هل نصل ليوم تتشكّل فيه حكومة بلا حساب طائفي؟
عندما ينظر المواطن إلى مسؤولية أي وزير عن شؤونه الحياتية والمصيرية يتطلع أولاً إلى ثلاثة اشياء، هي مؤهلاته والتزامه بخيارات تعبر عن مصالح الشعب وتدافع عن الوطن ونظافة كفه وترفعه عن جني المكاسب الخاصة من موقعه في الشأن العام أو التغاضي عن قيام مرؤوسيه بذلك، إلا أن الصيغة الطائفية للنظام السياسي القائم جعلت في مرتبة أولى تسبق كل هذه العناوين، طائفة المرشح للوزارة وارتباط ترشيحه وفقاً لطائفته بحقيبة معينة وبأحسن الأحوال إحدى حقيبيتن أو ثلاث يمكن لأبناء طائفته توليها، ومراعاة توازنات كيميائية لا علاقة لها بإنتاجية الحكومة هي مراعاة تحديد العدد والتناسب والنسب بين الطوائف والحقائب، وصولاً لتوازنات تنبثق منها بين زعامات الطوائف كالسعي للاحتكار الطائفي أو الإمساك بثلث معطل أو رفض لسعي الغير لذلك، بحسابات طائفية وزعاماتية طائفية.
في حكومة خارج القيد الطائفي ستكون الأولوية للكفاءة والوطنية والنزاهة، ولن يكون هناك معنى لطائفة ومذهب الوزير بل لإنتاجيته، ومؤهلاته ورؤاه، وسلوكه، ومن سيجني نتائج سلبية أو إيجابية لتوليه الوزارة هم كل اللبنانيين بمعزل عن طوائفهم ومذاهبهم. فلماذا يتم تفصيل اختياره على مقاس طائفيّ، والمصيبة الأعظم أنه عندما يتمّ الاختيار على أساس طائفي سيصير الوزير مقيداً بحسابات تمثيل مصالح تسمّى طائفية، وعن إجابة مرجعيات الطائفة وزعاماتها على ما قدّمه كممثل لطائفته، لا كمسؤول عن شؤون المواطنين، وعندما يرتكب جرائم بحق المال العام سيكون مرتاحاً بأنه لن تتم مساءلته لأن الطائفة ستتولى حمايته باعتبار محاسبته عدواناً على الطائفة.
ما يجري في تشكيل الحكومة اليوم يؤكد ذلك، ويجيب عن التساؤل حول أسباب التأخر في ولادتها، علماً أن الرئيس المكلف أنهى أمس الشهر الأول من تكليفه، وهو زمن لا يحسب بالقياس لتشكيل الحكومات في لبنان.
كل يوم نتأكد من أن العلة الطائفية هي أم العلل، وأن الدولة المدنيّة صارت ضرورة وجودية وليست مجرد ضرورة سياسية.
التعليق السياسي