رئيسة إثيوبيا تناشد شعبها للتبرّع لبناء السدّ.. ومصر تعوّل على القانون في حلّ النزاع.. والسودان تتحفّظ على تدخّل «الجامعة»!
طالبت رئيسة إثيوبيا ساهلورك زودي، مواطنيها بـ»التبرع لاستكمال بناء سد النهضة الكبير»، مؤكدة أن «المشروع يعتبر نموذجاً للوحدة».
وقالت زودي في سياق إطلاق برنامج جمع التبرعات من المواطنين لدعم بناء سد النهضة، إن «السد أكثر من مجرد مشروع تنموي».
وأضافت الرئيسة الإثيوبية أن «سد النهضة الكبير، سلاحنا للتغلب على الفقر والأمل في التنمية المستقبلية»، داعية جميع الإثيوبيين إلى «تكرار الانتصار في معركة عدوة»، في إشارة إلى انتصار إثيوبيا على إيطاليا في آذار عام 1896، عندما حاولت إيطاليا غزو إثيوبيا في محاولة للتحكم بمدخل البحر الأحمر، واستعان الإثيوبيون حينها بأسلحة إنجليزية الصنع وبضباط إنجليز متقاعدين لتدريب القوات، واستطاعوا هزيمة الجيش الإيطالي.
وتابعت زودي: «كما يسمح هذا البرنامج الذي تمّ إطلاقه اليوم في حدث أقيم في القصر الوطني بجمع الأموال لبناء السدّ عن طريق إرسال رسائل قصيرة عبر الجوال».
وسيكون سد النهضة الإثيوبي أكبر مشروع للطاقة الكهرومائية في أفريقيا بمجرد الانتهاء من بنائه، حيث اكتمل الآن أكثر من 71% من المشروع، ومن المقرّر أن يبدأ ملء السد في تموز ومن المقرّر استكمال المشروع بالكامل في عام 2023.
وفي مصر، صرّح المهندس محمد السباعي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية والري المصرية، بأن «المادة الخامسة من إعلان المبادئ تفرض على إثيوبيا عدم تخزين المياه في سد النهضة إلا بموافقة مصر».
وأضاف السباعي، أن «المادة الخامسة الموقعة في كانون الأول 2015 هي المرجع الرئيسي لحل النزاع»، معرباً عن أسفه من «الموقف الإثيوبي وحديثه حول الملء بشكل منفرد».
وتابع: «ردود الأفعال الإثيوبية لا تتناسب مع موقف مصر الذي يتعامل بحسن النية»، لافتاً إلى أن «سد النهضة يولد 33% فقط من احتياجات إثيوبيا، وهو مخصّص للتصدير».
وتأكيداً لما ذكره المسؤول المصري، قال أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة في مصر، نادر نور الدين، في تصريحات لـ»آر تي»، إن «سبب عدم قدرة إثيوبيا ملء سد النهضة دون موافقة مصر هي المادة الخامسة من إعلان المبادئ لعام 2015».
وأوضح الخبير أن «وثيقة إعلان مبادئ سد النهضة تنص على أنه ينبغي لخبراء مصر والسودان وإثيوبيا الاتفاق على قواعد الملء الأول لسد النهضة ولا يجب الشروع في العملية إلا بعد الاتفاق».
وتابع: «تنص المادة العاشرة من إعلان المبادئ على أنه في حالة فشل الاتفاق حول قواعد ملء السد، فإنّه يتم الاحتكام إلى وسيط دولي تكون قراراته ملزمة للدول الثلاث ويحدّد قواعد الملء والتشغيل، وبالتالي لا يحق لإثيوبيا الشروع بعملية الملء الأول إلا بعد تنفيذ المادتين الخامسة والعاشرة والتوافق حول قواعد الملء والتشغيل».
أما في السودان، فقد تحفّظ على مشروع قرار من مجلس وزراء الخارجية العرب يؤكد تضامن الجامعة العربية مع موقف مصر الخاص بسد النهضة الإثيوبي.
وتقدّمت مصر خلال اجتماع المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية، بمشروع قرار يصدر عن الجامعة العربية يعرب عن «التضامن مع مصر والسودان في ملف سد النهضة لمراعاة مصالح دولتي المصب»، وتمت موافاة الجانب السوداني مسبقاً بمشروع القرار للتشاور حوله، مع التأكيد على أن قراراً كهذا يدعم موقف دولتي المصب مصر والسودان ويعكس الدعم العربي لحقوق مصر والسودان المائية.
إلا أنه خلال المداولات في جامعة الدول العربية، وعلى الرغم من بروز زخم وتأييد عربي موسّع من مجمل الأطراف العربية لمشروع القرار، لم يبد الجانب السوداني أيّ تحمس له، بل وطلب «عدم إدراج اسم السودان في القرار»، وأن الجانب السوداني قال إن «القرار ليس في مصلحته ولا يجب إقحام الجامعة العربية في هذا الملف، وأبدى تخوّفه مما قد ينتج عنه هذا القرار من مواجهة عربية إثيوبية».
ووفقاً للمصادر، أوضحت معظم الوفود العربية أنّ «دعم مصر والسودان من جانب الدول العربية لا يهدف إلى مواجهة أطراف أخرى، بل إنه واجب يتعيّن القيام به اتصالاً بملف يهدّد الأمن القومي العربي في مجمله».
وأشارت المصادر إلى «اندهاش الوفود العربية من تمسك السودان بموقفه المتحفظ حتى بعد حذف اسم السودان من مشروع القرار، وقصر مشروع القرار على حماية المصالح المائية لمصر».