الأزمات تسابق انطلاقة الحكومة والشارع يستعدّ للمواجهة… مصادر نيابيّة لـ«البناء»: تهريب أموال أصحاب مصارف يعرّضها للملاحقة القضائية
} محمد حميّة
تُسابِق الأزمات الحياتية والاقتصادية انطلاقة عمل الحكومة عملياً بعد نيلها الثقة الأسبوع المقبل، فبينما يستمرّ التباين بين رئيس الحكومة ووزير المالية من جهة وحاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف من جهة ثانية حول إدارة الأزمة المصرفيّة والنقدية والمالية، ضجّت الأوساط السياسية والمالية والشعبية بما كشفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري خلال لقاء الأربعاء النيابي أمس، حيث قال بري إن «خمسة مصارف تأكدنا أن أصحابها حوّلوا أموالهم الشخصية الى الخارج وتقدّر بمليارين و300 مليون دولار».
ولفتت مصادر «البناء» الى أن «هذه الأموال تم تحويلها الى الخارج خلال الأشهر الثلاثة الماضية مستغلين الأحداث الأمنية وفوضى الشارع والمصارف رغم وجود قيود مصرفية على سحوبات وتحويلات صغار المودعين»، متسائلة كيف أن «المصرف المركزيّ ولجنة الرقابة على المصارف يسمحان بذلك لا سيما في الظروف الاستثنائية التي مرّ فيها لبنان في الآونة الاخيرة ورغم الحديث عن شح في سيولة الدولار؟». واستغربت كيف أن المصارف والمصرف المركزي تنتقدان المودعين الذين سحبوا اموالهم ووضعوها في منازلهم والتي لا تتعدّى الملياري دولار فيما اصحاب تلك المصارف التي تحدث عنها رئيس المجلس حوّلوا أموالهم الى الخارج». وتضيف المصادر أن «90 في المئة من المودعين حركة أموالهم لا تتجاوز 15 مليون دولار، فلم تكن المصارف مضطرة لتعريض سمعتها وثقتها التي بنتهما طيلة العقود الماضية للخطر بحجب ودائع هذه الفئة من المودعين، بينما 10 في المئة من كبار المودعين، كانت تستطيع المصارف إيجاد الحلول معهم داخل غرف مغلقة، لكنها لسوء الحظ اختارت فعل العكس، فدخلت في توترات مع صغار المودعين وسهلت الأمور للمودعين الكبار ولأصحاب المصارف الشخصية».
وقالت مصادر نيابية شاركت في لقاء الاربعاء لـ«البناء» إن «الرئيس بري قصد أموال اصحاب 5 مصارف وليس المصارف، وإن التحقيقات أثبتت تورط 5 مصارف وقد تكون هناك مصارف أخرى ايضاً، كما لم يذكر بري أسماء هذه المصارف»، وأشارت المصادر الى أن «هذا الأمر يعرّض هذه المصارف أو اصحابها للملاحقة القضائية، لانه بحسب القانون فإن تأمين أموال المودعين له أولوية على الاموال الشخصية لأصحاب المصارف». وفيما أكد بري «أن دقة الظروف الراهنة لا تحتمل جلد الناس والوطن والمؤسسات، استبعدت المصادر النيابية أي توجه حكومي لفرض ضرائب جديدة على المواطنين كالضريبة على القيمة المضافة وعلى صفيحة البنزين، كما استبعدت المسّ برواتب وأجور الموظفين في القطاع العام والأسلاك العسكرية، لأن ذلك قد يفجّر احتجاجات واسعة».
وعلمت «البناء» أن «الهيئات الاقتصادية أبلغت رئيس الحكومة ووزير المال والمعنيين بالشأن المالي في الاجتماع الأخير الذي عقدوه، أن «الوضع الاقتصادي يزداد سوءاً والقطاعات الاقتصادية لم تعُد قادرة على الصمود في ظل الأزمات المتفاقمة وأن مؤسسات وشركات كثيرة بصدد الإفلاس وصرف موظفيها بسبب الانكماش الاقتصادي وارتفاع سعر صرف الدولار والقيود المصرفية التي تفرضها المصارف»، اشارت أوساط الهيئات الاقتصادية لـ»البناء» الى أن «البيان الوزاري كما سُرّب لا يلبي طموحاتنا ولا يرقى الى حجم الأزمات، فهو حتى لم يعالج العجز في الموازنة ولا حلّ واضحاً لأزمة الكهرباء ولا خطة لتنشيط الاقتصاد ولا إجراءات حاسمة لموضوع القيود المصرفية»، مشيرة الى أن «البيان يعبر عن استمرار لسياسات الحكومة الماضية»، ولفتت الى أن «المطلوب سياسات جديدة للتعامل مع الأزمة أهمها دعم القطاعات الاقتصادية وتشجيع الاستثمار والسياحة».
وفيما تمثل الحكومة لنيل الثقة في المجلس النيابي الثلاثاء المقبل، كما قال رئيس المجلس، تستعدّ مجموعات الحراك لتحركات واسعة ضد الحكومة ومنعاً لنيلها الثقة، وعلمت «البناء» عن «توجّه لدى بعض مجموعات الحراك بالتظاهر مجدداً أمام مباني بعض المؤسسات كمجلس الإنماء والإعمار وصندوق المهجّرين ومجلس الجنوب والهيئة العليا للإغاثة، لكن هناك انقسام بين الحراك حيال التوجّه الى مبنى مجلس الجنوب في بئر حسن وتكرار ما حصل المرة السابقة من اشتباك مع أهالي المنطقة وبعض الحزبيين».
ولفتت مصادر مجموعات «ائتلاف الدولة» لـ«البناء» الى أن «الحراك يضمّ مجموعات عدّة ولا يمكن لمجموعة أو اثنتين اختزاله. وبالتالي هناك آراء متعددة حيال كيفية التعامل مع الحكومة الجديدة، فرأي يعارض الحكومة ويعتبرها انعكاساً للأطراف السياسية التي جاءت بها، ورأي آخر يرى أن الحكومة لم تنل ثقة الشارع حتى الآن ويجب منحها فرصة لتنال الثقة في الممارسة والإنتاجية، صحيح هي حكومة لون واحد لكن هناك وزراء لديهم الكفاءة والخبرة والنزاهة وآخرون لديهم انتماءات حزبية لكن بنسب أقل من الوزراء السابقين. وهذا إنجاز للحراك بأنه أبعد كل الوزراء المستفزين في الحكومة الماضية». ودعت المصادر الى «ترقب صدور البيان الوزاري وسلوك الحكومة وسياساتها التي ستظهر خلال جلساتها الأولى».
أما في ما خصّ التحرك النوعي والكبير الذي يتمّ الحديث عنه خلال جلسات الثقة الأسبوع المقبل، أوضحت المصادر أن «كل المجموعات ستنزل الى الشارع لرفع المطالب الشعبيّة أمام الحكومة والمجلس النيابي وكل المسؤولين، لكن هناك مجموعات ستعمل على منع النواب من الوصول إلى المجلس النيابي لتعطيل جلسة الثقة»، وأضافت المصادر بأننا «لسنا هواة عنف ونرفض الشغب الذي تقوم به بعض العناصر المخرّبة التي ترسلها جهات معنيّة من طرابلس وعكار، لكن أيضاً هناك مخالفات قانونيّة وأمنيّة بالتعاطي مع المتظاهرين، ووثقنا حوادث عدة تؤكد حصول أخطاء من قبل القوى الأمنية والمتظاهرين، لكن لا يمكن ضبط كل المتظاهرين بعد مئة يوم من الانتفاضة وتجاهل المسؤولين».
ونفت المصادر تأليف مجلس قيادة للثورة، مشيرة الى أن «الحراك يضمّ مجموعات متعددة من أقصى اليمين الى اقصى اليسار وما بينهما مجموعات في الوسط لديها آراؤها وتوجّهاتها»، إلا أن مصادر نيابية وعسكرية أشارت لـ»البناء» الى أن «هناك قراراً لدى الأجهزة الأمنية بتأمين وصول النواب الى قاعة المجلس وانعقاد جلسات الثقة»، مشيرة الى أن «أي تقصير أمني يكون خلفه قرار سياسي بفرط عقد الجلسة».