التقى “الرابطة المارونية” وسرحان عون: أخذنا مطالب المتظاهرين على عاتقنا ولن نسمح بأي تخريب للأملاك العامة والخاصة
أعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أنه “بعدما أخذنا مطالب المتظاهرين على عاتقنا، لن نسمح بعد اليوم بأي تخريب للأملاك العامة والخاصة”. وأكد “أننا بصدد معالجة الوضعين الاقتصادي والمالي”، لافتاً إلى أن “الإجراءات التي ستتخذ ستكون قاسية وربما موجعة ما يتطلب تفهّم المواطنين لهذا الأمر”.
كلام عون جاء خلال استقباله أمس في قصر بعبدا، وفداً من المجلس التنفيذي للرابطة المارونية برئاسة النائب السابق المحامي نعمة الله أبي نصر الذي قال “فخامة الرئيس، نزوركم اليوم وأنتم تواجهون تحديات كبيرة من كل نوع”، مشيراً إلى أن أولى المهمات أمام الحكومة الجديدة “العمل على إعادة حياة اللبنانيين إلى طبيعتها، بدءاً بإعادة ثقتهم بدولتهم بعدما أدركهم اليأس جرّاء تفشي الفساد ونهب المال العام وغياب أبسط الخدمات الأساسية وتفاقم الأزمات الاقتصادية وغيرها من سلسلة أخطاء بحق الشعب والدستور”.
ورأى أنه يتعيّن على الحكومة الجديدة “مكافحة الفساد واسترداد المال العام المنهوب من خزينة الدولة ومؤسساتها العامة ومحاكمة ناهبي هذا المال. كل ذلك من خلال قضاء مستقل وعادل، بعد رفع السرية المصرفية في لبنان والخارج ورفع الحصانة عن المسؤولين المرتكبين حسب الأصول والقوانين المرعية الإجراء”.
كما اعتبر أن على الحكومة “اعتماد سياسة التقشف وشدّ الأحزمة لدعم مالية الدولة ومواردها لتمكينها من إيفاء ديونها ومتوجباته” وكذلك “متابعة ما بدأتم في معالجة ملف النازحين السوريين بثبات وجرأة في لبنان والمحافل الدولية”.
وشدّد على “التواصل مع اللبنانيين المنتشرين في العالم والاهتمام بهم والإفادة من طاقاتهم وخبراتهم”، داعياً إلى”تعزيز اللامركزية الإدارية الموسعة اختصاراً لمعاناة الناس وتحقيقاً للإنماء المتوازن بين كل المناطق والفئات”.
ورأى أن “اتفاق الطائف الذي أصبح دستوراً لم يطبق نصاً وروحاً ولم يتمّ تنفيذه بالشكل الذي ينبغي أن يتمّ، وبالتالي لم يحقق الغاية المرجوة منه”، معتبراً أن “من أولى أولويات السلطتين التنفيذية والتشريعية مسؤولية العمل، بتوجيه منكم، على استعادة التوازن والتكافؤ في آلية الحكم والمؤسسات العامة، وإحياء الممارسة الديموقراطية السليمة في شتى الميادين السياسية والاجتماعية، لكي يستعيد لبنان سيادته واستقلاله وعافيته ودوره الرائد عربياً ودولياً”.
وإذ أشار إلى أن سفينة لبنان تتقاذفها الأنواء، توجّه إلى عون بالقول، إن اللبنانيين “ينتظرون منكم اليوم مبادرات جريئة وخطوات رائدة وأنتم لها”، موضحاً أن “الرابطة المارونية التي تعتبر أن رئاسة الجمهورية رمز وطني يحظر استباحته والتطاول عليه من أي كان ولأي اعتبار كان، ستكون إلى جانبكم في أي مسعى إنقاذي وطني يكون هدفه إخراج لبنان من محنته والانطلاق الجاد نحو بناء دولة القانون، دولة الحق والمؤسسات”.
وردّ الرئيس عون مرحباً بالوفد، مؤكداً أن “الوضع الأمني مستقر نسبياً بعد التظاهرات التي شهدها لبنان من دون أن تسقط فيها نقطة دم واحدة”، وقال “بعدما أخذنا مطالب المتظاهرين على عاتقنا، لن نسمح بعد اليوم بأي تخريب للأملاك العامة أو الخاصة وسيعمل كل من الجيش والقوى الأمنية على المحافظة على الاستقرار. أما وقد تمكّنا من تجاوز الأزمة الأمنية، فإن الأزمة الاقتصادية المالية تبقى الأخطر، حيث لا الإنتاج ولا المال متوفران بعد اعتماد لبنان لسنوات خلت على الاقتصاد الريعي. لذلك، نحن اليوم بصدد معالجة هذين الوضعين الصعبين، والإجراءات التي ستتخذ ستكون قاسية وربما موجعة، ما يتطلب تفهم المواطنين لهذا الأمر، وكذلك لواقع أن الحكومة الجديدة والوزراء الجدد ليسوا بمسؤولين عن الخراب الذي حلّ بنا”.
وشدّد على “أننا سنتحمل المسؤولية من موقعنا وهناك إجراءات مالية وإصلاحات بنيوية ستتم، كما ستتم معالجة الإهمال الذي تعاني منه المؤسسات، لا سيما المختلطة منها، حيث الكثير من التجاوزات، فضلاً عن المصالح التي سيتم وضعها تحت الرقابة المالية، وقد جرى لحظ الأمر في الموازنة، بحيث أن عائدات المرفأ والاتصالات أيضاً يجب أن تحوّل مباشرةً إلى الخزينة، فضلاً عن الكثير من الأمور والقضايا الأخرى”.
وأوضح أن “الورشة التي نحن في صددها كبيرة جداً وثمة الكثير من الأمور التي يجب ضبطها”، لافتاً إلى أنه “تم وضع نصوص قانونية لمكافحة الفساد، لا سيما أن الأموال التي تمّ تحصيلها عن غير وجه حق غير موجودة في لبنان وستتم متابعتها بمساعدة المؤسسات المالية والمصرفية”.
وأكد عون رداً على سؤال، حرصه على “توفير حق الحماية للمتظاهرين والتعبير الحر عن آرائهم”، لكنه أشار في المقابل إلى “وجود محرّمات تتعلّق بالتعدّي على حرية الآخرين، كحق التنقل على الطرقات والتعديات على الأملاك العامة والخاصة”، وقال “لقد حصل ذلك لكنه لن يتكرّر”.
وأوضح أنه اضطر “للتدخل في العديد من القضايا منذ تولي زمام السلطة، لا سيما في ما يتعلق بتلزيم المشاريع وفق ما يُسمّى بـ”short list”، لافتاً إلى أنه “تمّ توقيف العديد من التلزيمات وفق هذه القاعدة ليعاد تلزيمها بأسعار أقلّ وفق قواعد المناقصات، كما ساهمتُ بمنع التلزيم وشراء حاجيات الدولة بالتراضي”.
واشار الى مجموعة الإنجازات التي حققها العهد “بدءاً بقانون الانتخابات مروراً بممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة، والتعيينات في السلك الديبلوماسي والقضاء وفي الإدارة ككل”، وأوضح أنه طلب من القضاء “تسريع المحاكمات على اختلاف القضايا المرفوعة أمامه”، مجدداً تأكيد “خطر الشائعات على المجتمع وأهمية تحلّي الإعلام بالمسؤولية الوطنية”.
واستقبل عون وزير العدل السابق القاضي ألبرت سرحان، وجرى عرض للأوضاع العامة في البلاد ودور القضاء في عملية مكافحة الفساد والهدر والإصلاحات.