تقرير
قال كينيث روث، المدير التنفيذي لمنظّمة «هيومن رايتس ووتش»، إن اتفاقية مناهضة التعذيب التي وقّعت عليها الولايات المتحدة عام 1994، تنصّ على محاكمة المتورّطين في التعذيب. وأوضح روث، في مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية السبت الماضي، أنّ الاتفاقية تنطوي على مطلبين رئيسين. الأول: حظر التعذيب أو المعاملة غير الإنسانية من دون استثناء، والثاني: محاكمة مرتكبي التعذيب. ويشير إلى أن بينما التزم الرئيس الأميركي الحالي وقف التعذيب مثلما تعهّد منذ اليوم الأول من توليه منصبه، فإنه فشل في تلبية الشقّ الثاني من المعاهدة.
ويضيف روث أن أوباما رفض التحقيق في ممارسات التعذيب داخل وكالة الاستخبارات المركزية، ذلك بعيداً عن رفض محاكمة مرتكبيها. وشدّد على أن تقرير لجنة الاستخبارات في الكونغرس يجب أن يدفع أوباما إلى إعادة النظر في هذا الرفض.
وكشف تقرير، الذي صدر الأسبوع الماضي عن الكونغرس، عن أدوات تعذيب قاسية استخدمها محقّقو وكالة الاستخبارات الأميركية في التحقيقات مع عناصر تنظيم «القاعدة» والمشتبه فيهم بالإرهاب، ما أثار غضب الجماعات الحقوقية. وبرّر أوباما رفضه محاسبة المسؤولين عن التعذيب برغبته في التطلع نحو الأمام لا النظر إلى الخلف.
ويقول مدير «هيومن رايتس ووتش» أن الماضي يعكس المستقبل. فإذا ما أصرّ الرئيس الأميركي على إحداث سابقة الإفلات من العقاب في جريمة خطِرة مثل التعذيب، فإنه يشجّع الرؤساء من بعده على التعامل مع التعذيب كخيار سياسيّ. كما يجعل من الصعب على الولايات المتحدة أن تستخدم نفوذها حول العالم في السعي إلى محاكمة المتورّطين في جرائم تعذيب.
ويرى روث أن جزءاً من رفض أوباما يعود بلا شك إلى خشيته من الانقسام. ويوضح أن المحاكمة بالتأكيد ستطاول كبار مسؤولي إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش، الذين وافقوا على التعذيب. وفي المقابل، من المتوقع أن يرفض حلفاؤهم في الكونغرس المحاكمة، وربما يثيرون عقبات لأجندة أوباما التشريعية. ويخلص روث إلى أنّ أوباما يقدّر بالتأكيد صعوبة محاكمة أولئك المسؤولين عن تعذيب المعتقلين، وبالنظر إلى ذلك، فإنّ مكتب الاستشارات القانونية لدى بوش أكّد أن الاستجوابات المسيئة قانونية، فيما تؤكد وكالة الاستخبارات أنه من غير العادل محاكمة موظفيها لأنها استندت إلى حسن النيّة في هذا الحكم. ومع ذلك فإنه يختم قائلاً إنه ليس متأخراً بعد أن يغيّر أوباما رأيه، فبموجب القانون الفيدرالي، لا حدود للإجراءات عندما يسفر التعذيب عن وفاة أو إصابات خطِرة، وهو ما أسفرت عنه بالفعل الطرق الوحشية التي استخدمتها «سي آي أي» في الاستجوابات.
ويضيف أن تقرير الكونغرس منح الجميع فرصة لإعادة تقييم هذا الفصل المؤسف في تاريخ الولايات المتحدة، لذا ينبغي على الرئيس أوباما أن يستخدم التقرير لإعادة وجهة نظره في شأن رفض محاكمة مرتكبي هذه الجرائم.