اليوم البدء بحفر أول بئر نفطية ووفد توتال في بعبدا وعين التينة والسراي رئيس الجمهوريّة: يوم تاريخيّ سيذكره حاضر لبنان ومستقبله
أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن “لبنان سيشهد غداً (اليوم) يوماً تاريخياً، فهو سيفصل بين ما قبله وما بعده. وسوف يذكره حاضر لبنان ومستقبله، بأنه اليوم الذي دخل فيه وطننا رسمياً نادي الدول النفطية، الدول الغنية في أحد أهم مصادر الطاقة في القرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين لاقتصاديات البشرية المعاصرة. ويسعدني ان يأتي هذا الحدث في السنة التي تشهد فيها الجمهورية اللبنانية المئوية الأولى لإنشاء دولة لبنان الكبير”.
وشدد خلال كلمة توجّه بها الى اللبنانيين عشية إطلاق اعمال حفر اول بئر نفطية، على انه “كان على يقين منذ عودته بعد سنوات المنفى في العام 2005، ان هذا الحلم لكثير من المخلصين يجب ان يتحقق، وان ليس قدرنا أن نبقى عرضة أزمات تتوالد من بعضها البعض، وتحمل الينا اليأس من وطننا فنهجره او نغترب عنه او نتنكر له. إننا اليوم، اكثر من اي يوم مضى، مصممون على تحمل مسؤولية مواجهة سياسات اقتصادية خاطئة وتراكمات متلاحقة ومتعددة، ووضع حد لها بهدف وقف المسار الانحداري الذي أوصلنا منذ عقود الى ما نحن عليه. إرادتنا أن نواجه من اجل بقاء لبنان وديمومته، ونحيي الاطمئنان ونعيد دورة الحياة الى طبيعتها”.
وأكد الرئيس عون أهمية هذا الحدث الذي «سيشكل الحجر الاساس للصعود من الهاوية، ومحطة جذرية لتحول اقتصادنا من اقتصاد ريعي نفعي الى اقتصاد منتج يساهم فيه الجميع ويفيد منه الجميع، وعلى ان ثروتنا النفطية والغازية هي لجميع اللبنانيين من دون مواربة، والدفاع عنها سيكون بالشراسة نفسها التي تمّ فيها الدفاع عن الحدود البرية. وكما دافعنا وندافع عن حقنا المشروع في كل شبر من ترابنا الغالي، سندافع بالشراسة عينها عن حقنا في كل نقطة مياه من مياهنا الاقليمية التي تحمل ثروات نفطنا وغازنا. وعهدي لكم الا يكون هذا الأمر موضع مساومة او ارتهان.
وقال هذا الحدث كان من المفترض أن ينطلق في العام 2013، لكن صعوبات داخلية وسياسية حالت دون ذلك. وهل ننسى ما اعترضته من اضطرابات المنطقة تارة، ومن أحداث عصفت في وطننا طوراً؟ وكثيراً ما وقفت في وجه تحقيقه أطماع من هنا وإرادات من هناك، ومناورات من هنا وهنالك. ولا تخلو المناسبة من واجب شكر كل من كانت له أيضاً مساهمة في تحقيقه.
وكان رئيس الجمهورية استقبل في مكتبه في قصر بعبدا وزير الطاقة والمياه ريمون غجر ورئيس هيئة إدارة قطاع البترول وليد نصر، مع وفد من مسؤولي شركة «توتال» التي تتولى الحفر، ضمّ رئيس الشركة في الشرق الأوسط وأفريقيا ستيفان ميشال، نائب الرئيس الياس قسيس، المنتدب الى لبنان ايمانويل نحاس، المدير العام للشركة في لبنان دانيال الفاريز والمدير العام للإنتاج في لبنان ريكاردو داريه، وذلك استعداداً للخطوة المهمة في الحياة الاقتصادية الوطنية، حيث من المقرّر أن تبدأ الباخرة «Tungsten Explorer» خلال الساعات القليلة المقبلة بحفر أول بئر نفطية في المياه الإقليمية اللبنانية في «البلوك رقم 4» قبالة شاطئ كسروان – جبيل.
وقد اطلع الوفد الفرنسي الرئيس عون على الترتيبات المتخذة «لبدء اعمال حفر البئر خلال الساعات القليلة المقبلة والإجراءات المتخذة لذلك»، شاكراً «التسهيلات التي قدمتها الدولة اللبنانية للبدء بالحفر والذي سوف يستمر نحو شهرين».
وأكد ميشال ان «مشاركة «توتال» في هذا العمل المهم بالنسبة للبنان يؤكد عمق العلاقات اللبنانية – الفرنسية.
وشكر الرئيس عون الوفد على «مساهمته في تحقيق حلم اللبنانيين في استخراج النفط والغاز من أرضهم ومياههم»، لافتاً الى ان «هذا الحدث سوف يؤثر ايجاباً على الاقتصاد الوطني ويحدّ من الانعكاسات السلبية عليه».
وقال الوزير غجر: «قمنا مع شركة «توتال» ورئيس هيئة قطاع البترول بزيارة بروتوكولية الى فخامة رئيس الجمهورية، قبيل البدء بحفر أول بئر في البلوك رقم 4 الذي سيجري خلال الساعات والأيام المقبلة». ورداً على سؤال قال لم يتحدد حتى الآن لا التاريخ ولا الموقع بالنسبة الى البلوك رقم 9، وفي الفترة المقبلة ستعمل شركة توتال مع الهيئة على تحديد موقع البئر وتاريخ بدء الحفر فيه، لأن الباخرة التي تقوم بعمليات الحفر لديها برنامج عمل موزع على دول عدة.
وقال ميشال: «سنبدأ بعمليات الحفر وسنبذل جهدنا للقيام بها بأفضل الطرق الممكنة، بمعنى ان تجري بكل أمان بالنسبة الى الناس والبيئة ايضاً، لانها عمليات معقدة، لكن من صلب عملنا ان نقوم بها بإتقان. وسنعود بعد حين اليكم، بعد نحو شهرين او اكثر بقليل من أجل النتائج. لكنني لن اضيف شيئاً الآن لأنه لا يجب تحدي المستقبل، ويبقى ان الاولوية الاهم بالنسبة الينا هي ان ننجز هذا العمل بأفضل الطرق الممكنة بالنسبة الى لبنان والى شركة توتال. ففي النهاية سنقوم باستثمار الكثير من المال، مؤمنين بنتائج ما نفعله». ثم تحدث نصر، فقال: «ان العمل الذي قامت به وزارة الطاقة وهيئة ادارة قطاع البترول في السنوات الست او السبع الماضية سيتكلل غداً (اليوم) ببدء الحفر في البلوك رقم 4، نتيجة كل القوانين والمراسيم التي اتخذت والتحضيرات اللوجستية والإدارية التي أنجزت، مؤكداً ان القاعدة اللوجستية في مرفأ بيروت قد أصبحت جاهزة لتخدم عمليات الحفر، اضافة الى المروحيات في مطار بيروت، كما تم تأمين كل الرخص البيئية المطلوبة في الوقت اللازم. واعلن ان «الهيئة ستقوم بمتابعة اعمال الحفر بشكل يومي من خلال وجود فريق عمل منها على متن سفينة الحفر، اضافة الى وجود أفراد من الجيش اللبناني والأمن العام والجمارك على متنها لتأمين كل متطلبات عمليات الحفر. وسيصدر تقرير يومي عن هذه العمليات من قبل الهيئة، واطلاع الجمهور على كل التطورات التي ستحصل، خلال الشهرين التي ستستغرقها عمليات الحفر والشهرين الاضافيين لتحليل نتائجها. ونأمل ان تكون النتيجة ايجابية فنجد نفطاً او غازاً تمهيداً للمرحلة الثانية بحفر آبار جديدة وتقويم الكميات التي يمكن أن تكون موجودة».
وكان وفد توتال زار وغجر الرئيس نبيه بري، واعلن ممثل الشركة ستيفان ميشال أن باخرة الحفر قد وصلت الى لبنان وستبدأ عملها قريباً ونحن مرتاحون ومطمئنون جداً لهذه الخطوة المهمة والتي استلزمت الكثير من العمل والجهد، مشيراً الى ان عملية الحفر قد تستغرق شهرين بعمق 1500 متر تحت سطح الماء.
واجتمع رئيس الحكومة حسان دياب في السراي مع وفد شركة «توتال»، بحضور وزير الطاقة ريمون غجر، حيث اطلع من الوفد على التحضيرات لانطلاق عمليات الحفر في البلوك رقم 4 اليوم الخميس.