الموت يغيّب نزيه خاطر
بقيت لغته نابضة وحيوية، وبقي نقده حنوناً مرة وحاداً مرة أخرى، لا يساوم على أفكاره وقناعاته، في الوقت الذي يدفع فيه نحو الأفضل كل من استشرف له مستقبلاً من الجيل الجديد. لم يؤلف نزيه خاطر كتاباً، لكن اسمه دخل الكثير من الكتب والأبحاث، ولو شاء أن يجمع كتابات ستين سنة لملأ مجلدات. هو زاهد من هذه الناحية، فضّل أن يترك كتاباته كما هي، بتواريخها وطبيعتها وحرارتها، لترسم صورة ذلك الكاتب، الذي أسّس الصفحة الثقافية الأسبوعية الأولى باللغة الفرنسية في بيروت، في جريدة «Le soir» نهاية الخمسينات، وقدّم برنامج «بيروت والثقافة» بالفرنسية أيضاً في الإذاعة اللبنانية بداية الستينات، و«ثقافة وناس» في تلفزيون لبنان أواسط الثمانينات. أدار أولى الغاليريات الفنية كغاليري أليكو وغاليري وان. وكان، مع ليندا سنو، من مؤسّسي مسرح بيروت. درّس على مدى ربع قرن في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة، وكان من الفريق الذي ساهم في تأسيس معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية، ودرّس فيه، إلى أن سافر إلى باريس للعمل على دكتوراه في المسرح في موضوع «المسرح اللبناني بين ثورتين 1958 و1975». مارس النقد المسرحي والتشكيلي في جريدة «النهار» على مدى ما يقارب نصف قرن. شارك في مؤتمرات ومهرجانات عربية ودولية، لا سيما في دمشق وبغداد والقاهرة وتونس وأفينيون ودول أوروبية وأفريقية. اليوم رحل نزيه خاطر، غادر شارع الحمرا إلى الأبد، لكنّ ذكراه ستبقى، وكأنّه قُدّر للبنان أن يخسر في هذه السنة خيرة من مثقّفيه.
وداعاً نزيه خاطر.