أولى

أميركا تحرق الأرض.. 
قبل الرحيل

 د.جمال زهران _

هكذا تلعب أميركا في عهد ترامب الرقصة الأخيرة، قبل الوداع غير المأسوف عليه. لكن هذه الرقصة تمارس أعمال الفجور والبلطجة والعربدة نتيجة حالة السكر والضياع التي تعيشها هذه الدولة اللقيطة والمدعوّة بأميركا، وفي ظل رئيسها ترامب.. ذلك البلطجي ورئيس عصابات الدم ومصاصي الدماء، ذلك الإرهابي الأول في العالم. فأميركا هي بلد العصابات والإرهاب، وصانعته وداعمته ومموّلته، وبالإرهاب تدير سياساتها في العالم من المحيط إلى المحيط، بذلكالكاوبويالقذر ذو الرائحة العفنة والنتنة من جراء عمله الاجرامي. فمنذ أيام عدّة فجر الجمعة

3 –  يناير  2020م.، قام بلطجية وصبيان ترامب الإرهابيين، باستهداف موكب سليماني وأبو مهدي المهندس، و(6) من رفاقهم، بعد خروجهم من مطار بغداد، فاستشهدوا على يد هؤلاء الإرهابيين!!

وقد راح هؤلاء ضحية البلطجة والإرهاب، وهم على أرض عراقية، وفي حالة مدنية، وليست حالة حرب، وهم قيادات، وليسوا جنوداً في الميدان، ومن ثم فإنها تتوافر فيهم حالة القتل العمدي وجريمة القتل مع الترصد. يستحق ترامب وصبيانه الذين نفذوا أمره بالقتل والاغتيال، المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية. ولكن نحن في زمن القوة !! فمن يستطيع أن يمسك بهذا الإرهابي ويخضعه لمحكمة دولية جنائية؟! لذلك فإنه في زمن القوة، فإن العين بالعين.. والسن بالسن والبادئ أظلم. فمن بادر باستخدام القوة فإنه لا بدّ من مواجهته بالقوة وعلى المستوى نفسه، وإلا فإن المجرم سيستمر في ممارسة فجوره وجبروته.

ومن خلال متابعة ردود الفعل على المستويات كافة، فإن هناك رفضاً عاماً لهذه الجريمة، وهناك حالة فرح في أميركا وافتخار لترامب الذي اعترف بجريمته، وشعوره بالسعادة بأنه أصدر القرار وصدّق عليه لتنفيذ العملية.

كما أن عملاء أميركا في المنطقة داخل دول الخليج وغيرها في العالم رحبوا بهذه العملية واعتبروها سبيلاً للتخلص من أهم صقور إيران في المنطقة، وهو اللواء قاسم السليمان ) قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني).

وقد تناسى هؤلاء الفرحون، أن مصيرهم قد يكون مثل مصير سليماني ورفاقه ولو بطرق أخرى، مثل طريقة منشار سلمان أو وضع السم في فناجين القهوة، وهو أمر شائع. فالقتل يمكن أن يصيبهم في أي وقت.

ولا شك في أن هذا الفعل الإجرامي الذي قام به ترامب المتغطرس والهمجي والبلطجي، ضد سليماني ورفاقه، وعلى الأرض العراقية، من شأنه أن يقوّي محور المقاومة وأن يسهم في تصاعد المقاومة في العراق، لتصبح حالة شعبية جماعية، يكون مطلبها إخراج القوات الأميركية نهائياً من العراق، وإنهاء الوجود الأميركي بقواعده العسكرية، وتضطر أميركا تحت ضغط المقاومة الشعبية العراقية إلى الخروج المذل، الذي تعودت عليه في مناطق أخرى منها إيران الثورة في 1979 م، واحتجاز رهائن السفارة الأميركية. ومن ذلك الخروج المذلّ من فيتنام بعد 6 سنوات مقاومة شعبية خسرت فيها أميركا 60 ألف قتيل أميركي مجرم.

واضطرت للانسحاب الاضطراري من سورية لتتمركز في شمال العراق في حضن الأكراد الانفصاليين المدعومين أميركياً وصهيونياً.

ولذلك فإن أهم النتائج لهذا الفعل الإجرامي لترامب، هو الخروج المذل من أرض المقاومة في العراق وفي سورية، وفي منطقة الشام كلها.

أما عن رد فعل إيران ازاء هذا الفعل الإجرامي، فقد يمكن تلمّسه في الإسراع بعقد جلسة الأمن القومي الإيراني، وصدور بيان رسمي، يتضمن التحدي ازاء هذا الفعل وأن الدم الأميركي أصبح مباحاً في كل مكان.

ولعل تصريحات قائد الثورة الإيرانية علي خامئني، والرئيس الإيراني روحاني، وقائد فيلق القدس الجديد، تؤكد على الثأر القريب مما حدث في كل مكان. ومن ثم فليس متوقعاً أن يمرّ هذا الحدث الإجرامي دون رد فعل موازٍ من جانب إيران والقوى المقاومة في المنطقة.

–  ولذلك فإن توقعاتي تشير إلي ضربة نوعية قد تقوم بها فصائل المقاومة في غزة المدعومة من إيران. وهو الأمر الذي دعا وفداً صهيونياً عالي المستوى بزيارة عاجلة للقاهرة لمقابلة مدير المخابرات المصرية عباس كامل للتفاهم بشأن ممارسة ضغوط مصرية على فصائل المقاومة في غزة، للحيولة دون القيام بفعل نوعي انتقامي جراء ما حدث باغتيال سليماني والمهندس ورفاقهما.

كما أن توقعاتي تشير إلى ضربة انتقامية ضد أميركا على الأرض السعودية بفعل مباشر من إيران، أو من المقاومة اليمنية، على غرار ما حدث في أرامكو. وهو الأمر الذي لا تزال له أصداؤه حتى الآن.

كما تشير التوقعات إلى ضربة قد توجه إلى الإمارات في داخل دبي، بهدف تدمير السياحة والاقتصاد في الإمارات، الحليفة لأميركا واللاعب مع السعودية في خدمة الاستراتيجية الأميركية.

لكن الثابت أن الأكثر توقعاً على الأرض تصاعد المقاومة الشعبية وتواصلها في العراق حتى إجبار الأميركيين على الخروج المذلّ خلال فترة وجيزة، وقد تطال المقاومة القواعد العسكرية الأميركية بأفعال استشهادية.

وختاماً: فإن أميركا رقصت رقصة الوداع قبل الانسحاب النهائي والخروج غير المأسوف عليه، من جراء أفعال الطائش المتغطرس ترامب وأركان حكمه الذي قد يكونون هدفاً للمقاومة، ورد الفعل الإيراني.

عاشت المقاومة العربية، وعاش محور المقاومة الذي ازداد قوة وصلابة وفي ازدياد مستمر، رغم شدة العواصف.

* أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، والأمين العام المساعد للتجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة، ورئيس الجمعية العربية للعلوم السياسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى