقجي، عضو المجلس السياسي في حزب الله الدكتور علي ضاهر، عضو قيادة حركة الشعب طلال سنو، عضو قيادة رابطة الشغيلة حسين عطوي، عضو القيادة في الحزب العربي الديمقراطي مهدي مصطفى، عضو قيادة منطقة بيروت في المرابطون مصطفى الحسن، أمين سر الحركة الوطنية للتغيير الديمقراطي سايد فرنجية، رئيس رابطة خريجي الإعلام الدكتور عامر مشموشي، عضو مجلس رابطة المعلمين محمد السيد قاسم، ممثل نقيب الصحافة اللبنانية ابراهيم عبد الخوري، وعدد من الفاعليات والإعلاميين.
كلمة نقيب الصحافة
عرّفت الاحتفال الرفيقة سارة أبو ضرغم، ثم ألقى ابراهيم عبدو الخوري كلمة نقيب الصحافة الاستاذ محمد البعلبكي فقال: أحبّ الزميل الصديق أنطون غريّب الحرف حتى العشق، فتنشق حبر المطابع، وركض وراء الخبر، وسعى إلى السبق الصحافي.
فوق صفحات الزميلة «الشرق» كتب المقالات تلو المقالات، راسماً الصور الناطقة لمجريات الأحداث، وكان صادقاً في كلّ ما كتب، وما كتبه بالأمس البعيد يصح أن يكتبه اليوم.
كانت مقالات الزميل أنطون غريّب سيفاً مصلطاً فوق رقاب المتقاعِسين عن خدمة المواطنين… كلّ المواطنين. فلم يفرّق بين هذا وذاك. أليس هو من مدرسة، دينها وديدنها خدمة المواطنين. أليس هو من مدرسة ذات عقيدة صلبة أرسى قواعدها زعيم واسع الثقافة مشرئبّ نحو العطاء.
كان جريئاً في كل جملة دبّج. وكان مسؤولاً عن كلّ رأي عبّر. وبكلّ أمانة حمل من محرابه رسالة الصحافة الشريفة.
ومع مرور الزمن أثبت أنطون غريب أنه صاحب قماشة صحافية مميّزة. لقد أعطى كلّ وقته لصاحبة الجلالة. في سبيلها ناضل، كما ناضل في سبيل ما اعتنق من عقيدة.
كلمة أصدقاء أنطون غريّب
وألقى عضو المجلس الاعلى الامين يحي جابر كلمة باسم «أصدقاء أنطون غريّب» قال فيها: كم كنت أتمنى لو أنّ أنطون غريّب هو الذي يكرّمنا، لا أن نقف خطباء في تكريمه، ولا أغالي إذ أقول أنّ هذه المناسبة، هي من المناسبات النادرة جداً التي شغلتني وحرّكت فيّ الذاكرة إلى سبعينيات القرن الماضي،
في جريدة «الشرق»، ومع بداية الأحداث المؤلمة في العام 1975، كانت نقطة البداية في التعرّف على صاحب الكلمة والقلم والموقف، العمر لم يزده إلا تواضعاً لكثرة ما أثمر وأينع… ولم يزده إلا سعة صدر وعمق تجربة وشمول محبة للوطن، للناس، كلّ الناس، وللنهضة التي حملها في قلبه وعقله، فكانت ديدنه وصمام أمان علاقاته مع الناس، وهداية قلمه الذي لم يشط ولم يتواطأ على قضية الحق والخير والجمال، والمعرفة، ولم ينهزم أمام كلّ الضغوطات التي تعرّض لها.. ولا يزال.
هو، هو أنطون غريب، لا تستطيع أن تختزله بكلمة، ولا بسطور، ولا بكتاب، أبى أن يرتهن أو يباع ويشترى به وبقلمه وبقناعاته، أبى أن يسلم للزنادقة وما أكثرهم.
بقي أبو خليل.. بقي قلمه طاهراً لا يعرفه الدنس، وهو كلما حاول أن يستريح يشدّه الاشتياق فيعود.
يكفينا أننا في حضرتك نشعر بمتعة اللقاء والكلمة واللحن… اقبل علينا، اقترب منا اكثر، حدثنا عن الشمعة التي تذوب رويداً رويداً لتنير ما حولها، ولا تحدثنا عن أولئك الذين يطوقوننا بالفتنة وبالموت… فمن قال «ان الموت هو نهايتنا نحن أبناء النهضة..» أبناء الحياة.
كلمة عميد التربية
وألقى كلمة الحزب عميد التربية والشباب الامين صبحي ياغي، فقال: هو آذار شهر ولادة المعلم الذي أضاء ليل أمتنا الدامس، ولادة فارس الزمان الذي لجم جموح القدر وبنى المجد وقفات عز… حطم تخوم الوهم فأطلق حركة العقل في الأمة تصارع حركات الجهل والتخلف التي تجذرت في كلّ نواحي الحياة لقرون عديدة.
وقال الامين ياغي مخاطباً المكرّم: حزبنا يقف اليوم على المداميك التي بناها أمثالك من القوميين الثابتين بولائهم وعطائهم، وأمثال الشهداء الذين ضحوا بحياتهم لحياة سورية وعزها. مذكراً بأنه يوم اجتاح اليهود بيروت عام 1982 كانت لأنطون غريّب مع آخرين مساهمات كبيرة في عمل المقاومة، لا سيما في إصدار نشرة «التحرير» التي كانت تعنى بعمليات جبهة المقاومة الوطنية في ظلّ الاحتلال «الإسرائيلي»، إضافة إلى مشاركته في إنتاج عدد من الأناشيد المقاومة مع رفقاء آخرين.
واعتبر الامين ياغي أنّ ما نشهده اليوم من مشروع يحاول استفراد الدولة السورية يستوجب إطلاق الصوت عالياً من أجل أن يعي شعبنا وكلّ الحكام في الأمة أن أحداً لن يسلم من المشروع التقسيمي، في حين أنّ الشام لا تزال هي العقدة الأساس في مواجهة هذا المشروع، وهي تتعرّض منذ سنة لهجمة وعدوان وحرب وحصار لم يسبق أن تعرّضت له دولة في العالم.. لكنها صمدت، وهي مستمرّة بصمودها وثباتها، وذلك بوعي المواطنين وحكمة القيادة ووطنية القوى المسلحة.
أضاف: انّ الهجوم المركز على الشام يستهدف إسقاط عرين المقاومة والممانعة في الأمة، تمهيداً لتمرير نسخة جديدة من سايكس – بيكو، ولإنشاء دويلات طائفية ومذهبية، وها نحن نشهد التجربة في بعض الدول التي أصابها اليباس العربي، وكلّ ذلك من أجل إقامة الدولة اليهودية الغاصبة على أرض فلسطين المحتلة.
ولذلك نؤكد النداء الذي أطلقه رئيس الحزب بضرورة قيام مجلس تعاون مشرقي يشكل قوة تواجه هذه التحديات المفصلية المقبلة على بلادنا.
ودعا عميد التربية الحكومات في الكيانات السورية، وفي مقدّمتها الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ موقف حاسم ومن دون أيّ تردّد للحفاظ على الأمن القومي، لأنه أمن واحد لا يمكن فصله أو تجزئته، وللمراهنين على سقوط الشام نقول: ستخسرون رهانكم كما خسرتم في 2005 وتموز 2006 و 2008 فكفى مقامرة بمستقبل الناس والأجيال القادمة.
وختم ياغي كلمته معلناً باسم رئيس الحزب منح المكرّم أنطون غريّب وسام الثبات.
كلمة الامين غريّب
وختاماً ألقى الامين انطوان غريّب كلمة شكر فيها كلّ من فكر وساهم في هذا التكريم، وقال: عندما انتمينا إلى الحزب وهبناه كلّ ما نملك من عطاء وجهد، ولم نفكر يوماً أن نُمنح شكراً، ولا يعني هذا أننا لا نستسيغ حمداً أو شكراً.
وتوجّه غريّب بالشكر إلى نقيب الصحافة على ما قاله ممثله في كلمته، كما توجّه بالشكر إلى كلّ من تكرّم بالعطاء الجزيل، وكلّ من أراد التكريم، حضوراً او قولاً.
وختم: لكم منا جميعاً طيب التكريم وحسن العطاء، مختصراً كلامي بجملة وحيدة تنمّ عن الشكر والامتنان لكم جميعاً.
* * *
الامين انطوان غريّب أديباً
نشر الامين انطوان غريّب هذه المقطوعة الادبية بتاريخ 12 نيسان 1954 في جريدة «الزوابع» التي كان يصدرها الحزب اسبوعياً.
ثمن الجهل
« قالت الارض» :
« آية الجهل ان يحيط بك النور وتحيا في مهمه من ظلام «
«ادونيس»
قالت الارض آية الجهل ان تحمّل رأسك فوق ما يستوعب من العلم فتجهل.
وقالت الارض آية الجهل ان تحشو الهند في رأسك الصغير فينفلق.
وقالت آية الجهل ان تحاول الجمع بين العلم والاقطاعية والطائفية فيختل توازن رأسك.
وآية الجهل ان تعلم ما انت جاهل، او تجهل ما انت تعلم فتدوخ،
وآية الجهل ان تستخدم العلم من اجل تحقير العلم فترذل
وآية الجهل ان تدعي مواطنة الارض وانت ما وراء حدود بلدتك نكرة.
وآية الجهل ان تتشبه بالثور وانت ضفدع.
وآية آيات الجهل ان تكون جاهلاً تجهل انك جاهل.
* * *
قالت الارض:
قليل ان يدفع المرء ثمن جهله خمسة غروش فقط .
* * *
الحزب في بلدة الدامور
شهدت بلدة الدامور ومثلها العديد من بلدات وقرى الشوف، حضوراً جيداً للحزب، لعل اولهم الرفيق الفرد الغريب، وبرز منهم الرفيق الصحافي الاقتصادي انطون خليل غريب(2)، والصحافي، عميد الاذاعة الامين انطوان فهد غريب، وتميّز رفقاء من آل ابو مرعي بحضورهم الحزبي الناشط في معظم سنوات الحرب اللبنانية، عرفتُ منهم الرفيق انطون الذي تولى اكثر من مرة مسؤولية مدير مديرية الناعمة المستقلة(3) ثم غادر الى مدينة «بيرث» في استراليا حيث ما زال مقيماً، وشقيقه الرفيق نزيه، الذي بدوره تولى مسؤولية المدير، واذكره طالباً جامعياً قبل ان يغادر الى جزيرة «المارتنيك»، وربما توجه بعد ذلك الى فرنسا، وعرفتُ ايضاً اشقاءه الرفيقين جابر وجمال، والمواطن كمال.
كان الرفقاء ابو مرعي قد اضطروا لمغادرة منازلهم واراضيهم الزراعية في «الدامور» والانتقال الى بلدة الناعمة. منها، كما كان يقول لي الرفيق المناضل انطون، كانوا ينظرون باسى الى اراضيهم يستغلها غرباء عن البلدة.
وعرفتُ من رفقاء الدامور فاضل خوري في فترة دراسته الجامعية في كلية التربية – الجامعة اللبنانية الى جانب الامين د. مروان فارس والامينة المميّزة منى فارس. عرفته بعد ذلك استاذاً ثانوياً الى ان وقعت الحرب فلم اعد اعرف عنه شيئا.
* * *
من جهة اخرى كان الدكتور ميشال الغريب، الاستاذ الجامعي ومؤسس «الحزب العلماني الديمقراطي»، وقد تقدم بطلب انتماء الى الحزب، سألت رئيس المجلس الاعلى الراحل الامين محمود عبد الخالق اذا كان د. ميشال (وكان اعتنق الدين الاسلامي المحمدي وبات يُعرف ب «محمد ميشال الغريب»)، قد ادى القسم بعد ان كان تقدم بطلب الانتماء، فأكد لي ان د. محمد ميشال الغريب لم يؤد قسم الانتماء، انما بقي صديقاً للحزب.
* * *
هوامش:
1 – انطوان خليل الغريب : للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info
2 – مديرية الناعمة المستقلة: كان رفقاء وبعض من اهالي الدامور انتقلوا للاقامة في بلدة الناعمة بعد ان اضطروا لمغادرة بلدتهم، فنشأت مديرية مستقلة تولاها الرفيق انطون ابو مرعي لسنوات طوال الى ان غادر الى استراليا