دونيتسك تؤكد التزام طرفي النزاع بالهدنة شرق أوكرانيا

أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن وقف استخدام الأسلحة في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك وسحب المدفعية الثقيلة وتحديد خطّ الفصل بين طرفي القتال من أهم بنود التسوية للنزاع شرق أوكرانيا.

وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش في مؤتمر صحافي أمس، أن موسكو تقيّم إيجابياً إعلان نظام الهدنة في شرق أوكرانيا والذي لا يزال قائماً على رغم الاستفزازات من الجانبين كليهما.

وقال الدبلوماسي الروسي إن موسكو تبذل قصارى جهدها من أجل عقد اجتماع ناجح لمجموعة الاتصال الخاصة بتسوية الأزمة الأوكرانية في مينسك بأسرع ما يمكن.

وذكّر لوكاشيفيتش بأن اجتماع مينسك كان متوقعاً أن يعقد في 11 أو 12 كانون الأول، إلا أنه سيؤجل لضرورة التحضير الجيد، مؤكداً أهمية قضية تبادل الأسرى، وذكر أن ممثلي كييف ودونيتسك ولوغانسك تبادلوا قوائم تضم أسماء الأسرى من الجانبين واتفقوا على التأكد من صحة القوائم لبحث المسائل العملية المتعلقة بتبادل الأسرى في اجتماع مجموعة الاتصال.

كما شدد لوكاشيفيتش على أهمية تقديم مساعدات إنسانية إلى سكان مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك في ظلّ الكارثة الإنسانية في شرق أوكرانيا، وأعاد إلى الأذهان أن روسيا تقدم المساعدات إلى سكان المقاطعتين، موضحاً أن حجم المساعدات بلغ 12985 طناً.

وأضاف المسؤول الروسي أنه من المتوقع إيصال قافلة مساعدات إنسانية جديدة إلى المنطقة يوم الجمعة 12 كانون الأول بالتعاون مع الجانب الأوكراني والصليب الأحمر الدولي، مشيراً إلى أن المساعدات تشمل 1200 طنّ من الأغذية والوقود والأجهزة الكهربائية.

من جهة أخرى، قال لوكاشيفيتش إن تقرير المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين متوازن ويعكس بشكلٍ موضوعي عموماً مشاكل نزوح السكان نتيجة النزاع في جنوب شرقي أوكرانيا.

وأكد الدبلوماسي الروسي أن موسكو تشاطر المفوضية الأممية للاجئين قلقلها إزاء قرار كييف حصر صرف منح اجتماعية في المناطق الشرقية التابعة لسيطرة السلطات الأوكرانية، ما يدفع مواطني باقي المناطق لمغادرة بيوتهم للحصول على معاشاتهم والمعونات.

وأعرب لوكاشيفيتش عن قلق موسكو بشأن حالات التمييز بحقّ أطفال جنوب شرقي أوكرانيا والصعوبات التي يواجهها النازحون داخل أوكرانيا في البحث عن فرص عمل، مضيفاً أن الخارجية الروسية تعتبر زيادة عدد الأوكرانيين اللاجئين إلى روسيا وبيلاروس وبولندا وألمانيا وإيطاليا دليلاً على عدم ثقة مواطني أوكرانيا في مستقبلهم.

وقال لوكاشيفيتش تعليقاً على طرح مشروع قرار في البرلمان الأوكراني يعلن جمهوريتي «دونيتسك» و»لوغانسك» الشعبيتين منظمتين إرهابيتين، إن «هذا القرار يكشف سعي فريق الحرب للتراجع عن التسوية السياسية والتخفيف من حدة الصراع وتطبيع الأوضاع لمصلحة العودة إلى مرحلة العمليات القتالية»، ووصف الخطوة بأنها «سخف وهراء».

وأشار الناطق الروسي إلى أنه وفقاً لاتفاقات مينسك، فإن طرفي النزاع هما «كييف والتشكيلات المسلحة لمحافظتي دونيتسك ولوغانسك». وأضاف أن لا فائدة من المحادثات المستقبلية بين الطرفين إذا ما نظر كل منهما إلى الآخر على أنه إرهابي.

من جهة أخرى، رحب لوكاشيفيتش بتقرير مفوض الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان نيل مويجنيكس حول الوضع الإنساني الصعب في شرق أوكرانيا، مشيراً إلى أن تقرير المفوض الأوروبي يؤكد الكثير من انتهاكات حقوق الإنسان نتيجة النزاع في هذا البلد ونقص الأغذية والماء والكهرباء في المناطق المتضررة.

ورحب الدبلوماسي الروسي بدعوة المفوض الأوروبي إلى حل الأزمة سلمياً ووقف العنف والتحقيق في الجرائم كافة ومعاقبة المسؤولين عن ارتكابها، معرباً عن استغرابه بشأن موقف مويجنيكس الذي اعتبر أن مسلحي شرق أوكرانيا يأتون على رأس قائمة المسؤولين عن تلك الجرائم وليست السلطات الرسمية التي تشنّ حرباً ضد مواطنيها.

وأعرب لوكاشيفيتش عن استغرابه أيضاً بشأن الموقف «النصفي» للمفوض الأوروبي من صرف منح اجتماعية للمواطنين الموجودين في مناطق النزاع، معرباً عن أمله في أن لا يسعى مويجنيكس إلى تبرير قرار الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو بخصوص وقف صرف المنح في المناطق التي لا تخضع لسيطرة كييف.

وقال الدبلوماسي الروسي إنه من المؤسف أن المفوض الأوروبي لم يتمكّن من زيارة مناطق دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين لكي يتأكد من سوء الأوضاع في المنطقة نتيجة العملية القمعية لسلطات كييف.

من جهة أخرى، أعلن دينيس بوشيلين ممثل «جمهورية دونيتسك الشعبية» لدى مجموعة مينسك للاتصال أن طرفي النزاع جنوب شرقي أوكرانيا يلتزمان عموماً الهدنة. وقال إنه «بحسب يوم اللبارحة الأربعاء كانت هناك خروقات من قبل الجانب الأوكراني، إلا أنها كانت باستخدام أسلحة صغيرة غير مهمة ومن دون ضحايا، وليس باستخدام المدفعية، لذا فإن كل شيء على ما يرام من هذه الناحية».

وأضاف بوشيلين أن نظام وقف إطلاق النار مستمر، مؤكداً أن قوات الدفاع الشعبي ملتزمة تنفيذه بدقّة ولا تطلق النار على القوات الأوكرانية، في حين أكدت إدارة مدينة دونيتسك أن ليلة الخميس مرت بهدوء.

أما بالنسبة إلى موعد المفاوضات، فذكر بوشيلين أنه لا توجد هناك اتصالات مباشرة مع السلطات الأوكرانية، وأنها تجري عبر منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، لذا فإن قوات الدفاع تنتظر الآن إشارةً منها لبحث موعد المفاوضات المقبلة إن كانت ستتم مباشرة في العاصمة البيلاروسية مينسك أم عبر مؤتمر فيديو. وكان الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو قد أعلن في 4 كانون الأول عزمه بدء هدنة، وهو ما رحبت به سلطات دونيتسك ولوغانسك، إذ صرح رئيس «جمهورية دونيتسك الشعبية» ألكسندر زاخارتشينكو أن إعلان وقف النار قد تمّ منذ لقاء مجموعة الاتصالات في مينسك الجمعة 5 أيلول الماضي.

بينما أكد رئيس برلمان «جمهورية دونيتسك الشعبية» أندريه بورغين أن انسحاب المدفعية الثقيلة يعتبر شرطاً ضرورياً لاتخاذ الخطوات المقبلة في تنفيذ الهدنة جنوب شرقي البلاد.

وفي سياق متصل، أفاد الموقع الإلكتروني للرئيس الأوكراني بأن رئيس الوزراء الأسترالي قرر تقديم مساعدة مالية بقيمة أكثر من مليوني دولار للجيش الأوكراني. وقال إن «توني أبوت أبلغ بوروشينكو عن قراره تقديم مساعدة للقوات الأوكرانية بقيمة أكثر من مليوني دولار».

وشكر الرئيس الأوكراني الحكومة الأسترالية على تأييدها الفعال لسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها، موجهاً إلى أبوت دعوة لزيارة كييف عام 2015 المقبل. إلى ذلك، قررت الحكومة الروسية المساهمة بمبلغ 5 ملايين دولار في موازنة برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، وذلك لتقديم المساعدات الإنسانية إلى مواطني أوكرانيا.

وقال بيان للحكومة الروسية أمس إن الأخيرة «خصصت عام 2014 من حساب الموازنة الاتحادية 5 ملايين دولار، مساهمة طوعية في موازنة برنامج الغذاء العلمي التابع للأمم المتحدة لتمويل المتطلبات ذات العلاقة بتقديم المساعدات الإنسانية عن طريق صندوق الغذاء العالمي».

وتبذل روسيا الاتحادية جهوداً كبيرة لتقديم المساعدات الإنسانية للمواطنين الأوكرانيين في جميع أرجاء هذا البلد بمختلف السبل، بما في ذلك عبر المنظمات الدولية، وعن طريق إرسال قوافل إغاثة إلى المناطق المنكوبة وبخاصة إلى دونيتسك ولوغانسك.

وفي هذا الصدد، وصلت إلى مقاطعة روستوف الحدودية مع أوكرانيا أول من أمس قافلة شاحنات تحمل مساعدات إنسانية تابعة لوزارة الطوارئ الروسية، إذ أكد المتحدث باسم الوزارة ألكسندر دروبيشيفسكي أن هذه القافلة المحملة بمعونات إنسانية إلى شرق أوكرانيا تضم 120 شاحنة، وستحمل إلى دونيتسك ولوغانسك أكثر من 1200 طنّ من المواد الغذائية والمواد الأولية الضرورية.

وتعد هذه القافلة التاسعة المخصصة لمنطقة دونباس، حيث أرسلت 8 قوافل منذ 11 آب الماضي، أوصلت إلى دونيتسك ولوغانسك معونات إنسانية من مواد البناء والسلع التموينية تزيد عن 10700 طن.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى