السودان بين التطبيع والرفض
} عمر عبد القادر غندور*
بقدر ما كان مؤلماً اللقاء الذي جمع رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان برئيس وزراء الكيان الإسرائيلي الغاصب، صادماً للشعب السوداني والأمة العربية، كان موقف حزب المؤتمر الشعبي في السودان طبيعياً منسجماً مع الوجدان الشعبي وكرامة السودان وعزة أهله، ورأى في الاجتماع المركب بمساعدة الإمارات العربية بين البرهان ونتنياهو طعنة للقضية الفلسطينية ومناقضاً لموقف شعب السودان، ومطالباً الحكومة السودانية بموقف حازم وشريف يحفظ حقوق الشعب الفلسطيني ويعيد الأمور الى نصابها. ووصف نتنياهو اللقاء في تغريدة بأنه “تاريخي”.
ويلاحظ في توقيت الإعلان عن هذا الاجتماع “الإسرائيلي ـ السوداني” لم يكن اعتباطياً، وكان التمهيد له عبر جزرة رفع العقوبات الأميركية عن السودان وشطبه عن لائحة العقوبات، وإعادة القنوات الديبلوماسية، وكلّ ذلك مرهون بإذعان المجلس السيادي السوداني للإملاءات الأميركية بما فيها التطبيع والوقوف في صفوف المطبّلين العرب بـ “صفقة القرن” رغماً عن أنف بيان جامعة الدول العربية في القاهرة الذي اعلن تضامنه بقوة مع الشعب الفلسطيني ورفض صفقة القرن نظرياً والسير بها عملياً، وهو ما يجعل الرئيس الأميركي ترامب مطمئناً إلى مواقف الدول العربية ومعظمها معه في خندق واحد…
مثل هذا الضرر الذي يلحق بالقضية الفلسطينية والاستهانة بها ولأمانتها ولآلاف الشهداء الذين مضوا دفاعاً عن قضية مقدسة، لا يمكن ان يكون مبرّراً للخنوع وللمزيد من الانحرافات والخيانات وتذليل العقبات الواحدة تلو الأخرى دون ان نرى الشارع العربي والإسلامي يتحرك دفاعاً عن قضيته ودينه وكرامته… ولم يفعل حتى الآن.
وما يريده نتنياهو من الجنرال السوداني البرهان هو ما إراده من المجموعة العربية المتحالفة معه تحت عناوين السلام الكاذب والعلاقات الطيبة وحسن الجوار بينما هو يبحث عن غنائم جديدة كالسودان بأرضه ومائه وسمائه تمهيداً للانقضاض على الأرض العربية في زمن الخنوع وضياع المقدسات !!
فهل هذا ما يريده شعب السودان يا جنرال؟
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي