أولى

أردوغان ونفاد الصبر الروسي

 

مَن يتابع التعامل الروسي خلال الحرب السورية مع العقوبات الأميركية القاسية وحجم الخسائر التي رتبتها على الاقتصاد الروسي وحرب الأسعار التي خاضتها السعودية في سوق النفط والتي كلّفت موسكو قرابة مئة مليار دولار ولاحقاً حرب أوكرانيا التي مثلت قمة الضغوط الغربية على روسيا، وبالمقابل التشبث الروسي بالموقف الثابت مع سورية يستطيع أن يستنتج ببساطة أن روسيا ليست بوارد مبادلة مصالحها مع تركيا بموقفها مع سورية، ويعرف بالتالي أن مساعي الرئيس التركي محكومة بالفشل رغم اهتمام موسكو بأنبوب الغاز المشترك مع تركيا نحو أوروبا وبتموضع تركيا بعيداً عن واشنطن.

ما يفعله أردوغان بعيداً عن سورية يكفي للتسبّب بغضب روسي شديد سواء لجهة تحويل الحضور الرمزي في ليبيا إلى مشروع وجود عسكري فاعل يهدف لتغيير الموازين وتهديد الأمن المصريّ الذي يهمّ روسيا كما تهمّها مصر رغم العتب على القاهرة بسبب تموضعها في منتدى مشترك للغاز مع إسرائيل ترعاه واشنطن لمنافسة الأنبوب الروسيّ أو لجهة ما يقوم به أردوغان من لعبة خطرة بالتقرّب من أوكرانيا.

وهم القدرة على لعب دور القوة الإقليميّة العظمى يسكن أردوغان الذي يظنّ أنه يملك علاقات مهمّة مع موسكو وواشنطن ويستطيع مواصلة اللعب على الحبال بينهما، ويتوهّم أن القفز بين ملفات سورية وليبيا وأوكرانيا يجعل حدود دوره الإقليمي على مساحة ما بين أضلاع هذا المثلث، وهو ما لا تملكه روسيا نفسها.

ما يلقاه أردوغان في سورية هو تأديب أبعد من حدود لعبته في سورية نفسها، خصوصاً أن الغضب الجزائري والتونسي من دوره في ليبيا إضافة لمصر يتكامل مع غضب داخل المؤسسة العسكرية والأمنية في موسكو من زيارة أردوغان لأوكرانيا من وراء ظهر روسيا وعلى حسابها.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى