اغتيال سليماني في الصحف الأجنبية.. تعزيز للدور الإيراني في المنطقة.. ورايس تعتبر أنّ ترامب يواجه أخطر قرار يخصّ الأمن القومي
لا تزال الصحف الأجنبية والأميركية منشغلة حتى الآن بتحليل تداعيات اغتيال الفريق الشهيد قاسم سليماني والقائد الشهيد أبو مهدي المهندس، بين المخاوف من رد إيراني مرتقب وانتقاد للقرار الأميركي المتهوّر.
أندبندنت
صحيفة «اندبندنت» البريطانية، نشرت مقالاً لدبلوماسية في الأمم المتحدة باسم مستعار، تتحدّث فيه عن أنّ استشهاد سليماني والطريقة التي قُتل بها «ليس سبباً للاحتفال، وفي داخل الأمم المتحدة هناك شعور عام بالصدمة»، والسبب برأيها أنّ «الرد المعتاد بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل غالباً ما يقتصر على ضربات صغيرة وخطابات قوية، لكن لم نتوقع اغتيال سليماني خصوصاً الآن».
وأشارت الصحيفة إلى أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب «يعزل الولايات المتحدة وليس بالطريقة التي أرادها، فها هو يدخل حرباً جديدة بالرغم من تعهّده وقف الحروب التي لا تنتهي».
وتضيف الدبلوماسية أن «لا شك أن القادة العسكريين قد قدموا لترامب عدداً من الخيارات المختلفة، من بينها توجيه ضربة قوية إلى سليماني، ولكن لسبب غير معروف وبعد التزام ضبط النفس على مدى أشهر، قرّر الرئيس الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته أن يذهب إلى أبعد الحدود».
وما يثير الدهشة برأي الدبلوماسية في الأمم المتحدة، هو «نأي ترامب بنفسه عن حلفاء واشنطن، ففي الحالات العادية كان سيتمّ إعطاء الحلفاء إشعاراً وكانت ستصدر الولايات المتحدة بياناً جاهزاً على الفور. حقيقة أنه لم يكن لديهم سوى تغريدة تضمنت صورة العلم الأميركي هي دليل دامغ على طبيعة الدائرة المحيطة بالرئيس».
وتساءلت الدبلوماسية: «إيران ليست كوريا الشمالية – فقط انظروا إلى مئات الآلاف من المتظاهرين في الشوارع للتأكد من ذلك. هل تفهم الولايات المتحدة هذا؟»، مبرزةً أنّ ترامب في النهاية «يحشر نفسه في الزاوية».
فورين بوليسي
رأت مجلة «فورين بوليسي» في مقال لها اليوم، أنّ أحد تبريرات اغتيال سليماني أنه «كان شخصاً خطيراً على نحو فريد وغير معتاد»، مشيرةً إلى عدد من التعليقات عن شخصية سليماني من قبل باحثين ومسؤولين أميركيين.
المجلة تقول إن مارك دوبوفيتز المعروف بمواقفه المتشددة تجاه إيران تحدث عن أن سليماني «كان يعادل رئيس هيئة الأركان المشتركة ومدير الـسي آي إي»، ووصف مقتله بأنه «مدمّر لحرس الثورة والنظام الإيراني».
بدوره أشار المسؤول السابق في إدارة أوباما اندرو اكزم أن سليماني «كان بمثابة ديفيد بترايوس وستان ماكريستل وبريت ماكغورك مجتمعين».
وتنطلق المجلة من هذه التوصيفات لتقول إن «دور سليماني الرئيسي وتأكيد الحكومة الإيرانية على إنجازاته يجعلان من السهل المبالغة في عدم قابلية أن يحلّ أحد مكانه»، مبرزةً أنّه «صحيح أن خليفته الجنرال إسماعيل قاآني سوف يجلب مهارات مختلفة لهذا المنصب، لكنه سيرث شبكات ومؤسسات قائمة لم تعتمد على رجل واحد لبنائها».
نيويورك تايمز
تنقل صحيفة «نيويوك تايمز» الأميركية في تقرير لها عن مصادر إيرانية تصفها بالمطلعة، أن المرشد الايراني أبلغ المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أنه «يريد رداً واضحاً ومباشراً يستهدف المصالح الأميركية وتنفذه القوات الإيرانية بشكل واضح وليس عبر حلفائها في المنطقة».
وتقول الصحيفة في وصف مشهد التشييع المليوني إنه «بعد أسابيع من الاحتجاجات العنيفة سار منتقدو وداعمو الحكومة جنباً الى جنب يوحّدهم الغضب، محطات القطار اكتظت بالمشيّعين منذ ما قبل ساعات الفجر من بينهم الأطفال الذين حملوا صور الجنرال سليماني».
فاينانشيل تايمز
تقول صحيفة «فاينانشيل تايمز» في تحليل لها، إنه عندما أمر دونالد ترامب بالضربة الجوية التي قتلت سليماني «قام بأكبر مجازفاته في الوقت الذي يكثف فيه الضغط على إيران ويسعى لمواجهة نفوذها».
وأوضحت الصحيفة أنّه «لسنوات نظرت واشنطن إلى سليماني على أنه عدوها اللدود، الذي تتهمه بتطوير شبكة من الوكلاء عبر الشرق الأوسط ومهاجمة أهداف أميركية وزعزعة استقرار المنطقة»، مضيفة: «لكن بدلاً من إضعاف نفوذ طهران ووكلائها في العراق فإن قرار الرئيس الأميركي باغتيال سليماني أثناء مغادرته مطار بغداد يهدد بتقوية هذا النفوذ».
وتنقل الصحيفة عن مسؤول عراقي أن «ترامب سرّع عمل سليماني في العراق»، مؤكداً أنّهم «لقد خلقوا حالة من الفوضى لأنهم لم يستطيعوا فهم العراق».
واشنطن بوست
اعتبرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية في تقرير لها الثلاثاء، أنّه باغتيال سليماني «يواجه ترامب مجموعة من المعضلات الاستراتيجية من العراق الذي وجه برلمانه ضربة للمصالح الأميركية إلى الاتفاق النووي».
وأكدت الصحيفة أنّ جهاز الأمن القومي المحيط بالبيت الأبيض «قد ضعف بسبب الاستقالات والوظائف الشاغرة، فيما باتت في الواجهة زمرة من الصقور الذين يحرصون على مواجهة أكثر تشدداً مع طهران».
كما تشير الصحيفة إلى أن الأولوية لدى ترامب هي «حملته الانتخابية وربما في هذا الإطار جاء الاغتيال لقناعة لديه أن قاعدته القومية تحب ذلك».
رايس
نبّهت مستشارة الأمن القومي الأسبق، سوزان رايس، الشعب الأميركي من الإعداد لحرب مع إيران، في وقت «أصبحت احتمالات اندلاعها أعلى مما شهدناه منذ عقود بعيدة».
ولفتت رايس في مقال نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، إلى أن «قرار الرئيس ترامب باغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس هو قرار غير نبيه استراتيجياً رغم تبريره بأنه أتى في سياق الدفاع عن النفس، وساهم بوضع البلدين على سكة تصعيد خطيرة من شأنها التسبب في رقعة حرب واسعة».
كما أوضحت أنه «من غير المرجّح أن تكون الإدارة الأميركية بذلت جهوداً لمناقشة الأمر داخل الأطر القيادية أو اتخذت التدابير الضرورية لحماية القوات العسكرية والبعثات الديبلوماسية الأميركية». وعليه، «أضحى المواطنون الأميركيون والقوات العسكرية والتبادلات التجارية في عموم الشرق الأوسط، ضمن دائرة مرمى الصواريخ الإيرانية والخلايا الإرهابية، امتداداً من أفغانستان وأوروبا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، بل وداخل الأراضي الأميركية التي قد تنشط فيها خلايا إرهابية نائمة».
بالتوازي، انتقدت المستشارة قرار الرئيس ترامب بالانسحاب من الإتفاق النووي «وتجاهله نصائح فريقه في الأمن القومي وعدد من الحلفاء، على الرغم من التزام إيران التام بها، الأمر الذي أسس لانطلاق مرحلة التصعيد الراهنة، في ظل عدم تحقيق إدارته أي من أهدافها».
وأردفت أن «سياسة الإدارة الراهنة بممارسة أقسى الضغوط الاقتصادية على إيران، لم ترغم طهران على الاستسلام بل على العكس حفزتها على القيام بجملة تحركات عسكرية ضد أهداف غربية وعربية، وعززت نشاطاتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة».
كما خلصت رايس بالقول إنه «في ظل تعاظم احتمالات الأعمال الانتقامية الإيرانية، يصبح من العسير على الولايات المتحدة اتخاذ تدابير لخفض حدة التوتر وتفادي اندلاع صراع شامل». وأكدت أن «الخطوة المقبلة هي بيد إيران أمام فشل الولايات المتحدة في ردعها للحظة حتى في ظل نشر 14 ألف جندي إضافي في منطقة الخليج».
وتابعت، «حينئذ سيواجه الرئيس ترامب أخطر قرار يخصّ الأمن القومي خلال ولايته الرئاسية، فمزيد من القوة تنطوي عليها مخاطر انزلاق الصراع وتدحرجه نحو مواجهة عسكرية شاملة، أما في حال إخفاقه فإنه يحفز إيران على الاعتداء».