إيران والعراق وسورية لتشكيل مجلس تنسيق أمني اقتصادي جيرو يحمل اسمي غانم وسلامة للرئاسة ويحظى بدعم جنبلاط

صورة الويبكتب المحرر السياسي:

نواة الحلف الحقيقي للحرب على الإرهاب هي ما تصنعه الدول التي تخوض الحرب فعلياً. من وحي هذا العنوان الذي شكل محور الكلمات التي ألقاها المشاركون في مؤتمر مكافحة الإرهاب في طهران، الذي رعاه الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني، توّجت المحادثات الثلاثية الإيرانية ـ العراقية ـ السورية، بالتفاهم على مأسسة التعاون المشترك، في مجالي مكافحة الإرهاب والتعاون الاقتصادي، وبدأت الخطوات القانونية اللازمة لتشكيل مجلس تنسيق ثلاثي مفتوح أمام مشاركة من يرغب من دول الجوار المهتمة بتطوير التعاون الاقتصادي والتكامل الأمني، والمعنيون بالانضمام هم تركيا ودول الخليج من جهة، ولكن بصورة ملحة، المعنيون هم لبنان والأردن.

هذا التطور الجيوسياسي يعني ولادة كيان سياسي دستوري أمني اقتصادي، سيكون شريكاً في رسم الخريطة العسكرية للمواجهة مع الإرهاب و»إسرائيل» معاً، والخريطة الاقتصادية لأنابيب النفط والغاز، وسيكون محوراً فاعلاً في رسم السياسات الكبرى في خرائط المنطقة، وفقاً لتعليقات الخبراء الذين واكبوا ولادة هذا المشروع الواعد.

لبنان الذي لم يجرؤ سياسيّوه على قبول الهبة الإيرانية غير المشروطة والمجانية للجيش اللبناني لن يتجرّأوا على مناقشة فكرة الانضمام للمولود الجديد بالتأكيد، وفي كلّ حال هم منشغلون بما هو أهمّ، مع أوهام المبادرة الفرنسية التي حملها المبعوث الفرنسي فرانسوا جيرو لتحريك الانتخابات الرئاسية، والتي تمخضت كما كشفت مصادر مطلعة لـ«البناء» عن طرح اسميْ النائب روبير غانم وحاكم البنك المركزي رياض سلامة، ولم تحظ بتأييد أحد سوى النائب وليد جنبلاط، الذي كان عنوان المحور الثاني لاهتمام اللبنانيين، المنشغلين أيضاً بمستقبل العسكريين المخطوفين، بين دعوة أهل الشهيد العسكري المقتول على يد «جبهة النصرة» علي البزال، وهي تركزت على عدم التهاون بدماء الذين استشهدوا من العسكريين، والسير بخيار الحسم في وجه المجموعات الإرهابية، بينما كان جنبلاط يعلن انحيازه لمبادرة النائب في كتلته الوزير وائل أبو فاعور بالتفويض العلني لهيئة العلماء المسلمين وقبول مبادرتها رسمياً، في صيغة تشريع للتنظيم السياسي لـ«جبهة النصرة».

برز تطور جديد في قضية العسكريين المخطوفين وهو إخلاء المحكمة العسكرية سبيل علا العقيلي، زوجة القيادي في «جبهة النصرة» أنس شركس الملقب بـ»أبي علي الشيشاني»، فيما أصدرت قاضي التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا مذكرة توقيف وجاهية بحق طليقة أمير تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي العراقية سجى الدليمي وأخرى غيابية بحق زوجها الفلسطيني كمال محمد خلف.

وأوحت هذه الخطوة بأنها قد تسهل عملية المفاوضات مع تنظيمي «داعش» و»جبهة النصرة» لإطلاق العسكريين المحتجزين لديهما، وهذا ما عكسته الجولة الواسعة لـ«هيئة علماء المسلمين» على وزراء وقيادات سياسية لتسويق مبادرتها من أجل استئناف وساطتها بعد انسحاب الوسيط القطري، وبعد تنفيذ نصف الشرط الأول للهيئة والقاضي بإطلاق العقيلي والدليمي، أما الشرط الثاني فهو تفويضها رسمياً بالوساطة، على أن يتعهد الخاطفون بوقف قتل المخطوفين.

ومن جهة أخرى، أوضح رئيس الهيئة الشيخ سالم الرافعي أن العقيلي «انتقلت إلى الأمن العام وقضيتها بسيطة جداً وهي مسألة وقت حتى تخرج»، وأضاف: «أما بالنسبة للدليمي التي ما زالت في المحكمة العسكرية فهناك قضية بسيطة أيضاً لكن لا علاقة لها بالإرهاب كما أشيع في بعض وسائل الإعلام، وهناك مسعى كبير لحل مسألتها».

وناشد الرافعي المسلحين في جرود عرسال بأن «يعطوا هيئة العلماء تعهداً بأن لا يتم قتل أي عسكري بعد اليوم، على أن تبقى المفاوضات سائرة مهما طال الوقت حتى ينتهي هذا الملف على خير».

توضيح اللغط أثار لغطاً

وفيما حاول وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق «توضيح اللغط» الذي حصل حول إحالة الدليمي على الأمن العام، وقع في التباس أثار لغطاً جديداً.

فقد أكد المشنوق في بيان أول أن الدليمي والعقيلي «موقوفتان لدى الأمن العام»، مضيفاً أن «كل كلام غير ذلك يقصد به التشويش على المساعي والمفاوضات المكلف بها المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم، علماً أن إخلاء سبيل الدليمي والعقيلي لا يعني الإفراج عنهما، بل يعني الإحالة على الأمن العام اللبناني للتأكد من عدم مخالفتهما لشروط الإقامة في لبنان ومن أوراقهما إذا كانت مزورة».

ولاحقاً أصدر المكتب الإعلامي للمشنوق بياناً ثانياً، أوضح فيه أنه «ورد خطأ على لسان وزير الداخلية أن سجى الدليمي وعلا العقيلي موقوفتان لدى الأمن العام اللبناني، والحقيقة أن الدليمي صدر بحقها مذكرة توقيف عن القضاء وهي موقوفة في السجن، أما العقيلي فموجودة لدى الأمن العام».

وبينما لا يزال موضوع المقايضة غير واضح المعالم، أعلن النائب وليد جنبلاط خلال تفقده أهالي العسكريين المخطوفين في ساحة رياض الصلح يرافقه الوزير وائل أبو فاعور، «أن موقفي واضح كموقف الرئيس نبيه بري، وهو المقايضة من دون قيد أو شرط».

بري لم يدخل في التفاصيل مع جنبلاط

إلا أن الرئيس بري أكد أمام زواره «أنه متفق والنائب جنبلاط على ضرورة إنهاء ملف العسكريين المختطفين بأسرع وقت، وعلى حصره في جهة واحدة، من دون الدخول في التفاصيل». فيما أشارت مصادر «كتلة التحرير والتنمية» لـ «البناء» إلى أنه من البديهي أن تكون هناك مفاوضات ومقايضة في نهاية المطاف لكن الرئيس بري هو مع تنظيم هذا الموضوع وإعطاء «الخبز للخباز» وضرورة تسليم هذا الملف إلى شخص واحد فقط قد يكون شخصية أمنية أو عسكرية أو وزيراً. وأكدت الأوساط أن لدى الدولة أوراق قوة كثيرة لكن يجب أن تعرف كيف تدير اللعبة ولهذا السبب مطلوب حصرها بيد شخص واحد.

تدابير استباقية للجيش في الجرود

في موازاة ذلك، نفذ الجيش اللبناني ليل أول من أمس عمليات استباقية على مراكز وتحصينات المسلحين في جرود عرسال والقلمون وتحديداً في مناطق مار طيبا، وادي ميرا، الرهوة، وادي الخيل ووادي حميد.

وشارك الطيران المروحي والاستطلاعي في العمليات العسكرية التي أدت إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف المسلحين بعد رصد تحركات وتعزيزات في وادي حميد وذلك على خلفية إقفال الممرات غير الشرعية بالسواتر الترابية.

كما منع الجيش دخول الجرحى إلى عرسال باستثناء حالة واحدة هي حالة محمد حسن الحجيري الذي قضى مع بعض أفراد عائلته في إحدى الغرف التي يستخدمها المسلحون في وادي العجرم وبعد سماح الجيش للبلدية بنقلهم إلى البلدة.

وأكدت مصادر عسكرية لـ«البناء» أن الجيش أقفل فعلياً وبالنيران معظم المعابر المعروفة، وأحكم الحصار نسبياً عليها، وعزز قواته في المنطقة، وبالتالي أصبح كل من يريد الدخول والخروج تحت مراقبته ومراقبة الأجهزة الأمنية».

وأفادت المعلومات «أن هذه الإجراءات الاحترازية تسبق العاصفة الثلجية القادمة في عيد الميلاد»، مشيرة إلى «أن المسلحين يحاولون إيجاد مسارب لهم لإعادة التواصل مع البقاع الأوسط». وربطت المصادر بين هذه المحاولات، وما شهدته قوسايا من اشتباكات بين القيادة العامة والمسلحين، والتي أتت بعد تسريبات عن خطة يطمح إليها المسلحون بالسيطرة على مطار رياق والمحيط»، مشددة على «أن الجيش أخذ الاحتياطات الكفيلة درءاً لاختراقات قد تحصل في تلك المنطقة».

انطلاق الحوار ينتظر «المستقبل»

سياسياً، بقي موضوع الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، محور متابعة عين التينة علماً أن جدول الأعمال لم ينجز بعد بانتظار تقديم المستقبل ورقته في هذا الخصوص، بحسب ما أكدت مصادر كتلة «التحرير والتنمية» لـ«البناء».

وأشار الرئيس بري بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» إلى «أن التحضيرات للحوار تجرى في شكل جيد وإيجابي، وأن وضع اللمسات الأخيرة على جدول الأعمال الموحد للحوار ينتظر عودة مستشار الرئيس سعد الحريري نادر الحريري من الولايات المتحدة الأميركية».

وإذ لفت إلى «أن الموفد الفرنسي يشجع على الحوار وعلى ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، أكد بري «أن الفرنسيين لم يطرحوا أي اسم لرئاسة الجمهورية واكتفوا بتأكيد ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس توافقي».

ومن جهة أخرى، أبدى رئيس مجلس النواب امتعاضه من التسويف والمماطلة في عمل لجنة قانون الانتخاب التي من المفترض أن تنهي عملها قبل نهاية هذا العام.

مساع فرنسية غامضة

و فيما قالت مصادر مطلعة لـ«البناء» إن «زيارة مدير شؤون الشرق الأدنى وشمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو، لبنان، هي لخلق دينامية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية»، مشيرة إلى «أن جيرو لم يدخل في لعبة الأسماء والمواصفات، باستثناء أنه أكد أن صفحة رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، ورئيس حزب القوات سمير جعجع قد طويت». أكدت مصادر أخرى، أن جيرو طرح اسمي النائب روبير غانم وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة كمرشحين إلى رئاسة الجمهورية.

وبينما بات مؤكداً أن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية السادسة عشرة المقررة اليوم، لن تكون أفضل من سابقاتها، يزور رئيس حزب الكتائب أمين الجميل اليوم الصرح البطريركي في بكركي، للقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي للبحث معه في الاستحقاق الرئاسي.

ونفت مصادر مقربة من بكركي لـ«البناء» أن يكون لقاء الراعي مع الجميل اليوم تمهيداً للقاء للأقطاب الموارنة»، مشيرة إلى «أن البطريرك سيلتقي كل واحد من الأقطاب على حدة، فهو مصمم على عدم عقد أي لقاء جامع لهم في بكركي، إلا في حال توصلوا إلى الاتفاق على مرشح توافقي». في حين رجحت مصادر مطلعة لـ«البناء» عقد لقاء بين عون وجعجع قريباً.

على صعيد آخر، يتوجه الرئيس سلام اليوم إلى باريس في زيارة رسمية تستمر حتى السبت المقبل.

ووصل مبعوث الرئيس الروسي لمنطقة الشرق الأوسط نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف إلى بيروت ليلا آتياً من موسكو، على أن يتابع سفره إلى دمشق للقاء المسؤولين السوريين، قبل أن يعود إلى بيروت مجدداً مساء الخميس المقبل ومن ثم يغادر ليل الجمعة – السبت.

إشارة إلى أن بوغدانوف كان زار لبنان الأسبوع الفائت والتقى عدداً من المسؤولين.

من جهته، أكد السفير الروسي لدى لبنان الكسندر زاسبكين «أننا لن نقبل أي مطلب يتعلق بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد، وبخروج «حزب الله» من سورية». وأوضح في حديث إلى محطة «أن بي أن» مساء أمس أن «رفض تنحي الأسد هو أمر مبدئي بالنسبة لنا وشأن سوري داخلي»، لافتاً إلى «أننا لم نطلب ولن نطلب خروج «حزب الله» من سورية لأن هناك تدخلاً في سورية من قبل دول عدة، بينما الحزب يقف إلى جانب النظام الشرعي ويكافح الإرهاب»، متسائلاً: «كيف نطلب خروج الحزب في الوقت الذي لا يطلب فيه خروج الفصائل غير الشرعية في سورية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى