كن واقعياً يا بني
} جهاد الحنفي
كن واقعياً يا بنيَّ
خيولُ هذا الشرقِ نائمةٌ
ولن تصحو قريباً يا بنيْ
لا ذنبَ لي
وأنا أزفُّ إليكَ
مذ حملتْ خطاكَ الأرضُ
فجراً مرتقبْ
يبدو بأن الليلَ
أطولُ من توقُّعنا
فإخوتُكَ العربْ
لم يفعلوا شيئاً
لمحوِ الليلِ
لا
لا ذنبَ لي
فأنا وريثُ أبٍ
تعملقَ في تفاؤلِه
وما أمْليتُه دوماً عليكَ من الرُّؤى
أملاهُ قبلُ أبي عَلَيْ
كن واقعياً يا بنيْ
حدِّق بعينِ الشمسِ لكن
لا تحلِّقْ
حلِّقْ وأنت تسيرُ فوق الأرضِ
لكن لا تصدقْ
كنا نغني
« صار عندي بندقية»
واليومَ بِعناها
وأفلستِ القضية
كنا…
«بلادُ العرْبِ أوطاني
وكلُّ العرْبِ إخواني»
ولم يتبقَّ من كلِّ الأغاني
غيرُ غصَّةِ حبرِنا
فوق الهوية
في شرقِنا
وجعٌ يغطي ألفَ كونٍ يا بنيْ
القدسُ أرملةُ الكرامةِ
والبنادقُ في سباتْ
والشامُ يخنقُها
دخانُ الزاحفينَ من الظلامِ
وصار بوحُ الياسمينِ بها
حديثَ للذكريات
وهناك… في بغدادَ
يجتمعُ التتارُ
لذبحِ نخلتِنا الجميلةِ
فانتظرْ يا نهرَ دجلةَ
آخرَ النخلاتِ
في هذي الحياة
والباقياتُ من البلادِ
الخائفاتُ
الباكياتُ
الجائعاتُ
الحافياتْ
والباقياتُ الأخرياتُ
على فراشِ ولاةِ أمرِ الخلقِ
لا أعني
الزنادقةَ الطغاةْ…
أنا يا بنيَّ
كفرت بمن يقول الفجرُ آتْ
إسمع بنيْ
إذهبْ اليه وقلْ له
علَّمتَنا يا فجرَنا الحلوَ الكسلْ
أدميتَنا بسهامِ ما يُدعى الأملْ
لا تقتربْ
دعني أطرُ بخفقِ أشواقي إليكَ…
أستلُّ سيفَ الضوءِ
من عينيكَ…
أسطو على الأحلامِ
في شفتيكَ…
أحتلُ كلَّ مدائنِ الآفاقِ
في كفَّيكَ…
الفجر أحلى
حين تخلقُه يداكَ
ليصبحَ بعضَ معناكَ البهيْ
كن واقعياً يا بنيْ
إمسحْ جبينَك
من غبارِ الفلسفاتِ: قديمِها وحديثِها
وانظر لكأسِك مثلما يبدو
ولا تستعذبِ التأويلَ
كن يا أنت
فلسفةً لذاتِك
كن مراياكَ الجريئةَ
كن على ثقةٍ
بأن الأنبياءَ جميعَهم ذهبوا
ولم يتبقَّ إلا أنتَ
فاصنعْ من عظامِك
سلَّماً للمستحيلِ
هناكَ
أمسكْه وقلْ
المعجزاتْ أنا
ولستُ أنا النبيْ
كن واقعياً يا بنيْ