ثقافة وفنون

النور لا يجالس قلباً لا يُنصتُ إليه!

} د. منير سعيد مهنا*

شكّلي أسماء الوقت، ولا تتمهّلي. الحكايات تولد مع  انقضاء صرختها تحيا بعد انفضاض المعنى عن عزلته لتستبيحَهُ من جديد. قولي:

في هذا الصبح انكشف الصباح  على وجه آخر، الشمس قيدَ الولادة على ذاكرة البصر، والساردون رهن زمنٍ يشير الى الأشياء ولا تشير إليه الأشياء.

وأمضي في المناجاة ما بين البكور والشروق. ثم قولي:

ها هو وعدي أشطره على بياض اللحظات الأولى، لا تغالطوا النور بأوهام سوداء، ولا تغتالوا اليقين قبل أن تعرفوه. الماكرون لا نجاة لهم، وحده المتوكل يصلُ عين الحقيقة بقلبه فيشهد على أسرارها بنور القلوب.

تابعي المقروء على باب الغداة حتى تستوفي الضحى. ومن شرفاتها قولي:

لكلّ مطاف بدء لا يبدأ إلا إذا تجرأ على فضّ انكماشه، وتحرّك نحو مداره، وسار الى فاتحة تحققه. الساعون يبحرون في شوقهم ولا يُغالون، سبيلهم في الرجاء حجة عليهم وسعيهم في الحق غاية لا منتهى.

وإن جاوزتِ الضّحى حتى الهاجرة والزوال. قولي:

البائن يُشهدُ به ولا يُشهدُ عليه، نبأ المريدين أنهم لا يتكلفون قبول الصواب، ولا يتعجّبون من مواضعه، الوضوح مستجلى في حضرة مداركهم بالتمكين وعلى ذوي الألباب  يُلقى الصواب.

واستقبلي الظهر، ثم  شاهدي كيف يلاقي الواصل وصله في تمام الإشهار، ويتّحد الظلّ بأصله، فيحتويه، كل تناظر لا يفنى حالهُ بحاله يبقى المقيم فيه على حدِّ الأفتراق.

ثم قولي:

تلك لحظةُ عناقٍ مشتهاة، المدى المتكوّم في أرض الظلال البعيدة يعود، الحجاب يرقُّ ويشّفُ ويتراءى، الوقت منعكس على ذاته في مرآة والزمن واحد، واستجمعي الرواح نحو العصر والقصر، لكِ كل مذاق الضوء فارتشفيه بالتماعة عين العيون لا تتخاتل إلا متى كان التخاتل إخفاءً لسرّ أو تهيباً لكشف.

وحينذٍ قولي:  

كلّ توافقٍ لا يؤججّه الشوق هالك في الانعكاس، الريح التي ترفع هي نفسها التي تحطّ، والنهر الذي يجري خارجاً من ذاته يعود اليها. النور مرقوم في النور كما في الظلمات.

وإذا بان الأصيل ومررتِ بالعشيّة حتى الغروب، اجمعي تعاليكِ على جناحين من بدء وفراق، ما بعد التطواف تسيل الأشجان من طقوسها وتنشدُ الضفاف لغتها، ويستريح على شقوق السراب المتعَبُون.

وفي تلك اللحظة قولي:  

يا أيها المحبون لا تنزعجوا من غياب أنتم ملاقون فيه ما تزرعون من التمس العون هدَاهُ الحبّ إلى الطريق. ومن خالف باطنه ظاهره، ضاعت منه اللطائف بين العبارات والإشارات.

يا أيّها المتلمّسون انصتوا الى أنس قلوبكم، النور لا يجالس قلباً لا ينصت إليه.

*أستاذ جامعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى