أدنوك تجمع 19 مليار دولار دون ضجة
على مدار الأعوام الثلاثة الفائتة، وسعت شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) نطاق نشاطها في النفط والغاز ؛ وبينما كان الحديث يدور حول أرامكو السعودية والإثارة التي توّجت مسعاها التاريخي لاجتذاب استثمارات دولية، فإن شركة أدنوك، نظيرتها النفطية في منطقة الخليج، استقطبت استثماراً خارجياً وحققت جهودها نتائج واعدة مقارنة بأرامكو فجمعت بهدوء أكثر من 19 مليار دولار بطرق عدة. ويعادل ذلك ثلثي المبلغ الذي جمعته أرامكو السعودية والبالغ 29.4 مليار دولار في أكبر طرح عام أولي في التاريخ.
أبرمت أدنوك، التي تورد ما يقرب من ثلاثة في المئة من الطلب العالمي على النفط، صفقات مع بلاك روك أكبر شركة في العالم لإدارة الاستثمارات ومع شركة كيه.كيه.آر الاستثمارية الأميركية فيما يمثل خطوة نادرة للاستثمار في شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط. كما باعت أدنوك حصصاً في بنيتها التحتية من خطوط الأنابيب وأنشطة التكرير. ووقًعت أدنوك سلسلة من الاتفاقات في أجل أربعين عاماً مع شركات عالمية للطاقة من أجل حقوق امتياز.
وعلى النقيض من سعي أرامكو لإدراج عملاق في سوق الأسهم في خطوة حظيت بدعاية واسعة واهتمام كبير، اتجهت أدنوك إلى نهج أكثر تدرجاً في سعيها لجذب الأموال ولم يُمعن خبراء الصناعة النظر في تفاصيل نشاط أي من الشركتين.
وقال ديمتري مارينشينكو المحلل لدى مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني إنه في حين تهدف الشركتان للاقتداء بنموذج شركات النفط الكبرى من خلال التوسع في أنشطة المصب والتجارة والبتروكيماويات فإن استراتيجيات التمويل لدى كل منهما مختلفة.
وأضاف قائلاً »أرامكو تجمع الأموال في الأساس من خلال الاقتراض التقليدي بينما تستخدم أدنوك أشكالاً أكثر تعقيداً من التمويل بما في ذلك بيع حصص أقلية في شركات تابعة لها. وأدنوك أكثر انفتاحاً على التعاون مع الشركاء الدوليين».
ولم يتضح بعد أي النهجين في استقطاب الاستثمارات سيحقق نجاحاً أكبر في السنوات المقبلة. غير أن قدرة الشركتين على المحك في ما يتعلق بالنجاح في تنويع الموارد دون الاعتماد على إنتاج النفط الخام وبصورة أشمل للاقتصاد المحلي المعتمد عليهما في تجاوز صدمات أسعار النفط.
ولا شك في أن الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي قاد حملة الإصلاح. وترجع هذه الإصلاحات إلى عام 2016 عندما انخفضت أسعار النفط إلى 30 دولاراً للبرميل مما قلّص إيرادات الدولة وكشف عن مدى حساسية موازنة أبوظبي لتقلبات الأسعار.
ناهيك عن ان سلطان الجابر الرئيس التنفيذي لأدنوك شرع في تنفيذ خطط لتغيير قيادات أدنوك واستغنى عن 5000 موظف أغلبهم من الأجانب من بين العاملين في الشركة وعددهم 60 ألفاً.
غير أن تغيير مسار مؤسسة تعدّ من أكثر المؤسسات تحفظاً في المنطقة ليس بالمهمة السهلة. إذ يعتمد إنتاج أدنوك على امتيازات ترجع إلى عشرات السنين لدى شركات نفط غربية كبرى بعضها يعمل في الإمارات منذ 1930 كما أن من النادر إبرام صفقات جديدة أو جلب استثمارات أجنبية.
وأقامت أدنوك شراكات جديدة مع شركات أوروبية وآسيوية للطاقة مثل إيني الإيطالية وسي.إن.بي.سي الصينية لزيادة أعمالها في مجالات النفط والغاز والتجارة وكانت أول شركة أجنبية تبرم اتفاقاً لتخزين النفط ضمن الاحتياطيات الاستراتيجية في الهند.
وفي السعي للاقتداء بشركات النفط الكبرى اجتذب الجابر موظفين من شركات توتال ورويال داتش شل وبي.بي لإطلاق عمليات تجارية جديدة. كما قاد تغيير الأسلوب الذي تخطط به أدنوك لتغيير الطريقة التي تحسب بها أسعار نفطها بتأسيس سعر قياس جديد للخام.