تحقيقات ومناطق

غداء ولقاء حواري في تجمع النهضة النسائية بحضور شخصيات وفاعليات حزبية ونسائية

كليب: نحتاج إلى تطبيق أفكار سعاده واستشرافه الحلول لكلّ قضايانا الفقر والعوز نتيجة الطائفية المتجذرة والتبعية العمياء والمذاهب والطوائف

أقام تجمع النهضة النسائية غداء ولقاء حوارياً استضاف خلاله الإعلامي الدكتور سامي كليب، وذلك بحضور النائب السابق د. مروان فارس، محافظ الجنوب السابق حليم فياض، عدد من المسولين الحزبيين، فاعليات وممثلين عن الهيئات النسائية، إضافة الى رئيسة التجمع وأعضاء الهيئة الادارية وجمع من السيدات.

معلوف

قدّمت لـ اللقاء نائبة رئيسة التجمع ديما عبد الخالق معلوف واستهلت كلمتها مرحبة بالحاضرين، وقالت: «بيتنا يتسع لكلّ المحبّين، وهو المتواضع الممتلئ بالعزّ والمحبة والاحترام لكم أيها الكرام، ولكلّ من وطأت قدمه هذه الدار الحرّة المليئة بألف حكاية وحكاية، مع سيدات متفانيات في الشأن العام، لتضميد ولو جزء بسيط من جراح أمتنا النازفة.

أضافت معلوف: غداؤنا اليوم له طعم خاص، كيف لا وضيفنا من أهل البيت، الباحث والمحلل السياسي والإعلامي اللبق والرصين والأخلاقي الدكتور سامي كليب، الذي نشكره على تلبية دعوتنا، وهو المقيم في هذه الأيام هنا وهناك في أوروبا

وتابعت معلوف قائلة: تجمُّعُنا عريق وعريق جداً، تأسّس عام 1979 على أيدي مجموعة من السيدات لتمكين المرأة وخاصة المرأة الريفية. وتوالت على رئاسته منذ ذلك الحين الدكتورة دعد ربيز ثم المربّية نجوى الداعوق، وبعدها أتت صاحبة الكلمة الحرة الأمينة الراحلة سهام جمال، ثم سيدة المسرح الأمينة نضال الأشقر، وبعدها السيدة غادة فغالي، وصولاً إلى يومنا هذا مع الأمينة منى فارس ومعها باقة من السيدات اللواتي لهنّ باع طويل في العمل العام وفي الحقل الاجتماعيباع طويل للارتقاء بالمرأة إلى نهضتنا الفكرية الثقافية، وفي فصل الدين عن الدولة لتأسيس دولة مدنية قادرة وعادلة، وفي إزالة الحواجز بيننا جميعاً ونبذ الطائفية قولاً وفعلاً.

واعتبرت معلوف أنّ هذه العناوين بديهية لبناء الإنسان الجديد فينا، لذا نقول إنّ الثورة نحن ونحن الثورة وأمّها وأبوها، نحن النهضة والنهضة نحن لأنها طريقة حياة وليست كلمة عابرة، نحن وإياكم الخير والحقّ والجمال.

فارس

وألقت كلمة تجمّع النهضة النسائية رئيسته منى فارس التي قالت «إن لا شيء عادياً في لبنان اليوم. كلّ شيء استثنائي، وتعقيدات الظروف الاقتصادية والمالية والنقدية تملي علينا التصرّف من منطق الضرورة والعجلة وأيضاً الاستثناء…»

بهذه الجملة برّر رئيس الحكومة الدكتور حسّان دياب حضوره في المجلس النيابي جلسة مناقشة الموازنة العامة التي أقرّتها الحكومة السابقة المستقيلة، ولم يكن له ولوزرائه أيّ يد فيها.

وقالت فارس: إذا شطبنا كلمة «اليوم» يبقى المعنى قائماً، فمنذ أن وعينا واقع هذا البلد وكلّ الأمور تُحلّ فيه مؤقتاً وتخضع لظروف استثنائية ونتصرّف فيها بمنطق الضرورة والعجلة.

أضافت: في هذا الجوّ الذي وصلنا إليه الآن وقد انفجر الغضب الكامن في وجه الجميع دون تمييز عن حق أحياناً ودون وجه حق أحياناً أخرى. ما جعلنا نعيش مرحلة سوريالية نكون مخطئين إذا حاولنا إيجاد أسباب آنية فقط لنشوئها، فلنحتكم للتاريخ بروية للتعرّف إلى خيوط نشأة هذه الأزمة أو بالأحرى إلى خيوط تركيب هذا «الوطن الأزمة»، وما يحصل في فلسطين و «وعد ترامب» يعيدنا إلى وعد آخر رسَم خرائط منذ أكثر من قرن، وبمقصّ خبيث فصّل أوطاناً أو بالأحرى جزّأ أوطاناً

وتابعت فارس: لن أبسّط الظرف أو التحرك القائم في لبنان وأحصره بالظروف التاريخية والإقليمية والدولية فقط، لكن جريمة البارحة (صفقة القرن) لا نستطيع فصلها عن المآسي الي يعاني منها شعبنا ولا نستطيع أن نحجبها عن وجداننا.

وبالعودة إلى موضوعنا اليوم وإلى هذا اللقاء الحاشد الذي جذب هذا الجمهور الجميل، والضيف المميّز الذي أينما كان وفي أي وسيلة إعلامية عمل يفرض هيبته بملاءته ومعلوماته وثقافته الواسعة.

وأشارت فارس إلى أنّ تجمع النهضة النسائية ليس جمعية خيرية، وليس تجمّعاً نسائياً فقط، بل نحن جمعية وطنية تعنى بوعي الإنسان وتمكين الفئات المهمّشة وتمتين علاقتها بمحيطها، لذلك إضافة إلى تركيزنا على تصريف إنتاج العائلات المحدودة الدخل في معارضنا، نصرّ على مواكبة مسار تاريخ بلادنا ومصيرها عبر التوعية والتواصل الدائم. وما لقاء اليوم في هذه الظروف المتداخلة وطنياً وإقليمياً ودولياً إلا جزء من نشاط أساسي في برنامج عملنا.

لن أسترسل في الكلام مكان ضيفنا الكريم، وهو غني عن التعريف الدكتور سامي كليب الصحافي والباحث والأستاذ الجامعي

وأشكر بهذه المناسبة نائبة رئيسة التجمع ديما معلوف صاحبة الفكرة، وكذلك الزميلات السيدات في الهيئة الإدارية: ندى النجار، غادة شجاع، راغدة دياب، صباح قانصو، رجوى فيتروني، هناء الحاج، سلام حريق، وفاء بشارة، شادية المقداد وليلى حسان.

كليب

بعد ذلك استهل كليب كلامه بالقول: «أتشرف جداً أن أكون ضيفاً على هذا التجمُّع النسائي الذي يخدم الناس فعلياً ويطبّق الأفكار الحزبية فعلياً على الأرض كي لا تبقى شعارات، خاصة أنّ الكثير من الشعارات في لبنان ودول عربية كثيرة بقيت مجرّد شعارات. بعض الشعارات بل أبرز الشعارات التي لم يطبّق منها الكثير نرى اليوم أنها صالحة لهذا المجتمع أكثر من أيّ وقت مضى، عنيت أفكار الزعيم أنطون سعاده، حين نرى استشرافه لموضوع فلسطين، لمفهوم الدول العربية، ولإلغاء الطائفية وعدم توأمة أو مواءمة الدين مع السياسة في هذه الدول، نشعر أننا بحاجة إلى تطبيق هذه الأفكار التي ربما طُبِّق منها الشيء القليل جداً.

أضاف: أرحّب بالأسماء التي عرفتها في مستهلّ حياتي السياسية والإعلامية والتي بقي لها في قلبي مكان كبير، وحين أراها اليوم على نفس الخط أتأكد أنّ الخط الذي تنتمون إليه هو خط فعلاً صحيح ومهمّ ومحترم ونحن في حاجة إليه اليوم، وخصوصاً أنّ الشرفاء في هذا الخط لم يحيدوا عن خطهم. لذلك نودّ أن نميّز بين حزب وآخر في هذه الدولة التي تعيش مخاضاً عسيراً اليوم والتي تتوجّه للأسف نحو الانهيار.

وقال: إذا أردنا أن نعدّد المآسي الموجودة في هذا البلد، نأخذ الحياة اليومية للفرد. فهل يُعقل بعد عقود من نهاية الحرب ليس هناك كهرباء في لبنان حتى يومنا هذا؟ لماذا لا توجد كهرباء لأنّ هناك مافيات كما ذكرنا تتاجر بالكهرباء. هناك حلّ لهذه المشكلة لكن إذا طُبِّق فهذه المافيات ستخسر الكثير من الأموال. أما بالنسبة إلى المياه فإننا في بلد يطوف بالمياه من هنا في العاصمة حتى الجبال. فهل يُعقل أننا من ثلاثين سنة نشتري المياه؟ كذلك الأمر في الطبابة والتعليم والهواتف والإنترنتنحن من أكثر الدول غلاء فاحشاً. فإذا أراد رب الأسرة أن يدرّس أولاده في مدارس خاصة بعد أن ضُربت المدرسة الرسمية لعدة أسباب سياسية ودينية واجتماعية وغيرها، يتكلّف على الطفل الواحد مبالغ مرقومة في السنة. أما على صعيد الطبابة، فإنّ الإنسان عندما يتقدّم في السن يصبح لديه الهاجس الصحي لذلك نجد أنّ اللبناني يقضي سنوات عمره في العمل وجمع المال لأن لا ثقة له بالدولة ولا بخدماتها وليس لديه الحدّ الأدنى من الأمان الاجتماعي. بينما في المجتمع الغربي مثلاً لا يجمعون المال لأنّ الدولة تقدّم لهم معاشات التقاعد والطبابة وتؤمّن لهم حياتهم. ورغم ذلك فقد جمع اللبنانيون المال ووضعوا جنى عمرهم في المصارف ولكن للأسف وقع ما حذّر منه أصحاب الأخلاق في هذا البلد وتبيّن أنّ المصارف التي بنت اقتصادنا على الريع قد سرقت من الناس أموالهم بعد أن أوهمتهم بأنهم أثرياء بفوائد عالية جداً.

ولفت كليب إلى أن منظمة الشفافية الدولية وضعت لبنان على مؤشر الفساد  في المرتبة 137 وذلك بسبب النهب وغياب الإصلاحات، وهذا أمر مؤسف، وقال: في دراسة اجتماعية يتبيّن أنّ اللبناني كان يخجل أن يجاهر بسوء حاله لأنّ اللبناني يحبّ أن يعيش بمستوى معيّن حتى لو بالديون. وبالتالي لم تكن لديه الجرأة أن يعترف بمشكلة اسمها الفقر والعوز، وسببها الطائفية المتجذرة والتبعية العمياء للقادة والمسؤولين والمذاهب والطوائف عملياً. هذا كان يمنع أيّ تحرُّك ان يصل إلى مبتغاه. الناس لم تكن تتحرّك في السابق .

وقال: حين كنت أعود إلى البلد عدة مرات في كلّ عام، كنت أمرّ تحت نفق فيتوقف السير وكنت أسأل نفسي لماذا لا ينزل المواطنون من سياراتهم ويتظاهرون بجانب وزارة الأشغال، فقد تركت البلد وكان الوزير يمتلك 200 دولار وبعد أن عدت وجدت أنّ ثروته صارت 200 أو 300 مليون.

وختم: لماذا الناس لا تتظاهر وتعبّر عن مشاكلها. وصلتُ إلى نتيجة أنّ هذا الشعب من أكثر شعوب العالم تعرُّضاً للظلم ومن أقلّ شعوب العالم إدراكاً لحجم الظلم الذي يلقاه لأنه صار يتخيّل أنّ هذا أمر واقع. أصبح طبيعياً بالنسبة إليه أن ينتظر ساعات داخل نفق حتى يقطع مسافة قصيرة، وطبيعي أن ينتظر ساعات أيضاً في طابور حتى يمنّ عليه الموظف بمعاملة، وبات متأقلماً مع هذا الحجم من الفساد. لذلك السؤال هو ليس لماذا تحرّك الناس ونزلوا إلى الشوارع، السؤال هو لماذا تأخر تحرُّك الناس لكي ينزلوا إلى الشوارع حتى اليوم؟ وما الذي أدّى بنا إلى هذا المستوى؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى