طريق العبور إلى الدولة: التنسيق مع سورية معبر إلزامي لمكافحة الإرهاب
بتول عبدالله
يواصل الإرهاب ضرب لبنان وابتزازه عبر قتل العسكريين اللبنانيين المختطفين لديه، الواحد تلو الآخر. يقابله عجز في النظام السياسي اللبناني عن اتخاذ قرار حاسم في مواجهته، إلا في حدود الدفاع عن النفس مؤشران اثنان يَحولان دون إقدام الدولة اللبنانية على ضرب معاقل الإرهابيين بيد من حديد، وحسم المعركة معهم. أولا: التمنّع السعودي – الفرنسي عن تزويد لبنان بالسلاح، ورفض الحكومة اللبنانية الهبة الإيرانية التي تتميّز بكونها «عملية»، ولا تخضع لشروط وأثمان سياسية. ما يطرح سؤالاً مشروعاً حول جدية وجود قرار فعلي بتسليح الجيش. سؤال لا يرتبط بالهبة الإيرانية حصراً، وإنما أيضاً بالهبة السعودية وملياراتها الأربعة التي لم يرَ الجيش منها طلقة رصاص واحدة حتى الآن. ثانياً: عجز حكومة الرئيس تمام سلام عن إصدار قرار تكون فيه الدولة بموقع المهاجم وليس بموقع المدافع، فضلاً عن موقع الذي يقوم بتعداد شهدائه فقط. وذلك بسبب ارتباط «الحريرية السياسية» بأجندات تابعة لدول البترو- دولار والنفوذ السياسي الأميركي.
ورغم كلّ التحديات التي يتعرّض لها الجيش اللبناني، من كمائن وعمليات خطف وقتل وابتزاز وتعذيب، لم تقم الحكومة اللبنانية سوى بعقد اجتماعات استثنائية لخلية الأزمة الوزارية، تصدر عنها بيانات لا جدوى منها.
من شأن هذين المؤشرين تعطيل القرار السياسي اللبناني، ودفع البلاد نحو المجهول. فللإرهاب خلاياه النائمة في عدد من المناطق اللبنانية من الشمال الى الشرق، وتحديداً في مخيمات النازحين السوريين وبعض المخيمات الفلسطينية.
من جهة أخرى، التحريض المذهبي لا يزال يتحرك بمنسوب عال، ما يهدّد السلم الاهلي الهش أصلاً. فبعض السياسيين والمسؤولين يقومون بصبّ الزيت على النار في الشارع الللبناني المحتقن. فيما البعض الآخر يشكك في دور الجيش ويحجّم قدراته على مكافحة الإرهاب، ما يشكل بحدّ ذاته استباحة لدماء أبناء المؤسسة العسكرية الوطنية أنفسهم.
وبين هذا وذاك، نقف أمام نظام سياسي يقترب أكثر من أيّ وقت مضى إلى التفكك والانقسام بين مناطق تؤيّد الإرهاب وإنْ قولاً أو قلباً، وأخرى تقاومه.
من هنا يُعاد طرح السؤال مجدّداً: هل يكون التنسيق مع سورية هو الحلّ الذي لا بدّ منه قبل انفجار لبنان الذي يقف على برميل بارود؟
لا يختلف اثنان بأنّ الإرهاب واحد في سورية ولبنان. وأنّ التحالف بين البلدين هو الحلّ الأنجح والأنجع. الأمر الذي من شأنه أن يستدعي من الحكومة اللبنانية وضع خطة واضحة والبدء بالاتصال المباشر مع الحكومة السورية لمعالجة قضايا أمنية مشتركة فيها مصلحة للبلدين.
والبداية تكون من القلمون، المنطقة الحدودية بين لبنان وسورية، حيث على الجيش العربي السوري والجيش اللبناني التعاون في ما بينهما للقضاء على الإرهاب الممتدّ منها الى عرسال إلى الضنية والمنية، واستتباعاً كامل الأراضي اللبنانية.
الشواهد على التنسيق بين دول متنازعة ومتخاصمة، عديدة. حتى بين تلك التي لا تربطها علاقات ديبلوماسية. فكيف بسورية التي تشكل العمق الحيوي للبنان، ومجاله الخارجي البري الوحيد؟ ما يؤكد على حاجة لبنان إلى تنسيق فوري، هو في الواقع أكثر إلحاحاً من حاجة سورية إليه كرة النار التكفيرية تتدحرج في كافة الاتجاهات. ولبنان ليس بمنأى عنها، بل ربما يكون الأكثر تضرّرا من جميع جيران سورية ممن لم تصل إليهم تداعيات الحرب بعد لقد آن الأوان لبعض القوى اللبنانية أن تدافع عن لبنان ومصالحه بالدرجة الأولى، وأن يتركوا فكرة التآمر على سورية، ويستعيضوا عن ذلك بالتقدم نحو التنسيق معها بما يحفظ سيادة واستقرار لبنان.