هل تنجح الحكومة في الامتحان أو تفشل فيذهب ريحها؟
} علي بدر الدين
نجح الرئيس حسان دياب في ولادة حكومته في الوقت الذي حدّده بعد تكليفه وبزمن قياسي لتشكيل الحكومات في لبنان، ساعدته على تخفيف هذا السبق الزمن عوامل متعدّدة، منها على سبيل المثال أنّ عملية التأليف كانت حصراً في ملعب في فريق سياسي من لون واحد (8 آذار) بعد أن رفض الفريق السياسي الآخر (14 آذار) تسميته والمشاركة في حكومته.
استمرار ضغط الشارع والخوف من الانجرار إلى منزلقات غير محسوبة من مؤشراتها ارتفاع وتيرة المواجهات بين القوى الأمنية والمتظاهرين والأهمّ الأوضاع الاقتصادية والمالية التي بلغت حداً لا قدرة لأحد على تحمّل تداعياتها على العملة الوطنية والقطاعت الإنتاجية وسوق العمل ومعيشة اللبنانيين والخوف من أن يطول الفراغ الحكومي بعد ان تقاعدت حكومة تصريف الأعمال وتخلت عن مسؤولياتها حتى في الإطار القانوني المسموح فيه، إضافة إلى تقارير المنظمات النقدية الدولية التي أظهرت عمق الأزمة المالية في لبنان وتعقيداتها وحرمانه من المساعدات والقروض والهبات.
ومن السابق لأوانه اعتبار الحكومة أو تسويقها على أنها استثنائية ونموذجيه وكأنها قادمة من كوكب ملائكي، ولن يفيدها التباهي بأنها تضمّ ست وزيرات، وهذا أمر طبيعي ولا مانع من أن تشكل جميعها من السيدات، أو التفاخر بأنّ إحداهنّ تسلّمت حقيبة لم يسبقها إليها أحد في المنطقة برمّتها.
إنها بكلّ المعايير حكومة عادية ولد في ظروف استثنائية وهنا تكمن أهميتها وليس لأيّ سبب آخر، لأنّ المطلوب منها عملاً فوق العادة يكون منتجاً وفاعلاً، وجهوداً مضاعفة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان، وعلى هذه الحكومة التي ولدت من رحم الطبقة السياسية الحاكمة المشهود لها بإنتاج حكومات على قياسها وشاكلتها ووفق نهج المحاصصة الذي تعتمده في تشكيل الحكومات وغيره على مساحة الوطن ألا تبالغ بطموحاتها ولا تكبّر حجرها وان تتواضع وتعمل بصمت وبجدية ومسؤولية إرضاء لشعب لبنان المعذب وليس لأولياء النعمة في التكليف والتوزير.
على هذه الحكومة الاستعجال بإنجاز البيان الوزاري التقليدي الذي لا بدّ منه عند تشكيل الحكومة والذي يأمل اللبنانيون ألا يطول، وقد يكون جاهزاً كنسخة طبق الأصل عما سبقه، مع إضافات استجدّت على المشهد السياسي والاقتصادي والمالي، للوصول إلى المحطة الأخيرة وهي جلسة الثقة النيابية في الحكومة وقد تتقارب أرقامها مع أرقام التكليف.
المهمّ في الأمر انّ الحكومة باتت أمراً واقعاً لا يمكن الطعن بها او وأدها أو إسقاطها ألا في جلسة الثقة. ويبدو لغاية الآن أنّ قرار الإسقاط لم يتخذ والله أعلم والمصلحة الوطنية تقتضي عدم النظر اليها بعين واحدة أو النظر الى النصف الفارغ من الكأس ومن الخطأ تحويلها منذ الآن إلى هدف للتصويب عليه والجميع يدرك أنها لن تحقق المعجزات وقد ولى زمانها، بل أعطاءها فرصة لأنّ الحمل ثقيل علها تنجح في الامتحان الصعب أو تفشل فيذهب ريحها.
وقد ينطبق عليها القول و«إنّ الله وضع سره بأضعف خلقه». لهذا فالحكم عليها مسبقاً ليس في محله وهي ما زالت في طور القيام بإجراءات حصر الإرث للحكومات السابقة التي أورثتها كماً من الأزمات والمشكلات التي تنوء الجبال عن حملها. وعلى الجميع تجاوز شكل الحكومة لأنه بات من الصعوبة تحديده، هل هي حكومة تكنوسياسية أو تكنوقراطية او تكنو محاصصة وآخر بدعة أنها حكومة و«تكنوجميلات»…